ملفات وتقارير

تزايد انتهاكات الأجهزة الأمنية بحق الصحفيين بالضفة الغربية

حاولت "عربي21" التواصل مع وكيل وزارة الإعلام فايز أبو عيطة، إلا أنه تحفظ عن الإدلاء بأي معلومات- جيتي
حاولت "عربي21" التواصل مع وكيل وزارة الإعلام فايز أبو عيطة، إلا أنه تحفظ عن الإدلاء بأي معلومات- جيتي

أظهر استطلاع رأي لمركز الحريات الإعلامية "مدى" (منظمة غير حكومية)، تصاعد انتهاكات الأجهزة الأمنية بالضفة الغربية بحق الصحفيين خلال العام الحالي.


ووفق بيانات الاستطلاع التي أجريت على 182 صحفيا من أعضاء نقابة الصحفيين، تبين أن 91 بالمئة من هؤلاء الصحفيين تعرضوا لانتهاكات من الأجهزة الأمنية خلال نشاطهم الصحفي في الميدان، أو من خلال استدعائهم للتحقيق على إثر موادهم الصحفية المنشورة، كما أظهرت النتائج أن 76 بالمئة من الصحفيين يرون أن القوانين في فلسطين لا تعزز حرية الصحافة.


تأتي هذه النتائج بعد أيام على توجيه الخارجية الأمريكية انتقادات للسلطة الفلسطينية في التعامل مع ملف حقوق الإنسان والمس بحرية العمل الصحفي والنقابي.


قانون الجرائم الإلكترونية


وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد صادق في 24 من حزيران/ يونيو 2017 على قانون "الجرائم الإلكترونية" الذي يسمح وفق المادة (20) للأجهزة الأمنية باعتقال كل شخص يستخدم الشبكة العنكبوتية في نشر أخبار من شأنها تعريض سلامة الدولة للخطر بالحبس لمدة لا تقل عن سنة أو بغرامة مالية تتراوح قيمتها من ألف إلى خمسة آلاف دينار أردني أو بالعقوبتين معا.


واستنادا لقانون الجرائم الإلكترونية اعتقلت الأجهزة في 8 من الشهر الجاري ستة صحفيين، بسبب منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بتهمة الذم والقدح والتشهير وتعريض سلامة الدولة للخطر في القضية المعروفة بالمركز الإعلامي لجامعة النجاح.


اقرأ أيضا: حكومة الحمدالله تصادق على قانون الجرائم الإلكترونية


بدورها، أوضحت الصحفية في موقع "العربي الجديد" والتي تجري محاكمتها في هذه القضية نائلة خليل، أن "واقع العمل الصحفي في الضفة الغربية مقيد بشكل كبير من قبل الأجهزة الأمنية التي لا تتوانى عن توجيه التهم للصحفيين بتهمة المساس بهيبة الدولة، كما أن الضفة الغربية أصبحت أشبه بدولة بوليسية تتحكم بها عناصر المخابرات، والتي تقوم بتوجيه النشاط الصحفي بما يخدم توجهات الدولة، وفي حال معارضتهم لسياستها يتم محاكمتهم استنادا لقانون الجرائم الإلكترونية".


وأوضحت خليل في حديث لـ"عربي21" أن "تدخل الأجهزة الأمنية في العمل الصحفي كان في السابق مقتصرا على شرطة المحافظة دون توجيه المتهم للعرض على النيابة أو تقديمه للمحاكمة، ولكن منذ بدء العمل بقانون الجرائم الإلكترونية أصبحت التهم جاهزة وهي المساس بهيبة الدولة وتقديم الصحفيين للمحاكمة في محكمة الجنايات الكبرى التي تم إنشائها استنادا لهذا القانون".


وأصدرت نقابة الصحفيين بداية هذا العام ملخصا لنتائج تقرير أعدته حول الانتهاكات بحق الصحفيين ووسائل الإعلام للعام 2017، حيث وثق التقرير 169 انتهاكا نفذتها الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية من بينها اعتقال واستدعاء العشرات من الصحفيين وإغلاق المئات من صفحات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.


عضو الأمانة لنقابة الصحفيين عمر نزال، أوضح أن "نقابة الصحفيين تنظر بقلق لمستوى الحريات الذي وصلت إليه الضفة الغربية في السنوات الأخيرة، وموقف النقابة منذ البداية وهو رفض تدخل الأجهزة الأمنية والقضاء في العمل الصحفي مع ضرورة إفساح المجال أمام الصحفيين لممارسة نشاطهم الإعلامي دون تضييق من أحد".


وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن "النقابة ساندت ودعمت الصحفيين في رفض التهم الموجهة إليهم وقامت بتكريمهم في يوم المحاكمة، كرسالة تحدي ورفض لما تقوم به السلطات بحقهم، كما أوكلت النقابة عددا من المحامين لمساندة الصحفيين في قضاياهم".


وحاولت "عربي21" التواصل مع وكيل وزارة الإعلام فايز أبو عيطة، لإعطاء تفاصيل حول هذا الموضوع إلا أنه تحفظ عن الإدلاء بأي معلومات.


تراجع مستوى الحريات


من جانبه، أشار المستشار القانوني في مؤسسة الحق الفلسطينية (منظمة أهلية) عصام عابدين، إلى أن "مستوى الحريات العامة في الضفة الغربية لا يتماشى في أي حال من الأحوال مع القوانين والتصريحات التي تنادي بها السلطة الفلسطينية في أنها من أكثر الداعمين لحرية الرأي والتعبير، فالحقيقة على الأرض تفند هذه الوقائع".


ونوه عابدين في حديث لـ"عربي21" إلى أن "المؤسسة ترصد يوميا حالات انتهاك لصحفيين ونشطاء حقوقيين من قبل الأجهزة الأمنية، خصوصا بعد المصادقة على قانون الجرائم الإلكترونية والذي كان بمثابة القشة التي أوغلت أيدي الأجهزة الأمنية في التدخل بالعمل النقابي".


وأوضح أن "قانون الجرائم الإلكترونية هو امتداد للنهج الذي تسير عليه السلطة الفلسطينية بتجاهل مؤسسات المجتمع المدني"، موضحا أن "ائتلاف منظمات المجتمع المدني كانت له ملاحظات على هذا القانون، وقدمنا توصياتنا لمجلس القضاء الأعلى بضرورة تعديل بنوده، نظرا لتعارضه مع المعايير الدولية، خاصة ما يتعلق بحرية العمل الصحفي والسماح بمحاكمة الصحفيين بتهم تقع تحت مظلة حرية الرأي والتعبير".

التعليقات (0)