ملفات وتقارير

بعد تلويح ترامب.. ما مدى واقعية الانسحاب الأمريكي من سوريا؟

مدرعات أمريكية في مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية- تويتر
مدرعات أمريكية في مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية- تويتر

أثارت التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول نيته الانسحاب من سوريا تساؤلات حول مدى واقعيتها، في ظل سيطرة واشنطن على مساحات كبيرة من موارد سوريا من غاز ونفط وأراض زراعية.

وقال ترامب قبل أيام إن موعد الانسحاب من سوريا اقترب، لكن تصريحات من جهات أمريكية أظهرت تناقضا مع حديث ترامب، ونفت وزارة الخارجية وجود أي خطط للانسحاب، في حين قال البنتاغون إن الرئيس لم يحدد أي موعد زمني للانسحاب ولا تغيير جوهري على خططنا هناك.

وكرر ترامب حديثه عن الانسحاب من سوريا خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض لكنه قال، "إن هناك دولا مهتمة ببقائنا هناك ومنها الرياض، لذلك عليهم الدفع".

ولفت ترامب إلى أن "وجود قواتنا في سوريا مكلف للغاية بالنسبة لنا ويخدم مصالح دول أخرى أكثر مما يساعدنا". مضيفا: "مهمتنا الأساسية هناك هي التخلص من داعش ولقد أنجزنا هذه المهمة تقريبا.. سنتخذ قرارا في وقت سريع جدا".

 

سوريا المفيدة

الخبير العسكري العميد أحمد الرحال، قال إن الرئيس ترامب يختلف مع أعضاء إدارته في هذا التوجه الذي ظهر بشكل مفاجئ ولم يستشر فيه البنتاغون وغيره من المؤسسات التي يتعلق بها القرار.

وأوضح الرحال لـ"عربي21" أن ترامب ليس قادرا على اتخاذ قرار كهذا بمفرده، وهناك مؤسسات أمن قومي ووزارة دفاع تتشارك في خطوة كهذه؛ لأنها مسألة تمس الولايات المتحدة ومصالحها في العالم ككل.

وأشار الخبير العسكري إلى أن تصريحات ترامب ضبابية وغير متوازنة مع الواقع الذي يجري على الأرض في سوريا اليوم، بل إن كل المؤشرات تصب في صالح تعزيز النفوذ الأمريكي في مناطق "سوريا المفيدة".

وأضاف: "عدم واقعية تصريحات ترامب ينبع من سيطرته على حقول النفط والغاز، ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية ومناطق على نهر الفرات وسد الفرات ومحطات توليد الكهرباء، وكل هذا لا يمكن التضحية فيه بسهولة".

ولفت الرحال إلى أن الولايات المتحدة الآن تسيطر على أكثر من 27 بالمئة من مساحة سوريا "المفيدة"، وهناك تنافس كبير مع الروس والإيرانيين وواشنطن تريد بالفعل تقليص نفوذهما بالمنطقة، والانسحاب يعني أن هذه الأطراف "ستنقض على التركة الأمريكية بسرعة".

وبشأن قوات سوريا الديمقراطية التي دربتها الولايات المتحدة ومصيرها في حال انسحاب الأخيرة من سوريا قال الرحال: "هذه القوات صنعتها واشنطن وتجمعها المصالح، وإذا ما جرى انسحاب فإن (قسد) ستتشظى وتقود كل قوة إلى المناطق التي جاءت منها".

وشدد على أن هذه القوات في حالة صعبة؛ لأنها استخدمت سابقا من قبل الروس وتم التخلي عنها والآن الولايات المتحدة تستخدمها، وفي حال حدث اتفاق سياسي، فإن أحدا لن يلتفت إليها وستقوم الدول الكبرى بالتفاوض بينها على ترتيب الوضع بعيدا عن هؤلاء.

 

ابتزاز الخليج

بدوره قال الكاتب والناشط السياسي سعد وفائي، إن ترامب يمثل شخصية "الكاوبوي" خلال الستينيات، وهو كشف عن استمراره في مسلسل ابتزاز الخليج والدول الفاعلة في سوريا وتهديدهم بالانسحاب من سوريا.

وأوضح وفائي لـ"عربي21" أن حديث ترامب غير واقعي وليس جادا وهو يستهدف السعودية، بعد أن قال إن عليها الدفع مقابل بقائنا في سوريا.

وشدد على أن ترامب مقبل على تقاسم تكلفة البقاء مع الخليج والحصول على الأموال فقط، إلى حين حدوث ترتيبات دولية للوضع في سوريا والجلوس حول طاولة المفاوضات .

وأشار وفائي إلى أن الولايات المتحدة في حال انسحبت قواتها من سوريا، فإنها ستنفذ السياسة ذاتها التي قامت بها عقب حرب العراق، وتترك المجال للشركات الأمنية التابعة لها لإدارة مصالحها.

ولفت إلى أن الوحدات الكردية ستبقى "يد أمريكا" في المناطق التي سيطرت عليها فيسوريا وأنشأت فيها قواعد عسكرية، لتكون موطئ قدم لها في منطقة لم يسبق أن بسطت نفوذها عليها.

وأضاف: "الولايات المتحدة دخلت سوريا لتبقى لا لتخرج منها، وهي جزء من ترتيب الوضع القادم لسوريا، وانسحابها يعني فقدان الموارد التي حصلت عليها، بالإضافة إلى تهميشها وعدم استشارتها بشأن ترتيبات المنطقة".

التعليقات (0)