اقتصاد عربي

هل يجمد السيسي ودائع المصريين في مشاريع تنمية سيناء؟

ذكر الله: الأرجح أن السيسي يخاطب طبقة رجال الأعمال التي تشكل أقل من 5% من الشعب المصري- جيتي
ذكر الله: الأرجح أن السيسي يخاطب طبقة رجال الأعمال التي تشكل أقل من 5% من الشعب المصري- جيتي

أثارت مناشدة رئيس سلطة الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، ما وصفهم بالمخلصين من المواطنين، ورجال الأعمال المصريين، بالمساهمة في تنمية سيناء التي تتكلف 275 مليار جنيه، تساؤلات كثيرة في الأوساط الاقتصادية.


وحذر خبراء اقتصاد من تكرار تجربة جمع أموال المصريين وتجميدها في مشاريع ليس لها أي مردود اقتصادي على الاقتصاد والمواطن، مثلما حدث في تفريعة قناة السويس.


وقال السيسي، أثناء افتتاحه قيادة شرق القناة لمكافحة الإرهاب، أول أمس: "إذا كنا احنا يا مصريين في مننا بيقدم أبناؤه ويضحي بهم لأجل البلد تعيش، فمحتاج من الجزء الباقي من المصريين وأجهزة الدولة والمستثمرين وكل وطني قادر، يساهم بشكل مستمر حتى نستطيع تنفيذ برنامج التنمية في سيناء، خلال الأربع سنين القادمين".


وعلق الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، على مدى جدية مناشدة السيسي للمصريين، قائلا: "تعودنا في الفترة السابقة أن كل ما يطلقه السيسي من تصريحات يكون وفق إعداد مسبق له، بغض النظر عن طريقة إطلاق التصريح أو الكلمات والتعبيرات التي يستخدمها السيسي، ويجب أن نأخذه على محمل الجد، لأنه يكون وفق رؤيه له، حتى وإن كانت غير صحيحة.


وأضاف ذكر الله في تصريحات لـ "عربي21": "على سبيل المثال عندما تحدث عن الفكة، وكان في إطار هزلي، بعدها بشهور قليلة تم تطبيق الأمر على شكل قانون وتم أخذه في الاعتبار من قبل البنك المركزي، دون أي سند دستوري".

 

اقرأ أيضا: هكذا يخدع السيسي المصريين في مشروعات تنمية سيناء

وتابع ذكر الله: "الأرجح أن السيسي يخاطب طبقة رجال الأعمال التي تشكل أقل من 5% من الشعب المصري، ولا يخاطب مجمل الشعب الذي يعيش الآن أكثر من 70% منه تحت خط الفقر، فلا يوجد ما يمكن أن يأخذه السيسي من هؤلاء البسطاء، إلا إذا كان السيسي ينوي الاستيلاء على جزء جديد من أموالهم وودائعهم الموجودة في البنوك، كما حدث سابقا في موضوع قناة السويس".


ولفت إلى أن "المدخرات البسيطة التي تملكها الأرامل وأصحاب المعاشات واليتامى كانت محل استهداف السيسي في المرحلة الأولى من مشروع تفريعة قناة السويس".


وحذر الخبير الاقتصادي، من إقبال السيسي على هذه الخطوة، مؤكدا أن البنوك المصرية تمر بأزمة عنيفة نتيجة لأمرين، الأمر الأول هو تطبيق اتفاقية "بازل3" في نهاية 2018، وإجبار البنوك المصرية على تعديل وتوفيق أوضاعها، طبقا لهذه الاتفاقية، والأمر الثاني هو تطبيق المعيار المحاسبي (IR9)، وهو يصب أيضا في نفس اتجاه اتفاقية "بازل3" في زيادة القواعد الرأسمالية للبنوك.


وأردف: "حتى طريق الاستيلاء على الودائع والسيولة الموجودة لدى بسطاء المصريين في البنوك هو طريق مسدود ومحفوف بالمخاطر لأنه يصب في اتجاه إضعاف البنكين الحكوميين المتبقيين".


وأشار ذكر الله إلى أن "السيسي لم ينجح حتى الآن في فرض السيطرة الأمنية على كامل شبه جزيرة سيناء، ولا يمكن لا رأس المال لا الوطني ولا الأجنبي أن يوافق على الاستثمار في منطقة هشة أمنية للغاية مثل هذه المنطقة".

 

اقرأ أيضا: تمديد عملية سيناء.. قضاء على الإرهاب أم على الأهالي؟ (شاهد)

وأكد أن "الذي يسيطر على كامل الاستثمار في سيناء هو الجيش، سواء بصورة مباشرة عن طريق القوانين والهيئات الموجودة على أرض الواقع في شبه جزيرة سيناء، أو حتى عن طريق الشركات التي يرأسها بعض رجال الجيش السابقين، وبالتالي فجميع رجال الأعمال يعرفون أنه لا طريق إلا طريق واحد فقط وهو طريق الجيش".


واستطرد أن "طريق الجيش ليس صعبا، ولكن وجود الجيش كوسيط بين المستثمر والدولة يفرض مزيدا من القيود القانونية والقيود الأمنية على حركة الاستثمار، وهو ما يزيد من تكاليف الاستثمار في تلك المنطقة"، لافتا إلى أن رجال الأعمال في مصر الآن يتجهون للاستثمار في المناطق الأكثر أمنا اقتصاديا خارج مصر، سواء في دول أوروبية أو دول عربية.


وقال الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب: "ما فهمته من مناشدة السيسي، هي أن الحرب على الإرهاب الموجودة في سيناء أضرت عددا كبيرا جدا من المواطنين في سيناء والمناطق المجاورة، والنتيجة حتى الآن غير ملموسة، ومن هنا حدث تغير في الفكر الاستراتيجي للدولة المصرية، وتولدت قناعة أنه للقضاء على الإرهاب بشكل فعال وجذري يجب إحداث تنمية في سيناء".


وتوقع عبد المطلب في تصريحات لـ "عربي21"، أن يتم إصدار مجموعة من القوانين واللوائح المنظمة عملية الاستثمار في سيناء، خلال الفترة القادمة، ووضع قائمة بالمشروعات ذات الأولوية، مضيفا: "في اعتقادي أن صلب هذه الاستثمارات قد يكون استثمارات حكومية، وتساهم الحكومة في هذه المشروعات برأس بـ 50% من رأس المال، وباقي رأس المال يموله المواطنون ورجال الأعمال بنظام الاكتتاب".


وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن هناك مجموعة من الدراسات لعينات عشوائية من المستهلكين المصريين كشفت أن نسبة استهلاك المصريين أكبر بكثير جدا مما يبدو عليه حال المواطن المصري، خاصة في المناسبات ومواسم العروض بالمتاجر الكبرى، وهو ما أعطى انطباعا لدى الحكومة أن هذا الشعب ليس فقيرا كما يبدو عليه الحال.

 

اقرأ أيضا: هذا مخطط تحويل حصة من مياه النيل لإسرائيل.. وموعد تنفيذه

وأضاف: "صحيح أن غالبية الشعب المصري لا تمتلك أصولا، لكن ربما هذا الاستهلاك الكبير مصدره تحويلات المصريين العاملين في الخارج، والتي تقترب حاليا من 20 مليار دولار (تعادل تقريبا قيمة إيرادات مصر)، وهذه الأموال تصرف غالبا في سلع استهلاكية بالداخل"، مؤكدا أن المجتمع المصري مجتمع غني، وهناك أموال كثيرة موجودة بالمنازل تبحث عن فرص آمنة للربح بعيدا عن الجهاز المصرفي للدولة.


وأردف: "إذا تمكنت الحكومة من إيجاد أدوات استثمار جيدة يستطيع المواطن المصري أن يستفيد بها استثماريا، وفي نفس الوقت تتيح للمواطن المصري أن يجدها عند طلبه أو حاجته لها في حالة حدوث أي طوارئ، أعتقد أن هذه الأموال ستشارك مشاركة حقيقية في الاستثمار بالاقتصاد المصري بدلا من ركودها "تحت البلاطه"".


وحول مدى استجابة المواطنين لمناشدة السيسي، للمشاركة في تمويل مشاريع تنموية في سيناء بنفس النسبة التي شاركوا فيها بمشروع تفريعة قناة السويس، قال عبد المطلب إن "هذا سيتوقف على أسلوب طرح هذه المشروعات، وإيجاد حالة من الثقة لدى المصريين بأن أموالهم ستكون في أمان، وعائدها الاستثماري جيد، ويمكن أن يستردوها عند الطلب في حالة حدوث أي مخاطر لهم".


وحذر الخبير الاقتصادي، من مداعبة غرائز المصريين، وتجميد أموالهم في مشاريع بنية تحتية وغير تنموية، لن تعود بالنفع على الاقتصاد المصري ولا المواطن في المدى القصير، كما حدث في مشروع تفريعة قناة السويس.

التعليقات (1)
محمد
الثلاثاء، 27-02-2018 08:15 م
منظر مقزز .