حول العالم

دير شبيغل: كيف تخطط الحكومة الألمانية لتبريد الأرض؟

حذر باحثون من مغبة استخدام الهندسة المناخية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري
حذر باحثون من مغبة استخدام الهندسة المناخية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري

نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن المخطط الألماني لتبريد الأرض، حيث أعربت الحكومة الألمانية عن اعتزامها مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري؛ عن طريق تبريد الأرض بشكل اصطناعي. ويستند المخطط إلى فكرة السيطرة على الانبعاثات الغازية من خلال التدخل في مناخ كوكب الأرض.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن كل الإحصائيات المتعلقة بمعدلات درجات الحرارة أشارت إلى أنه بداية من سنة 2010، سيشهد كوكب الأرض موجة حر لم تعرف البشرية مثيلا لها منذ اندلاع الثورة الصناعية. على ضوء هذه المعطيات، يبدو أن كوكب الأرض مهدد بجملة من المخاطر نتيجة الاحتباس الحراري الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي لكوكب الأرض. ويُعزى ذلك إلى ممارسات الإنسان الذي يعمل على تلويث الأرض من خلال بناء المصانع والمولدات، علاوة على استخدام السيارات والطائرات.

وأكدت الصحيفة أنه على الرغم من أن اتفاق باريس للمناخ نص على ضرورة حصر ارتفاع درجة حرارة الأرض، وإبقائها دون درجتين مئويتين، إلا أن الانبعاثات الغازية لم تتقلص، بل ارتفعت في سنة 2017. من هذا المنطلق، فكر الباحثون في تبريد كوكب الأرض من خلال التدخل في المناخ.

في المقابل، حذر بعض الباحثين من مغبة استخدام الهندسة المناخية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. فقد أكدوا أن هذه الطريقة قد تؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة الغلاف الجوي بشكل يفوق كل التوقعات، لاسيما أن الإنسان يجهل التبعات السلبية التي يمكن أن تنجر عن الهندسة المناخية.

وأضافت الصحيفة أنه وفقا لمعلومات تحصلت عليها، تعمل الحكومة الألمانية على تقنين البحوث في مجال الهندسة المناخية البحرية، حيث يعمل بعض الخبراء على إضافة بعض المواد، التي تساهم في نمو الطحالب إلى مياه البحر. وقد طرحت السلطات الألمانية قضية تحمض المحيطات بواسطة المعادن على طاولة النقاش.

ونقلت الصحيفة على لسان كاتب الدولة لدى الوزارة الاتحادية للبيئة، وحماية الطبيعة، والبناء والسلامة النووية، فلوريان برونولد، أن "مشروع القانون المتعلق بالهندسة المدنية البحرية يهدف إلى أن تكون عملية إضافة بعض المواد إلى مياه البحر موجهة للبحث العلمي".

وأفادت الصحيفة بأنه وفقا لمشروع القانون المذكور أعلاه، تقتضي المشاريع العلمية في المستقبل الحصول على ترخيص. حيال هذا الشأن، أورد برونولد أنه "وفقا للقوانين الجديدة، ينبغي أن يتم منح التراخيص في هذا الصدد وفقا لأحكام القانون الدولي. من جهته، ينبغي أن يتعهد باعث المشروع بأن يحافظ على سلامة البيئة البحرية وصحة الإنسان".

وأوضحت الصحيفة أن مخطط الحكومة الألمانية فيما يتعلق بظاهرة الاحتباس الحراري لقي معارضة شديدة من قبل المتحدثة باسم حزب الخضر الألماني فيما يتعلق بالسياسة المناخية، ليزا بادوم، التي أفادت بأن "الهندسة المناخية قد تؤدي إلى تبعات سلبية غير متوقعة. من الواضح أن الحكومة الألمانية مستمرة في انتهاج سياسة مناخية عشوائية".


وعقبت بادوم قائلة إنه "عوضا عن التدخل في الطقس، يتعين على الحكومة الألمانية أن تبادر باتخاذ جملة من الإجراءات الفورية فيما يتعلق بالسياسة المناخية، على غرار التخلص التدريجي من الفحم وتوسيع المشاريع في مجال الطاقات المتجددة، بالإضافة إلى التخلص من محرك الاحتراق الداخلي".

واستشهدت الصحيفة بتصريح برونولد، الذي قال فيه إن "الحكومة الاتحادية الألمانية ملتزمة في نطاق سياستها المناخية بالحد من انبعاثات الغازات واتخاذ الإجراءات المتعلقة بالتكيف". وأضاف السياسي الألماني أنه "يجب أن تُجرى كل الأبحاث في مجال الهندسة المناخية البحرية وفقا للقوانين الدولية الجديدة وتحت قيود مشددة".

وذكرت الصحيفة أن كل نتائج الأبحاث المتعلقة بالهندسة المناخية البحرية كانت مخيبة للآمال. ففي سنة 2009، بادر فريق من الباحثين الألمان والهنود تحت إشراف معهد ألفريد فيغنر للأبحاث القطبية والبحرية بتخصيب مساحة قدرت بحوالي 300 كيلومتر مربع من جنوب المحيط الأطلسي باستخدام كبريتات الحديد. وقبل القيام بذلك، نظم عدد من دعاة حماية البيئة مظاهرات تنديدا بعملية تخصيب جنوب المحيط الأطلسي. كما شهدت الحكومة الاتحادية جملة من الخلافات الداخلية في هذا الغرض.

وبينت الصحيفة أنه بعد تقييم تجربة إضافة بعض المواد إلى مياه البحر، اتضح أن تحفيز نمو الطحالب لا يمكن أن يخزن إلا كمية صغيرة من الكربون. فعلى الرغم من أن الطحالب نمت في بداية التجربة، إلا أن مجدافيات الأرجل قضت عليها تماما. كما أظهرت التجارب السابقة أن قاع المحيط لا يقدر إلا على تخزين كمية صغيرة من الكربون. بالإضافة إلى ذلك، خلصت الدراسات النظرية المتعلقة بتخصيب المحيط باستخدام الزبرجد الزيتوني إلى أن هذا الإجراء قد لا يكون مفيدا على المستوى التطبيقي.

وفي الختام، أبرزت الصحيفة أن هذه النتائج السلبية لم تثن أنصار فكرة تخصيب المحيط عن مواصلة نشاطهم. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، أقدم مستثمر أمريكي على تخصيب الساحل الكندي المطل على المحيط الهادئ بجزيئات حديدية بمفرده، ما أثار حفيظة أنصار حماية البيئة. ومن المنتظر أن تقوم شركة أخرى بعملية تخصيب أخرى قبالة سواحل تشيلي خلال هذه السنة.

0
التعليقات (0)