مقالات مختارة

ندم سياسي

ماهر أبو طير
1300x600
1300x600

في المعلومات أن اكثر من دولة عربية تجري اتصالات لإصدار بيان سياسي، قبيل عقد القمة العربية المقبلة، من أجل عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، بعد أن تم تعليق عضويتها في الجامعة قبل سنوات، وتحديدا عام 2012، وفي وقت لاحق، منح المقعد للمعارضة السورية، ثم التراجع عن ذلك.

دول عربية عديدة تجاهر علنا، دون أي كلام عن كلفة الحرب، أو حتى التسوية السياسية، أو حتى الكلفة المفترضة على النظام، بضرورة عودة سوريا إلى الجامعة، وفي مطلع شهر آذار الفائت تحدث وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، منتقدا خلو مقعد سوريا، مطالبا بعودتها إلى الجامعة العربية.

المعلومات تتحدث عن قبول اكثر من تسع دول حتى الآن لهكذا توجه، وقد يكون الرقم اعلى، وهناك ممانعة من دول أخرى، لكن ما يمكن قوله أن هناك انقساما عربيا بشأن عودة المقعد إلى النظام السوري الحالي لاعتبارات كثيرة، خصوصا أن الملف السوري لم يعد ملفا عربيا أو محليا بالمعنى المتعارف عليه، بقدر كونه، ملفا إقليميا ودوليا تؤثر فيه عدة دول لاعتبارات كثيرة.

علينا أن نعترف هنا، أن هناك تغيرات في مواقف العديد من الدول، إزاء النظام السوري، وبقاء الأسد، بعد أن اقتربت الحرب من دخول العام الثامن، وللمفارقة فان الدولة السورية ذاتها علقت على ألسنة مسؤولين في فترات سابقة، بطريقة سلبية، ضد جامعة الدول العربية، وضد العودة، باعتبار أن هذا الأمر ليس مهما، لأسباب كثيرة.

 

هذا يعني أن حاجة دمشق للعودة إلى جامعة الدول العربية، على أهميتها، قد لا تبدو أولوية لدى النظام، مع التغيرات الميدانية الجارية حاليا، والتي مازالت متقلبة إلى حد كبير، ولم تؤد إلى حسم الأمور تماما داخل سوريا.

دول عربية عديدة، لم تعاد النظام السوري، ويمكن تعداد اكثر من خمس دول بقيت على صلة إيجابية بالنظام السوري، خلال سنين الحرب، لكن هذا الرقم ارتفع حاليا، بعد أن غيرت بعض الدول مواقفها، لاعتبارات كثيرة، وعلى الأرجح، فان دولا أخرى لن تمانع بعودة سوريا، اذا وجدت أن الاتجاه العام يميل إلى هذا الأمر.

ما يمكن قوله هنا، أن هناك استحالة حتى الآن، تمنع فصل موقف سوريا ووضعها عن العلاقة بالإيرانيين، وهذه مشكلة أخرى، تعرقل عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، في ظل معايير لبعض الدول التي ترى ضرورة وقوع الطلاق الكامل بين السوريين والإيرانيين، لاعتبارات كثيرة، تتعلق بالتوازنات في المنطقة، وعلى ما يبدو فان دمشق الرسمية، لن تختار جامعة الدول العربية، بديلا عن تحالفها مع ايران.

المعنى هنا، أن دمشق قد ترحب بعودتها إلى الجامعة دون شروط سرية أو علنية، وتحديدا على صعيد صلاتها بإيران، ..وهذا يقود إلى أن التيار الذي يأبى عودتها سيبقى هو الأقوى هذه الفترة، خصوصا، أن العودة أيضا يجب أن تخضع لتكييفات سياسية عالمية وإقليمية، تتجاوز فكرة الندم على إخراج سوريا، من جامعة الدول العربية.

 

لا تزال الأزمة السورية، عالقة، ولربما العام الثامن من هذه الأزمة، سيكون حاسما على مستويات كثيرة، فيما مجرد الدعوة لعودة سوريا من جانب دول عربية، تسجل عمليا، اعترافا بخطأ إخراجها من جهة، واحتفاء بما يحدث ميدانيا، وسعيا لإعادة خلط الأوراق، دون أي كلفة حسابية على أحد.

الدستور الأردنية

0
التعليقات (0)