قضايا وآراء

طارق رمضان كقضية أوروبية

هاني بشر
1300x600
1300x600

ينتمي طارق رمضان إلى أوروبا، بحكم المولد والنشأة والتعليم ونطاق التأثير، أكثر مما ينتمي للعالم العربي.

 

ولذا ينبغي أن ننظر لقضيته بالمنظور الأوروبي وخاصة الفرنسي. كما أن اختزال القضية في مسألة الإسلاموفوبيا ليس مفيدا ويعد تبسيطا مخلا لصورة أكبر وأوسع، رغم أن للقضية أبعادا تتعلق بمسألة الصورة النمطية عن المسلمين والكراهية. 

وربما لا يعلم كثيرون أن مثل هذه القضايا متكررة مع عديد من الشخصيات الإسلامية في الغرب لأسباب مختلفة، ولم نسمع عنها لأن هذه الشخصيات ليست بشهرة طارق رمضان. وكثير منهم تثبت براءاته بعد سنوات من المحاكمة؛ لكن بعد أن يكون قد تم استنزافهم نفسيا وماديا ومن ناحية السمعة أيضا. والقاسم المشترك بين معظم هذه القضايا هو أمرين أساسيين وهما غياب الحملات الحقوقية الجادة وغياب آلية تواصل إعلامي حرفي مع الجمهور. 

ويعد الإعلام هو الساحة الأبرز التي تجري فيها محاكمة الشخصيات الإسلامية، بحق أحيانا وبغير حق في معظم الأحيان. ويمكن أن توجه أصابع الاتهام للعديد من وسائل الإعلام الغربية، لكن علينا ألا نغفل أن هناك شبه غياب لأية طريقة احترافية في تعامل معظم الشخصيات والمؤسسات الإسلامية مع وسائل الإعلام الغربية، في الوقت الذي يتعاقد خصومهم فيه مع صحفيين وشركات علاقات عامة لتشويه صورتهم. وليست مهمة هذه الشخصيات أو المؤسسات أن تحترف العمل الإعلامي بقدر مسئوليتها عن أن تولي هذا الجانب اهتماما أكبر عبر تعيين متحدثين محترفين لها وعمل خطط إعلامية للتواصل مع الرأي العام. 

أتذكر أن زميلا باحثا في إحدى الجامعات البريطانية أصدر دراسة اجتماعية. وقبل أن تنشرها الجامعة في وسائل الإعلام، أخضع القسم الإعلامي بالجامعة هذا الزميل لعدة جلسات تدريب للتعامل مع الصحفيين ومراجعة الأسئلة المتوقعة وأفضل الطرق للإجابة عليها والنجاة من الأسئلة التوريطية. كل هذا وقد كان الأمر يتعلق بدراسة اجتماعية، فما بالنا بقضايا شائكة وحساسة.

 

الأمر الذي لم نلمسه في التناول الإعلامي لقضية طارق رمضان. فبعد أشهر من غياب أي متحدث باسمه في وسائل الإعلام الفرنسية، أخيرا تم توكيل محامٍ جديد له أفحم الحضور في أول ظهور إعلامي له على قناة فرنسية. ونتمنى أن يكون هذا مقدمة للتعامل بشكل أفضل مع وسائل الإعلام وليس أمرا عارضا. 

الأمر الآخر يتعلق بالحملات الحقوقية الجادة. فليس منطقيا أن يكون اللجوء للمنظمات الحقوقية انتقائيا وقت الأزمات التي تمر بها الشخصيات الإسلامية العامة أو المؤسسات الإسلامية في الغرب. فهذا يصلح على مستوى الأفراد حين يلجؤون لهذه المنظمات حين تقع عليهم مظلمة.

 

أما على مستوى المؤسسات والشخصيات العامة فلابد أن تكون هناك شراكة حقيقة مع المنظمات الحقوقية ذات المصداقية وأن يتم دمج رسالة هذه المنظمات الحقوقية ضمن الخطاب الديني والاجتماعي للمسلمين في الغرب. لأنه من ناحية، يمثل جزءا من رسالة الإسلام ومن ناحية أخرى يمثل حماية لهم وقدرة على فهم آليات توثيق الانتهاكات والتعامل القانوني والسياسي معها.

 

وكان من المفترض، إن كان هذا الأمر متحققا، أن تكون قضية طارق رمضان على سلم الأولويات الحقوقية في ظل الانتهاكات العديدة التي يتعرض لها. وهي قضية تتشابه كثيرا مع قضايا سياسية مغلفة باتهامات الاغتصاب كقضية جوليان أسانج الذي أسقطت عنه النيابة السويدية تهم الاغتصاب بعد سبع سنوات أو الزعيم الماليزي أنور إبراهيم الذي برأته المحكمة من تهم الشذوذ بعد ست سنوات من الحبس الانفرادي. 

يستحق طارق رمضان تضامنا حقوقيا ومتابعة إعلامية أكبر مما يتم حاليا. والأهم من ذلك هو أن تصبح قضيته درسا نتعلم منه. إن كثيرون ومنهم الدكتور عبد السلام حيدر، أستاذ الدراسات العربية بجامعة بروكسل، يرون أن تأثير طارق رمضان الفكري والسياسي يفوق تأثير جده الشيخ حسن البنا. وبالتالي يعد اختزال مشروع الرجل ومجهوده في إطار نسبه العائلي إجحافا كبيرا له. وهي الصفة التي يحرص على تعريفه بها دوما أعداؤه في الشرق والغرب لحصره في إطار سياسي لم يعلن بنفسه أنه ينتمي إليه ولم يكن جزءا من قياداته أو منظريه يوما، رغم افتخاره بهذه الصلة التي يُسأل عنها في كل حوار صحفي تقريبا. 

5
التعليقات (5)
ناصح قومه
الأربعاء، 04-04-2018 10:54 م
إلى الأخ "إنشتاين" : أولا/ ليس لنا من غاية سوى ان يتعامل كل العرب والمسليمن - خاصة من هم في الغرب - مع قضية هذا الرجل عن بينة ؛ و هنا نكرر ما جاء في نصنا المنشور من ان هذا الرجل آذى نفسه و الأفكار التي يدافع عنها كثيرا قبل هذه الفخاخ التي نصبها له اعدائه وذلك بخرقه الدائم لضوابط الاسلام الخاصة بالتعامل بين الجنسين. وحتى لا ننشر مما هو تحت أيدينا شيئا يمكن ان يستخدمه أعدائه ضده؛ إليك هذا المثال عن خرقه الدائم لضوابط الاسلام حول التعامل بين الجنسين مما اعترف به و أقرّه في افاداته أثناء المكافحة مع الشاكية الثانية لدى الشرطة القضائية: لقد اقرّها في التفاصيل التي أوردتها عن لقائهما الأول و من ذلك - بعد جلوسهما فترة في بهو الاستقبال بالفندق - أنه اصعدها إلى غرفته (خلوة غير شرعية) و أنه غازلها. فهل يفعل هذا من يحرص على إتقاء الشبهات والاستبراء لدينه وعرضه مثلما يوجب الاسلام أو حتى من يستحضر تربص أعدائه به ؟؟؟ ثانيا/ إن أمرك لعجيب؛ تتسمى باسم احد عباقرة الغرب و تكتب بلسان العرب - أبين الألسن وأثراها وأدقها وأوجزها- ثم يستعصي عليك فهم مرادنا من "خلقا و شرعا" ؟ ليس من شيمنا اللف او الدوران و إنما ديدننا تحري الحق الأبلج و الظرف الأنسب للصدع به . لقد كتبنا حرفيا "... لكنه إسلاميا (اخلاقا و شرعا) ليس بريئا لثبوت تكراره خرق ضوابط الاسلام حول التعامل بين الجنسين و بذلك يكون قد انتهى كمسلم غربي ناشط". عندما يقوم مسلم بأنشطة عامة مرجعيتها الإسلام في مجتمع غير مسلم محكوم بسلطات تنفذ سياسات لا تتمرجع في الإسلام تكون مصداقيته وقيمته المعنوية رهنا لدرجة إلتزامه الشخصي بتعاليم الاسلام - وهي حالة رمضان - و حين يثبت تكرر عدم التزامه بها يفقد مصداقيته و تفقد انشطته معناها لدى أنصاره قبل خصومه فتتلاشى(وهذا ما نقصده بالإنتهاء أخلاقا). أما لو كان هذا المسلم في مجتمع مسلم تحكمه سلطات تنفذ سياسات إسلامية و ثبت خرقه للشرع فهو- زيادة عن فقد المصداقيه و الإنسحاب من النشاط العام - ينال العقوبة المقررة شرعا؛ وهذا ما قصدناه بالانتهاء شرعا(أي لو ان رمضان في ظل سلطات اسلامية لمجتمع مسلم وقدّمت ضده أدلة خرقه المتكرر لضوابط التعامل مع غير المحارم من النساء).
قارئة
الأربعاء، 04-04-2018 12:09 م
كلام و أفكار مهمة ، لكن كيف السبيل إلى تطبيقها في أرض الواقع حتى لا ينتهي بها الأمر أن تكون فقط كلمات مكتوبة في مقال ضمن عشرات المقالات الأخرى . أرجو من الكاتب أن يقدم أفكاره إلى الجهات التي يمكن أن تنفذها .
اينشتاين
الثلاثاء، 03-04-2018 10:54 م
إنك يا ناصح قومه : كمن يريد إلحاق شيء من الأذى بالسيد رمضان ، هل تستطيع ان توضح مرادك من عبارة ( اخلاقا وشرعا) من دون لف ودوران ؟
ناصح قومه
الإثنين، 02-04-2018 08:37 م
بعد ان شاهدنا تعليقنا على هذه المقالة مشورا تبينا سقوط بعض جمله؛ و لأهمية الموضوغ و للتاريخ نعيد ارسال التعلبق كاملا كما يلي. لا وجه للمقارنة بين الحالات الأخرى التي ذكرتها يا صاحب المقال؛ ما هو ثابت عندنا ان طارق رمضان ساعد كثيرا اعدائه على نفسه بكثرة خرقه مع أخريات و مع الشاكيات لما هو معلوم من الإسلام بالضرورة من ظوابط العلاقة بين الجنسين و منذ سنوات وقع تنبيهه لذلك بل و تحذيره من مغبة ذلك على سمعته كشخصية مسلمة عامة حتى من قبل أصدقائه من غير المسلمين المشاطرين للأفكار التي يدافع عنها. نعم هناك من نصب له هذه الفخاخ الأخيرة بسبب هفواته المتكررة في هذا الموضوع. غير ان ناصبي هذه الفخاخ علّموا ادواتهم (الشاكيات) امورا وغفلوا عن تعليمهن اخرى ضرورية لربح معركة قضائية بهذا الحجم. و فق القانون الفرنسي و كل قوانين الغرب لن تستطيع أي من المشتكيات اثبات جريمة اغتصاب لأن الأدلة المادية منعدمة و سلفا ثبت عن كل منهن الكذب في افاداتهن لدى الشرطة القضائية وهو ما يسقط المصداقية عنهن و يجعل حتى الإفادات الصادقة لا يعتد بها. لذا لن يثبت على رمضان أي جرم؛ لكنه إسلاميا(اخلاقا و شرعا) ليس بريئا لثبوت تكراره خرق ضوابط الاسلام حول التعامل بين الجنسين و بذلك يكون قد انتهى كمسلم غربي ناشط. ما تؤاخذ عليه فرنسا من عنصرية و تمييز يكمن في اصرارها على ابقائه في السجن و منع افراد اسرته من زيارته في حين ان المعمول به بعد انهاء الشرطة القضائية لعملها هو اخلاء السبيل ليتابع المتهم قضيته امام المحكمة وهو حر مع المراقبة الادارية.
ناصح قومه
الأحد، 01-04-2018 11:00 م
لا وجه للمقارنة بين الحالات الأخرى التي ذكرتها يا صاحب المقال؛ ما هو ثابت عندنا ان طارق رمضان ساعد كثيرا اعدائه على نفسه. نعم هناك من نصب له هذه الفخاخ الأخيرة بسبب هفواته المتكررة في هذا الموضوع. غير ان ناصبي هذه الفخاخ علّموا ادواتهم (الشاكيات) امورا وغفلوا عن تعليمهن اخرى ضرورية لربح معركة قضائية بهذا الحجم. و فق القانون الفرنسي و كل قوانين الغرب لن تستطيع أي من المشتكيات اثبات جريمة اغتصاب لأن الأدلة المادية منعدمة و سلفا ثبت عن كل منهن الكذب في الافادات وهو ما يسقط المصداقية عنهن و يجعل حتى الإفادات الصادقة لا يعتد بها. لذا لن يثبت على رمضان أي جرم. لكنه إسلاميا (اخلافيا و شرعيا) ليس بريئا منذ لذا فقد فقد انتهى كناشط مسلم غربي. ما تلام عليه فرنسا من عنصرية و تمييز يكمن في اصرارها على ابقائه في السجن و منع زيارته في حين ان المعمول به بعد انهاء الشرطة القضائية لعملها هو اخلاء سبيله ليتابع قضيته امام المحكمة وهو حر مع المراقبة الادارية.