ملفات وتقارير

صراع كبير يفجره منصب "رئيس العراق".. هل عادت رمزيته؟

بعض الأطراف السنية تراجعت عن المطالبة بمنصب رئيس جمهورية العراق- أرشيفية
بعض الأطراف السنية تراجعت عن المطالبة بمنصب رئيس جمهورية العراق- أرشيفية

فجر منصب رئيس الجمهورية في العراق، صراعا جديدا بين القوى السياسية السنية والكردية، ففي وقت تطالب فيه جهات من الطرفين بإعطاء رئاسة البلاد للسنة، مقابل تخليهم عن رئاسة البرلمان للأكراد، فإن آخرين يعارضون ذلك بشدة.


فبعدما طالب الأكراد برئاسة البرلمان، وبرز اسم القيادي الكردي برهم صالح مرشحا أوفر للمنصب بعد الانتخابات، أعلن رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني، أن "منصب رئيس جمهورية العراق هو استحقاق للأكراد وسيبقى لهم".


وليس ببعيد عن ذلك، فإن قوى سنية طالبت بمنصب رئاسة الجمهورية، لأنه بحسب قولهم يمتلك صلاحيات واسعة لكنها بحاجة لقوانين تفعلها، إلا أن البعض منهم تراجع وبدا متمسكا برئاسة البرلمان، حسبما كشفت تصريحات نيابية.


صلاحيات رئيس الجمهورية


ولعل التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة، هو: ما صلاحية رئيس الجمهورية حتى بات يشكل أهمية قصوى ينادي بها الفرقاء السياسيون في العراق، بعدما أثبتت السنوات الماضية أنه منصب شرفي لا صلاحيات له؟

 

اقرأ أيضا: الأكراد يزهدون برئاسة العراق وعينهم على هذا المنصب

المحلل السياسي الدكتور عدنان التكريتي قال لـ"عربي21" إن "أهمية المنصب تجعل الأطراف تتسابق عليه، ففي السنوات الماضية استطاع الطرف الشيعي أن يجعل منه موقعا مساندا لهم من خلال اختيار شخصيات من الاتحاد الكردستاني المقرب من إيران".


وعلل ذلك التكريتي، بالقول إن "أي شخصية سنية عربية إذا ما تسلمت المنصب، فإنه سيراعي الامتداد العربي للعراق بشكل أو بآخر، لأن العراق بلد عربي بطبيعة الحال".


وعن صلاحيات رئيس الجمهورية، قال المحلل السياسي، إن "الدستور نص على أن الرئيس شريك في السلطة التنفيذية مع رئيس مجلس الوزراء، لكن قوانينه لم تعد بحاجة لتفعيل، أما رئيس البرلمان فإنه ليس تنفيذيا، إضافة إلى أنه مقيد بنائبيه".


وأوضح أن "العبارة الواردة في الدستور أن السلطة التنفيذية تتكون من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء يمكن تفعيلها إلى حد بعيد لأنها غامضة ما لم يتم تشريع قانون للسلطة التنفيذية وقانون للقيادة العامة للقوات المسلحة وهنا المعركة الحقيقية".


وأكد التكريتي أن "رئيس الجمهورية لا يمكن استجوابه ولا إقالته إلا بعد الحكم عليه بالخيانة العظمى، كما أن له أهمية في كونه قائدا أعلى للقوات المسلحة إذا ما تم تفعيله بالشكل الصحيح".


ومن حق رئيس الجمهورية، بحسب التكريتي، "رفض القوانين التي يصادق عليها مجلس النواب وإعادتها إلى مجلس النواب، كما أنه يستطيع رئيس الجمهورية التصدي لكافة القرارات والإجراءات غير الدستورية وإيقافها".


ولفت إلى أن "رئيس الجمهورية بإمكانه إرسال مشاريع القوانين، أما رئيس الوزراء فلا يستطيع ذلك بمفرده بل لا بد من أن يصدر عن مجلس الوزراء، وكذلك هذا الحق ليس لرئيس البرلمان".

 

اقرأ أيضا: ثلاثة مرشحين شيعة يتنافسون لقيادة حكومة العراق المقبلة

وذكر التكريتي أن "رئيس الجمهورية له ممثل يوازي أمين عام مجلس الوزراء في حضور اجتماع مجلس الوزراء وهذا يعطي فرصة لرئيس الجمهورية للاتصال المباشر بجميع الوزراء والتأثير عليهم". 


وشدد على أن "تهاون رئيس الجمهورية في الماضي أعطى الفرصة لتغول رئيس الوزراء، وهذه هي الميزات وهي كثيرة غالب السنة لا يدركونها لأنها لم تمارس عمليا".


لماذا تراجع بعض السنة؟


وما يثير التساؤلات أيضا، الحديث عن تراجع عدد من القادة السياسيين السنة عن المطالبة بمنصب رئيس الجمهورية مؤخرا، والتمسك بمنصب رئاسة البرلمان وجعله حقا للمكون لا يمكن التفريط فيه.


ورأى الباحث في الشؤون السياسية العراقية، نبيل العلي أن "من يرفض منصب رئيس الجمهورية من القادة السنة، هم فقط الذين فقدوا الفرصة في أن يكون هو الرئيس المقبل للعراق".


وأكد العلي لـ"عربي21" أن "المشهد السياسي السني يشهد صراع زعامات غير مسبوق، الأمر الذي قد يفقد المكون منصبا مهما بصلاحيات كبيرة يستطيع من خلاله أن يكون شريكا حقيقيا في السلطة التنفيذية".


وأوضح الباحث في الشؤون السياسية العراقية أن "من يتصدر اليوم ويفاوض للحصول على هذا المنصب المهم هم عدد من الشباب، لكن المنصب بحاجة إلى شخصية سياسية كبيرة وذات ثقل وازن بين جميع الأطراف السياسية".

 

اقرأ أيضا: حصري: سنة العراق يسعون لاستعادة منصب رئيس الجمهورية

وكانت النائبة عن حركة التغيير الكردية شيرين عبد الرضا كشفت أمس الثلاثاء، أن "قوى سياسية سنية ترفض استبدال منصب رئاستي الجمهورية والبرلمان خلال الدورة المقبلة".


وأضافت في تصريحات صحفية أن "أحزابا سنية أبدت ممانعة أولية بشأن المقترح الكردي لاستبدال منصب رئاسة الجمهورية التي هي من حصة الأكراد برئاسة مجلس النواب"، مؤكدة أن "المقترح سيطرح بشكل رسمي بعد الانتخابات".


يشار إلى أن الوزير السابق القيادي في التحالف الشيعي عادل عبد المهدي، قال في مقال سابق إن "نظامنا دستورياً هو نظام برلماني، لكنه تطبيقيا نظام رأسي، فقانون إدارة الدولة وزع السلطة التنفيذية بين مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ورئيسه، في المادة 35، أما الدستور فحصرها برئيس الجمهورية ومجلس الوزراء في المادة 66".


وأوضح أن "الفرع الأول/الفصل الثاني للدستور خصص بالسلطة التنفيذية لرئيس الجمهورية، وخصص الفرع الثاني لمجلس الوزراء، ولم يخصص فرعا لرئيس الوزراء. فمجلس الوزراء دستوريا من حيث الصلاحيات هو مرجعية رئيس الوزراء". 

 

ومن المقرر أن تجرى في 12 أيار/ مايو المقبل، الانتخابات البرلمانية في العراق، حيث إنها تعد أول انتخابات في مرحلة ما بعد الانتهاء من تنظيم الدولة.

التعليقات (0)