صحافة دولية

كيف تحوّل نجاد من معجزة الألفية الثالثة لحليف الشيطان؟

فايننشال تايمز: أصبح نجاد شوكة في خاصرة النظام في وقت حساس جدا- أ ف ب
فايننشال تايمز: أصبح نجاد شوكة في خاصرة النظام في وقت حساس جدا- أ ف ب
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلتها في طهران نجمة بوزورغمهر، تقول فيه إن الفصائل المتشددة كانت تسمي الرئيس الثوري محمود أحمدي نجاد "معجزة الألفية الثالثة"، لكن يبدو أنه تغير إلى "حليف الشيطان"، كما وصفه أحد المتشددين.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أحمدي نجاد أصبح قوة تخريبية بشكل متزايد، محرجا أولئك الذين مهدوا له الطريق إلى السلطة، لافتا إلى أن السياسي الشعبوي، الذي شابت رئاسته تهم الفساد والقمع والعقوبات، زاد من انتقاده لزعماء النظام، واتهمهم بعدم الفاعلية، ويعتقد بعض المسؤولين أنه أثار بشكل غير مباشر الغضب ضد النظام، الذي أدى إلى مظاهرات في كانون الأول/ ديسمبر، التي هزت الجمهورية، وقادت إلى ما لا يقل عن 25 وفاة.

وتفيد الكاتبة بأن أحمدي نجاد بقي صامتا بشكل كبير منذ اندلاع الاحتجاجات، لكنه عاود هجماته في رسالة مفتوحة إلى المرشد الأعلى للثورة آية الله خامنئي، هذا الأسبوع، وتحدث عن الحاجة "لإصلاحات جوهرية"، واقترح إقالة رئيس القضاء، ودعا إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية سريعة، وقال إنه يجب إجراؤها دون "تدخل" من الجهات العسكرية؛ من أجل "إعادة ثقة الشعب". 

وتنقل الصحيفة عن سياسي إصلاحي، قوله: "رسالته للنظام هي، إن لم تأخذوا وجودي بشكل جاد فسأخرب لكم اللعبة.. وبطاقة القوة الوحيدة التي يملكها هي قوله (أنا موجود) وأن يستفز الناس".

ويلفت التقرير إلى أن هجمات نجاد تستهدف بشكل رئيسي المتشددين، وبينهم صادق لاريجاني وعلي لارجاني، اللذان يديران القضاء والبرلمان على التوالي، مشيرا إلى أنه أصبح شوكة في خاصرة النظام في وقت حساس جدا، حيث تواجه الجمهورية الإسلامية سخطا اجتماعيا، وضغوطا من أمريكا، بخصوص دورها في الصراعات الإقليمية وبرنامج صواريخها الباليستية.

وتقول بوزورغمهر إن النظام يبدو كأنه يعاني لاحتواء أحد شخصياته، حيث قال إسحاق جاهانغيري، وهو النائب الأول للرئيس الإيراني، لـ"فايننشال تايمز": "إن قضية أحمدي نجاد معقدة شيئا ما.. فهو ليس بمستوى ليخلق مأزقا للنظام، لكني أيضا أتساءل لماذا لا يتم التعامل معه".

وتورد الصحيفة نقلا عن القضاء، قوله بأن لديه "ملفات" على أحمدي نجاد، التي يعتقد المحللون أنها تتعلق بتهم فساد حصلت إبان رئاسته من عام 2005 إلى 2013، وقال مدعي الحكومة، فايز الشجاعي، العام الماضي إن "الخسائر التي تسببت بها قرارات أحمدي نجاد كثيرة جدا، ولا يمكن متابعة جميعها"، وأضاف أن هناك سبع قضايا ضد الرئيس السابق بـ"انتهاكات مالية"، خمس قضايا منها تتعلق بقطاع النفط. 

وينوه التقرير إلى أن بعض الإيرانيين يعتقدون أن هجمات أحمدي نجاد هي محاولة لصد أي احتمال لمحاكمته في قضايا ضده، مشيرا إلى أن الرئيس السابق ينكر ارتكاب أي خطأ، ويقول إن حكومته كانت "الأنظف". 

وتنقل الكاتبة عن أحد المطلعين في النظام، قوله: "نية أحمدي نجاد هي إنقاذ نفسه من التهم ضده، حتى لو كان الثمن تدمير سلطة المرشد الأعلى.. إنه يريد القول إنه وقع في المشكلات بعد مهاجمته للمرشد الأعلى، ويزيد من تكلفة محاكمته بتهم الفساد".

وتذكر الصحيفة أن أحمدي نجاد تسلم الرئاسة قبل 13 عاما، بدعم من خامنئي والفصائل المتشددة، الذين أرادوا مواجهة الإصلاحيين، بعد أن أتم الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي دورتين، لافتة إلى أن كثيرا من الإيرانيين يعدون رئاسة أحمدي نجاد هي الأكثر كارثية في تاريخ الجمهورية، حيث غاصت البلد في ركود اقتصادي عميق، وعزلت عن جزء كبير من العالم.

ويورد التقرير نقلا عن محللين، قولهم إن دعم خامنئي للشعبوية كان أكبر خطأ سياسي خلال فترة تولي خامنئي لمنصب المرشد الأعلى، حيث تسببت إعادة انتخاب أحمدي نجاد، المشكك في نزاهتها، لدورة ثانية عام 2009 بأكبر مظاهرات ضد النظام منذ الثورة الإسلامية عام 1979، واستمرت المظاهرات لأشهر، ومات حوالي 100 في الاضطرابات، وقال خامنئي مع خروج مئات الآلاف إلى الشوارع إن وجهة نظره أقرب إلى أحمدي نجاد، ما زاد غضب المتظاهرين.

وتبين بوزورغمهر أن اضطرابات كانون الثاني/ ديسمبر كانت الأكثر انتشارا منذ احتجاجات عام 2009، مشيرة إلى أنه منذ ذلك الحين تقوم النساء بتحدي سلطة النظام بنزعهن غطاء الرأس في الأماكن العامة، في مخالفة لقوانين اللباس للنساء.

وتجد الصحيفة أنه في مؤشر على قلق الحكومة، فإن الرئيس حسن روحاني فاجأ العديد عندما ألمح إلى استعداده إجراء استفتاءات حول القضايا التي تقسم المتشددين والإصلاحيين، وحتى أن خامنئي قال: "تخلفنا عن (إقامة) العدل.. ويجب علينا أن نعتذر إلى الله تعالى وللشعب العزيز"، لكنه أضاف أن نظامه ليس في خطر، و"يجب أن يعلم الجميع أن الجمهورية الإسلامية قوية، قوية جدا".

وينقل التقرير عن محللين محافظين وإصلاحيين، قولهم بأن شعبية أحمدي نجاد قليلة، لكن بإمكانه تشجيع الناس من خلال خطابه المعارض للمؤسسة. 

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول شخص مطلع من داخل النظام: "يبدو أن تحليل أحمدي نجاد هو أن غالبية الناس ضد المرشد الأعلى، ولذلك يريد أن يكون صوته أعلى من صوت الإصلاحيين.. وإلى الآن فإن سياسة النظام هي أن تقطع يديه بمحاكمة أكبر حلفائه، لكن إن فكر يوما في استهداف المرشد الأعلى فإنه سيوضع قيد الإقامة الجبرية مباشرة".
التعليقات (1)
حلو
السبت، 24-02-2018 02:02 م
نعم کان شيطان ؛ ملک مقرب ولکن بعد ....طُرد.... ودائما نعوذ بالله من الشيطان الرجيم و حلفاء و ... ومن يقدم بطريقة و يلفظ همساته...