ملفات وتقارير

الدائرة المحيطة بالسيسي.. كثير من الجنرالات قليل من الوزراء

مراقبون يرون أن السيسي يعزز من قبضة الأجهزة الأمنية على حساب مؤسسات الدولة- جيتي
مراقبون يرون أن السيسي يعزز من قبضة الأجهزة الأمنية على حساب مؤسسات الدولة- جيتي

تصدرت المؤسسات العسكرية والأمنية في مصر المشهد سياسيا واقتصاديا وأمنيا الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب بالرغم من وجود حكومة وبرلمان يقلل مراقبون من قيمتهما وفعلهما.


وحذر سياسيون تحدثوا لـ"عربي21" من أن سياسة اعتماد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي على دائرة أمنية من المخابرات والأجهزة الأمنية كالأمن الوطني تهدد ليس بعسكرة الدولة فقط إنما بإفشالها وجرها إلى تصدر أسوأ نماذج الحكم في العالم.


ونقلت صحيفة الفايننشيال تايمز البريطانية، قبل أيام، عن أحد أعضاء حكومة السيسي السابقين قوله إنه ليس لديه إلا عدد قليل من المستشارين المدنيين، وكشف أن "السيسي يميل لاستشارة الجهاز الأمني وبالذات المخابرات العسكرية"، كما أنه "لا يحمل أي حديث أو كلام للمسؤولين السياسيين محمل الجد".


العسكر.. قوة خاوية


وفي هذا السياق يرى رئيس حزب البناء والتنمية السابق طارق الزمر أن السيسي "لا يعتمد على سياسيين أو أنصاف سياسيين في إدارة الدولة، ويمكن للمتابع أن يستنتج أن الدولة تدار بإدارة أمنية بدائية وعتيقة، ولا تستند بحال لأي معايير أمنية معتبرة؛ وهذا ما يجعلنا نرى مؤسسات الدولة تتفكك من بين أيديهم ولا يوجد ما ينظم أداءها غير ما يشبه الوحدات الخاصة التابعة للسيسي والتي تقتحم المؤسسات فيما يشبه الاحتلال الأجنبي".


وأضاف في حديث لـ"عربي21": "حتى المقاربة بين نظام السيسي ونظام عبد الناصر هي مقاربة ظالمة، فالأخير كان سياسيا مهما كانت درجة الاختلاف معه ومهما كانت أخطاؤه أو خطاياه، أما السيسي فهو لا يعلم شيئا عن أبجديات السياسة ولا يريد أن يتعلم بل يعتقد أنه يجب أن يعلم الناس تلك الأساطير المحشوة في ذهنه ولا ندري من أين أتى بها؟".


ويتابع: "النموذج الذي يسعى السيسي لبنائه هو نموذج كوريا الشمالية في مكان وزمان وخصوصية مصر التي لا يمكنها أن تحتمل هذا النموذج إلا إذا تصورنا عودة مصر للعصر الحجري مرة أخرى".


معيار الثقة وليس الكفاءة


بدوره يقول عضو لجنة الأمن والدفاع القومي في البرلمان السابق أسامة سليمان: "لا يستطيع أي مراقب إنكار أن حكم السيسي هو حكم العسكر الشامل لكل مفاصل الدولة المصرية، كالوزراء والمحافظين ورؤساء الهيئات والمحليات بل ونوابهم ومستشاروهم، ويتجاوز الأمر ليطال البعثات الدبلوماسية، والتحكم في كل ما هو مدني عبر مراقب يكون الآمر الناهي في المؤسسات التعليمية والثقافية والخدمية والدينية، وما حالة الضابط أشرف في المؤسسات الإعلامية منا ببعيد".


وفي حديثه لـ"عربي21" كشف سليمان الذي شغل منصب محافظ البحيرة في عهد الرئيس محمد مرسي أن "الجيش زرع لوبيات كاملة في كل مفاصل الدولة، إلى جانب دخول المؤسسات العسكرية في الاقتصاد المدني، والقطاع الخاص حتى أن القطاع الحكومي أسند كل مناقصاته وتوريداته للجيش".


دائرة السيسي المخابراتية


وأرجع الكاتب الصحفي، خالد بركات، اعتماد السيسي على دائرة أمنية مقربة في اتخاذ قراراته إلى أن "السيسي لم يأتِ للحكم عن طريق انتخابات نزيهة بل قام بانقلاب عسكري، وكما ذكر السيسي بنفسه في تصريحات إعلامية بأنه ليس رجل سياسة وهو تصريح عندما يصدر من أعلى منصب سياسي في مصر تعرف أن هناك خللا يصل إلى درجة الصدمة أو الجنون إذا شئت".


ويضيف في حديثه لـ"عربي21": "من المستحيل أن يمنح السيسي ثقته لأحد ولا أظن حتى لكافة الجنرالات من حوله، قد يشعر بالارتياح في التعامل مع ضباط مثله ولكن في الأغلب هو لا يثق إلا في دائرة صغيرة جدا تحيط به".


وتابع: "لعل أكبر دليل عملي على ذلك هو تولي اللواء عباس كامل مدير مكتبه لمنصب رئيس جهاز المخابرات العامة أكبر وأرقى جهاز أمني في مصر في سابقة لم تحدث من قبل وهو تقليل وإهانة كبيرة لمثل هذا الجهاز بما تحتويها هذه الخطوة من دلالات".


وأكد بركات أن "من النتائج الطبيعية لهذا الأسلوب والنمط في الحكم هو سيطرة هذه المجموعة الصغيرة من الجنرالات على كل مقاليد ومقدرات الدولة؛ وهو ما أدى إلى هذا الترهل والانحدار السياسي المشين الذي وصلت إليه الدولة المصرية داخليا وخارجيا".

 

التعليقات (0)