كتاب عربي 21

دوامة 30 يونيو

آيات عـرابي
1300x600
1300x600
في مثل هذا الوقت منذ 5 سنوات ارتفعت درجة حرارة الحيز السياسي في مصر، وكان مقدراً في موعد تالٍ أن تمطر السماء علباً من العصير فوق ميدان التحرير وأن تقوم الطائرات بالتجوال راسمة قلوباً ولم يكن المتظاهرون العاديون الملوحون بالأعلام، يدركون أنه بينما كانت ابتساماتهم تتسع فرحاً بذلك الجو الكرنفالي كانت هناك سحابة سوداء تكشر عن أنيابها وأن صنابير من الدماء على وشك أن تنفتح فتغرق مصر وما حولها. 

المعركة وإن كانت في باطنها معركة سياسية بين تيارات أوغر صدرها لفشلها في الحصول على ظهير شعبي يؤهلها للمنافسة السياسية وبين تيار بدا ناجحاً فحصد عدة نجاحات، إلا أنها كانت تخفي خلفها انقلاباً عسكرياً وشيكاً. بعض من استدعوا الدبابات إلى ميدان التحرير وهم يدعون إلى انتخابات رئاسية مبكرة لم يفطنوا إلى ما وراء ظهورهم، وربما لم يفهموا نتيجة التمرد على ما اتفق عليه الجميع من قواعد بعد 25 يناير. 

كان الاتفاق غير المكتوب بين الجميع هو أن يعود الشعب إلى مقعد السلطة. أن يعود الشعب حاكماً من جديد وأن يختار حكامه بنفسه. كان التمرد على هذا الاتفاق غير المكتوب والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة يعني إعادة الشعب إلى المربع صفر. إلى زمن ما قبل 25 يناير حيث لم يكن يسمح لك بالاختيار. 

وبالتدريج سُلبت الحريات من الجميع, وبدأ العسكر بعد الانقلاب بسلب أول حق اكتسبه الشعب وهو حق التظاهر أو حق الاعتراض ورفع الصوت والرفض. بعض من استدعوا العسكر لم يدركوا هذا في حينه بكل تأكيد، لكن البعض الآخر كانوا يتصرفون وهم يعلمون أنهم يعيدون السلطة للعسكر. 

كانت نتائج 30 يونيو كارثية، فقد بدأ الانقلاب بوقف القنوات ومنع التظاهر. ثم كانت رسالة اعتقال وزير الشعب دكتور باسم عودة والذي رفض المشاركة في أول حكومة انقلابية. 

ثم جاءت مرحلة رابعة والنهضة. كانت الثورة المضادة الآن تكشف وجهها بلا خجل ولم يتوقف تأثير دوامة 30 يونيو على مجزرة رابعة، فقد ارتكب سفاح سوريا مجزرة الكيماوي في الغوطة في 2013 بعد مجزرة رابعة بأيام ولم يخف على أحد أن هذه كانت صدى لتلك. 

لقد سلمت مظاهرات 30 يونيو مصر والمنطقة من حولها لموجة من الكوارث لم تتعاف منها المنطقة حتى الآن. ودفعت سوريا ثمناً باهظاً بلا شك للثورة المضادة في مصر, فما إن ظهر الرئيس مرسي كحليف إقليمي للثورة السورية وبدا الطريق ممهداً لانتصارها في لحظة ما وقف فيها الرئيس مرسي ليقول (لبيك سوريا)، حتى وقع الانقلاب لتهب على سوريا أولى عواصف الثورة المضادة بعد أن اكتسحت ميدان رابعة مخلفة وراءها جثامين عدة آلاف من الشهداء وفالقاً اجتماعياً وسياسياً لم تعد الحياة بعده كما كانت.

ورغم هذه المشاهد الدامية إلا أن الأمر لا يخلو من الفكاهة وأنت تقارن الآن بين تلك العجرفة البادية على وجوه من طالبوا بانتخابات مبكرة قبل 30 يونيو وبين قلة الحيلة البادية على ملامحهم الآن وهم يتابعون التصريحات التليفزيونية لعسكري الانقلاب الذي جاء به تظاهرهم في 30 يونيو 2013. 

الباعث على الدهشة حقاً هو إصرار بعض هؤلاء على أن ما فعلوه في 30 يونيو كان أمراً صحيحاً. بل إن بعضهم يتمادى ويطالب المُصرين على شرعية الرئيس مرسي بالتراجع عن موقفهم. 

والحقيقة أن التمسك بشرعية الرئيس مرسي (حتى في ظل حالة السكون والركود الحالية) هو الحل الوحيد المتاح للحفاظ على تماسك المعسكر المناهض للانقلاب. 

والحقيقة أن أقوى سلاح امتلكه المعسكر الرافض للانقلاب وفي ظل غياب قيادة للحراك هو وجود الرئيس مرسي كرمز والحديث عن التنازل عن شرعية الرئيس مرسي أو محاولة النيل منها بأي طريقة هو دعوة للاستسلام. وهي دعوة لتكرار 30 يونيو من جديد وكأنما لم تكفهم نتائج 30 يونيو 2013.
1
التعليقات (1)
عبد الله الشامي
الأحد، 25-03-2018 10:48 ص
السلام عليكم الأخت الكريمة تحية طيبة وبعد:اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه بالنسبة للأخ مرسي فك الله أسره ونور بصيرته مازال يدعوا الى جاهليةوخدعة الديمقراطية التي أذاقت الويلات للمسلمين شرقاوغربا كنّا نظن ان السجن قد يفتح له البصيرة ويعيده الى الحق والصواب ،فقد كان أجدى به ان يكفر بالديمقراطية التي اوصلته الى ماهو فيه وان يدعوا أنصاره الى العزة والاباء ومقارعة فرعون مصر وجنوده وليس دعوتهم ليكونوا فريسة سهلة بكلاب السيسي المستعرة فيكونوا ابطال سجون بالمجان. مازال من محبسه يدعوا الى حكم الشعب وليس الى حكم الله فالاولى له ان يخلع عباءة الاسلام ثم يدعوا كغيره من العلمانيين الى الديمقراطية ولايلصق صفة الاسلام بهذه المهازل التي لم تأتي بخير . فهو لم يستفد من تجارب غيره في الجزاير وتونس والقائمة تطول وكفانا استجداءً وتسولاً من أعداءنا, العدل وحتى اليمقراطية الزائفة فالنراجع حقيقة مانريد وماندعوا له ونلبس العباءة الصحيحة ولانستعمل عباءة الاسلام في غير محلها مع عدم تشكيكي في صدقية ادعاءه للإسلام فلا شك لدي في محبته لهذا الدين العظيم وحرصه على نشر عدالته ولكنه اخطىءالطريق ولَم يصحح المسير ومع الأسف هو يلقي أنصاره في المهالك والسجون من اجل الديمقراطية العفنة فليدعوا الناس للموت في سبيل الله ،عسى ان يقبلهم من الشهداء ولايدعوا الناس الى ضلالة الديمقراطية والموت في سبيلها فيخسروا دينهم وآخرتهم وحتى دنياهم فلا تكوني ممن يقع الاثم عليهم في تأييد هذا المسار الخاطىء وتسالين عنه يوم القيامة فأنت مسءولة عن المنبر الذي تستعمليه فأعطه حقه أو اتركيه وجزاك الله خيرا ارجوا منك التعليق ان كان عندك اعتراض صحيح
مصري جدا
الأحد، 25-03-2018 03:06 ص
تعساء الحركة المدنية مدفوعة الاجر والتي كانت غطاء للانقلاب العسكري الدموي اعطت مصر على طبق من ذهب للعسكر الخبثاء كراهية في الاخوان الا..... ،،، قيادات هذه الحركة مازالت تقول حتى الان انها لا تهدف الى اسقاط النظام انما الى اصلاحه ،، نفس دوامة المعارضة الاسلامية والمدنية في عهد مبارك حتى ظهور حركة كفاية ثم الجبهة الوطنية للتغيير والتي استدعت مفهوم التغيير لا الاصلاح ،،، وعلى خلاف نهج الاخوان في التغيير الذي يعتمد التدرج والاصلاح تعلن الجماعة ومن حولها اسقاط نظام الانقلاب ،،، اي انه قد حدث تبادل للمواقع في الرؤية حول المشهد الراهن ،،، والواقع يؤشر ان كل من الحركة الاسلامية والمدنية اعجز ما يكون في تحقيق المقصود ،، فلا هؤلاء يستطيعون اصلاح النظام ولا هؤلاء يستطيعون اسقاطه ،،، لاعتبارات كثيرة اهمها تجاوز الزمن لقيادات كلا الفريقين ،،، الذين لا يملكون ادوات تحقيق متطلبات الواقع ولا طموحات المستقبل وفي نفس الوقت حريصون على البقاء في مواقعهم حجبا لاجيال جديدة من تصدر المشهد وتغيير الواقع والتقدم نحو المستقبل ،،،، الازمة الحالية في مصر ان قيادات العسكر والحركة الاسلامية والحركة المدنية ومن حولهم من ابناء جيل واحد وثقافة واحدة ،،، هو جيل الاخفاق وثقافة الاستحواذ واهدار الفرص ،،،، لذا فلا تنتظروا جديد حتى يتوارى هذا الجيل وتخرج القيادات القادمة من وراء الحجب