اقتصاد عربي

هذه أسباب عزوف المستثمرين عن شراء السندات السعودية

 الدين العام السعودي ارتفع خلال 2017 إلى 116.8 مليار دولار مقابل 84.4 مليار دولار في نهاية العام الماضي- جيتي
الدين العام السعودي ارتفع خلال 2017 إلى 116.8 مليار دولار مقابل 84.4 مليار دولار في نهاية العام الماضي- جيتي

أعلنت المملكة العربية السعودية أن 65 بالمئة من أدوات الدين المزمع إصداراها مستقبلا ستكون بالعملة المحلية (السوق المحلي)، و35 بالمئة بالعملات الأجنبية الأخرى (السوق الخارجي).


وقال رئيس مكتب إدارة الدين العام بوزارة المالية السعودية، فهد السيف، في مؤتمر صحفي الأحد، إن الوزارة تناقش حاليا إصدار أدوات دين بآجال قد تصل إلى 30 عاما بدلا من 3 و5 و10 سنوات، مشيرا إلى أن الحكومة السعودية تهدف من إصدار أدوات الدين العام إلى تمويل مشاريع البنية التحتية وتطوير الميزانية والقطاع المالي.


وأكد خبراء ومحللو اقتصاد أن لجوء المملكة العربية السعودية لطرح أدوات دين بالعملة المحلية يؤكد صحة التقارير التي كشفت عن تراجع الإقبال على شراء أدوات الدين السعودي بالأسواق الدولية.


وقالوا في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، إن الاقتصاد السعودي خلال العامين القادمين سيواجه أزمة كبرى إذا لم تتحسن أسعار النفط، لافتين إلى أنه حتى الآن لا يوجد علاج هيكلي واضح للأزمات التي كشفت هشاشة الاقتصاد السعودي بعد تراجع أسعار النفط.


وبدأت المملكة، الأحد، تداول أدوات دين حكومية بقيمة 204.4 مليارات ريال (54.5 مليار دولار)، في سوق الصكوك والسندات المحلية. ولم تشهد هذه الأدوات، أية صفقات، في أول أيام تداولها في السوق.

 

اقرأ أيضا: نيويورك تايمز: هل تنجح خطط ابن سلمان في بناء اقتصاد جديد؟

وأكد الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله، أن "السعودية لجأت لطرح أدوات دين عام طويلة الأجل (30 سنة) بدلا من (3 و5 و10 سنوات )، لتجنب ما حدث مع مصر خلال الفترة الماضية عندما طرحت أدوات ديون قصيرة الأجل وعجزت عن السداد في الموعد المحدد، فاضطرت الحكومة المصرية لتحويل الديون قصيرة الأجل إلى متوسطة وطويلة الأجل.


وأضاف في تصريحات لـ "عربي21"، أن السعودية مضطرة لطرح أدوات دين "30 سنة" لتمويل ما أعلنته من مشروعات طويلة الأجل في ظل تراجع أسعار النفط وعدم وجود توقعات بانتعاشه قريبة في سوق النفط، فضلا عن الالتزامات الكبيرة التي تقع على كاهل المملكة سواء بالتزامات الاستعداد لحرب محتملة مع إيران أو بالتزامات شراء أسلحة أمريكية لتثبيت محمد بن سلمان على العرش.. أو غير ذلك".


وحول عدم إقبال المستثمرين على شراء أدوات الدين العام، قال ذكر الله إنه يعود لعدة أسباب أغلبها سياسي وليس اقتصاديا فقط، أبرزها توتر العلاقات بين السعودية وإيران، في ظل التصعيد غير المسبوق على كافة المستويات بين البلدين، بالإضافة إلى التكلفة الباهظة لحربها على جماعة الحوثيين في اليمن منذ نحو 3 أعوام.


وأوضح أن إعلان السعودية عزمها طرح 5% من أسهم شركة النفط العملاقة "أرامكو" في البورصة، أحدث تنافسية مع أدوات الدين، فأصبح أمام المستثمر خيار آخر بالاستثمار في أسهم شديدة الربحية والاستثمار بدلا من الاستثمار في أدوات الدين طويلة الأجل.

 

اقرأ أيضا: ميدل إيست آي: الأموال تهرب من السعودية بمعدل سريع جدا

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن حالة الضبابية التي يمر بها النظام السعودي لأول مرة منذ 70 سنة، خاصة بعد ما أحدثه محمد بن سلمان من زلزال القبض على بعض رجال الأعمال وبعض المتنفذين في العائلة الحاكمة (أمراء الصف الأول)، أثارت بعض الشكوك والبلبلة لدى المستثمر في جدوى شراء أدوات الدين السعودي.


وتابع: "أضف إلى ذلك تآكل الصناديق السيادية السعودية التي كانت تتباهى بها المملكة، وتؤكد أن لديها من الصناديق السيادية التي يمكن أن تعوضها عن خسائر تراجع أسعار النفط الخام عالميا عما كانت عليه منتصف 2014، وثبت بعد ذلك أن كل أموال الصناديق السيادية كانت وهما كبيرا ولا تكفي المملكة سوى أكثر من عامين أو ثلاثة أعوام على أقصى تقدير".

 

وارتفع الدين العام السعودي بنسبة 38% خلال 2017، إلى 116.8 مليار دولار، مقابل 84.4 مليار دولار في نهاية العام الماضي، وهو ما يعادل 17% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة مقابل 13.1% في 2016، وفقا لتقارير رسمية.

 

اقرأ أيضا: كيف تعيد الدول الناشئة رسم الخريطة الاقتصادية العالمية؟

وتساءل أستاذ الاقتصاد بجامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول، ورئيس الأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي، أشرف دوابة، عن الدوافع التي دفعت السعودية لطرح أدوات دين عام، وتحميل الشعب والأجيال القادمة بأعبائها، في ظل ما تعلنه دائما من امتلاكها لأكبر احتياطي نفطي في العالم، وأحد أكبر الصناديق السيادية العالمية.


وقال في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، إن لجوء المملكة للاقتراض يكشف مدى سوء الإدارة وتغلغل الفساد في النظام السعودي، وانحسار ثروات المملكة في يد أفراد العائلة الحاكمة وإنفاقها ببذخ في شراء الرضا الأمريكي والغربي، في حين تقترض الحكومة لتمويل عجز الموازنة الذي نتج عن انخفاض أسعار النفط واستنزاف مواردها في حروب اليمن وسوريا.


وأكد دوابة أن الاقتصاد السعودي هش يعتمد بنسبة 90% على النفط، وأن ترويج السعودية إلى أنها تمتلك اقتصادا حقيقيا ثبت أنه غير صحيح، لافتا إلى أن سفه إدارة ثروات المملكة التي يتبناها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تدفع الاقتصاد السعودي إلى مزيد من الأزمات خلال الفترة المقبلة.

 

التعليقات (0)