مقالات مختارة

حرب دبلوماسية بين بريطانيا وروسيا

جهاد الخازن
1300x600
1300x600

روسيا ردّت على طرد «الدبلوماسيين» الروس من بريطانيا بطرد دبلوماسيين بريطانيين من روسيا، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال إن بريطانيا خالفت القانون الدولي لرفضها أن تشاركها روسيا في التحقيق في محاولة تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال. ابنة سكريبال يوليا سُمِّمَت معه فأسأل: ما ذنبها؟

وزير الخارجية الروسي يريد أن «يقتل القتيل ويمشي في جنازته» كما يقول مثل في بلاد المشرق العربي. الروس قتلوا ألكسندر ليتفيننكو سنة 2006، وزوجته مارينا لا تزال تطالب بالعدالة. وهم قد يقتلون جاسوسا سابقا ثالثا أو عاشرا إذا استطاعوا، بعد أن فاز فلاديمير بوتين بالرئاسة مرة رابعة يوم الأحد. هو عميل سابق في الاستخبارات الروسية، ولا يزال يتصرف كجاسوس أكثر منه كرئيس ودبلوماسي.

بريطانيا لها حلفاء في الخلاف المستمر وقد انضمت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا إليها في إدانة الهجوم على الجاسوس السابق، خصوصا مع استعمال عنصر الغاز السام للمرة الأولى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. والإدارة الأمريكية زادت من عندها عقوبات جديدة على روسيا شملت 19 شخصا وخمس منظمات دينت بشن هجمات إلكترونية، غير أن الكونغرس قال إن العقوبات التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب أقل مما طلب الكونغرس.

الحكومة البريطانية قد تشدد الخناق على أصحاب الملايين والبلايين الروس الذين استقروا في لندن، مثل رومان ابراموفيتش الذي يملك فريق تشيلسي لكرة القدم وبيوتا بأكثر من مئتي مليون جنيه في أغلى مناطق وسط لندن، ومعه الكسندر ليبيديف، وهو عميل سابق للاستخبارات الروسية «كي جي بي» اشترى مع ابنه ايفجني جريدة «ايفننغ ستاندارد» إحدى أقدم صحف لندن، وهي توزع الآن مجانا.

الولايات المتحدة سنة 2012 أصدرت «قانون ماغنتسكي» الذي يعطي المسؤولين الأمريكيين حق رفض إعطاء تأشيرة دخول (فيزا) لأي شخص مُدان بانتهاك حقوق الإنسان ومصادرة أمواله. الحكومة البريطانية لم تتّبع المثل الأمريكي بقانون مماثل وقالت إن عندها سلطات كافية لمعاقبة المخالفين.

رئيسة الوزراء تيريزا ماي أعلنت أنها قد تجمّد ممتلكات الحكومة الروسية في بريطانيا التي لها علاقة بهجمات داخل بلادها. هذا القرار قد يشمل طائرات «ايروفلوت» إذا ثبت أنها نقلت معتدين روسا إلى بريطانيا.

هناك أعداء لبوتين من الروس يقيمون في بريطانيا، مثل رومان بوريسوفيتش، وهو يأخذ جماعات من الناس، الروس غالبية بينهم، في رحلات داخل لندن لرؤية ثراء «الحراميّة» فأصحاب البلايين من الروس لهم ممتلكات في أغلى مناطق لندن مثل ساحة ايتون وساحة بلغريف، وحول متجر هارودز.

الحكومة البريطانية بدأت تشير إلى «النخب الفاسدة» الروسية في بريطانيا وتهددها، وروسيا تستطيع أن تطرد دبلوماسيين بريطانيين ردا على طرد دبلوماسييها من بريطانيا، إلا أنه لا توجد ممتلكات بريطانية تُذكَر في موسكو، أو أصحاب بلايين بريطانيون يقيمون هناك.

الصوت النشاز في كل ما سبق كان رئيس حزب العمال جيريمي كوربن الذي رفض داخل مجلس العموم البريطاني إدانة روسيا في محاولة قتل الجاسوس السابق سيرغي سكريبال، ودعا إلى التفاوض مع المسؤولين الروس. أقول عن نفسي إن الاستخبارات الروسية حاولت قتل سكريبال وابنته، وإن الأدلة ثابتة، فالعنصر الكيماوي السام نوفيتشوك أنتجته روسيا خلال الحرب الباردة، والزعم أنها دمَّرت المخزون منه في كذب الزعم أن سكريبال انتحر، أو أنني حاولت قتله.

الروس أغلقوا القنصليات البريطانية مع طرد الدبلوماسيين، وهذا يشمل القنصلية في سانت بطرسبرغ، وأيضا المركز الثقافي البريطاني. الحكومة البريطانية سترد فننتظر التفاصيل.

الحياة اللندنية

1
التعليقات (1)
اينشتاين
الثلاثاء، 20-03-2018 06:56 م
أهم ما في الموقف الروسي ينبع أساسا من التحول الرهيب على مستوى الإدارة المريكية بوصول شخص دونالد ترامب إلى رأس العمارة ، المسألة ليست بالبساطة التي يقارب بها البعض العلاقات بين روسيا وحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية التقليديين ، من منا يستطيع إنكار إمكانية وجود اختراق أمني للنسيج الخاص بأمن أمريكا القومي ، لا ينبغي الالتفات إلى روسيا بمعزل عن اللوبي الصهيوني المتحكم في دواليب الكونغرس ومجلس النواب الأمريكي ، لم يعد أمن الاتحاد الأمريكي أولوية الإدارة الأمريكية التي لم يحسم بعد تشكلها بصفة نهائية ، إلا إذا أخذنا أولوية أمن الكيان الصهيوني في الحسبان ، لذلك فإن روسيا اليوم ليست سوى ذلك البعد الاستخباراتي الخاص بالموساد الذي بذل مجهود كبيرا من أجل النيل من ثقة البريطانيين في أنفسهم ( العمل الاستخباراتي على قدم وساق ) ، لذلك وجب أن نأخذ هذا المنعطف الاستراتيجي في الحسبان .