مقالات مختارة

"أعداء" الدولة!!

محمود سلطان
1300x600
1300x600

قد يبدو للبعض، أن مقولة "أنا الدولة" المنسوبة إلى لويس الرابع عشر، قد أحيلت إلى كراكيب الماضي الكئيب.. وأن وعي الشعوب والنظم قد بلغ من النضج على نحو لا يخلط بين "النظام" و"الدولة".. قد يبدو ذلك لكثير من الناس ومن النخبة أيضا، ولكن يبدو أيضا أن هذه لم تعد "مسلمة" أو حقيقة قد استقرت بشكل نهائي.. وما نراه الآن في مصر، يحملنا على أن نعيدها إلى مسارات التنوير السياسي من جديد.


المسألة ليست بسيطة، بل إنها باتت شديدة الخطورة، لأنها فتحت أبوابا كثيرة، لشيطنة المعارضة وتخوينها.. وأحالت أية ممارسة نقدية للسياسات الرسمية، إلى مؤامرة على الدولة.. وأصلت لقاعدة أن كل معارض هو بالضرورة "ضد الدولة".. ولم تقف هذه القاعدة عند حدود الترويع الإعلامي للمعارضين، وإنما تسللت إلى تكييف القضايا وأدلة الاتهام ضد كل من بدا لهم مزعجا وخرج عن حدود السمع والطاعة والتسليم بالرواية الرسمية وحدها، بلا مناقشة.

سمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو يطالب الإعلام بأن "يخدوا بالهم من مصر".. طلب الرئيس جاء في سياق لغة تبدو وكأنها مستاءة من الإعلام وأدائه.. وكأنه أي الإعلام "ضد مصر".. ولا ندري أي مصر يقصدها الرئيس: مصر الدولة أم مصر كما يجسدها الرئيس في رمزيته كأعلى سلطة تنفيذية للدولة؟


منذ أيام قليلة ألقي القبض على صحفية وزميلها بالإسكندرية، وهما في مهمة تغطية ميدانية، وأودعا الحبس الاحتياطي بتهمة إعداد تقارير مصورة، واستخدامها "ضد الدولة"!


يبدو المشهد، وكأنه مطلوب من كل مواطن، أن يثبت حسن نيته إزاء الدولة، فلا يتذمر من غلاء الأسعار حتى لا يكون ظهيرا لـ"قوى الشر" التي تتآمر على الدولة، ولا يسجل عدم رضاه على أداء الحكومة، وإن فعل بات ـ ليس فقط من أهل الشرـ وإنما الشر نفسه المتربص بالدولة!!


الصورة التي ينبغي تأكيدها، هي أن الجميع: حكومة (سلطة/نظام) ومعارضة.. كلهم وطنيون محبون لبلدهم ولدولتهم.. يختلفون في الاجتهادات والرؤى السياسية.. ويجتمعون على حب الدولة: وكما  يوجد معارضون للرئيس.. فإنه أيضا يوجد مؤيدون له .. المسألة في المحصلة الأخيرة، خلاف على الأداء وطريقة إدارة الدولة، هناك من يؤيد وهناك من يعارض؛ قسمة طبيعية في أي جماعة إنسانية متحضرة.


التهديد الحقيقي على الدولة، يأتي فقط، حال استخدمت الدولة للمزايدة وللترويع الأمني ولإخافة المخالفين وتعقبهم وحبسهم بوصفهم "أعداء الدولة".

 

المصريون المصرية

1
التعليقات (1)
ابو العبد الحلبي
الإثنين، 05-03-2018 08:31 م
عتاة القهر و الظلم و الديكتاتورية العالميون هم الذين يسيطرون على بلادنا من خلال أدواتهم المتمثلة بما يسمى حكام. بالنظر لكون آلتهم الإعلامية ضخمة و منها تستمد أجهزة الإعلام الأخرى الأخبار و التحليلات، لذلك استطاع طواغيت العالم رسم صور زاهية كاذبة لهم منها أن بلدانهم قلاع حرية و صناديق انتخابات و ليبرالية و تسامح ... إلى آخر ذلك من تضليل و خداع. إنهم فراعنة دوليون أصحاب رؤية "ما أريكم إلا ما أرى و ما أهديكم إلا سبيل الرشاد" ، لذلك فالإسلام بالنسبة لهم لا يمكن التعايش معه و لا بد من محاربته ، فرفعوا شعار "محاربة الإرهاب" و لكنهم يعنون فعلاً "محاربة الإسلام" و لا شيء غير ذلك. انظر إلى خارطة العالم لترى أن هنالك بلدان من النادر أن تأتي منها أخبار و إذا أتت فتكون الأخبار عادية أو أقل من عادية. لكن بلدان العالم الإسلامي مصدر ضخم للأخبار و للتحركات العسكرية و للقتل و للتدمير و لمحاربة الحريات و للقمع و للإذلال و للنهب و للظلم. ساذج من لا يعلم أن بلداننا مستهدفة بالشرور من دول و أجهزة مخابرات دولية تمارس كيداً و مكراً مستمراً تكاد تزول منه الجبال. سياسة (تكميم الأفواه في بلادنا و منع الناس من ممارسة حقهم باختيار من يحكمهم بحرية و نزاهة) هي من ضمن مهام "الحكام" الذين قام الاستعمار بتعيينهم. لم تكن الاستقلاليات المزعومة التي تحتفل بها دويلاتنا كل عام سوى ألاعيب بحتة ، و لقد أدرك الناس أنه لا يوجد أي استقلال في أي من بلادنا . لقد قام بشار ، مشكوراً (!) ، بفضح اللعبة فما أن رأى أن حكمه و طائفته يترنحان نحو السقوط حتى استدعى التدخل الخارجي من الشرق و الغرب فتبين أن البلد لم يكن و لن يكون مستقلاً قادراً على تدبير شؤونه بنفسه ما دام هؤلاء في "الحكم" . ها هي سوريا ، بعد حضور "بابا روسيا" و "ماما أمريكا" و "خالتو إيران" إليها ،عبارة عن كوكتيل سوء... كل بلد عربي مرشح لأن يكون فيه "بشار مستنسخ" و فيه "وضع شبيه بسوريا" إذا استمر مسلسل النوم و الصمت و الخوف لدى شعوب العرب.