صحافة دولية

صحيفة إسبانية: هل تطلق أوضاع سوريا شرارة حرب عالمية ثالثة؟

بغض النظر عن مدى صحة هذا التوقع أو غيره، فإن تطورات الواقع السوري تلعب دورا هاما في إكساب هذه التكهنات نوعا من المصداقية- ارشيفية
بغض النظر عن مدى صحة هذا التوقع أو غيره، فإن تطورات الواقع السوري تلعب دورا هاما في إكساب هذه التكهنات نوعا من المصداقية- ارشيفية

نشرت صحيفة "أراغون ديجيتال" الإسبانية تدوينة تطرق فيها الكاتب جورجي غاريس موثوتا إلى إمكانية توسع نطاق الصراع السوري وتأجج هذه الحرب، مشيرا إلى توفر عدة عوامل تؤكد ما تنبأ به الكثيرون، على غرار الضابط ألبرت بايك، بشأن اندلاع حرب عالمية ثالثة.

وقال الكاتب، في تدوينته التي ترجمتها "عربي21"، إن الهجوم المسلح الذي نفذه ائتلاف الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وحلفاؤهم، نفض الغبار عن رسالة الضابط الكنفدرالي الشهير، ألبرت بايك، التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر.

 

وتتمثل فحوى هذه الرسالة في جملة من توقعات بايك حول اندلاع ثلاث حروب عالمية، ستقوم آخرها على أساس الصراع بين الإسلام والصهيونية.

وأضاف الكاتب أنه بغض النظر عن مدى صحة هذا التوقع أو غيره، فإن تطورات الواقع السوري تلعب دورا هاما في إكساب هذه التكهنات نوعا من المصداقية.

 

ويبدو أن القضية السورية ساهمت في إرساء قناعة عند العموم باحتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة، علما بأن هذا المصطلح ليس حديث العهد، فقد سبق أن استخدمه البابا فرانسيس لبضع سنوات.

وأورد الكاتب أن سوريا مثلت معادلة صعبة خلال الفترة السابقة لما يسمى "بالربيع العربي". وتعتبر سوريا دولة ذات أصول مزيفة، وفقا للاتفاقية السرية لسايكس بيكو التي أبرمت بين المملكة المتحدة وفرنسا خلال الحرب العالمية الأولى.

 

وخلال السنوات الماضية، كانت سوريا أرضا خصبة لتلاقي المصالح الجيوسياسية والاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وتركيا، وإسرائيل، وروسيا، بالإضافة إلى الصين، وإيران، والمملكة العربية السعودية.

وبين الكاتب أن الكثير من الوكلاء الخارجيين الذين أقحموا أنفسهم في هذه الحرب يحاولون حاليا إيجاد حل للخروج من هذا المأزق.

 

ومن الواضح أن هؤلاء الوكلاء يعارضون مواقف الأطراف التي تنادي بضرورة "الإطاحة بالأسد"، مثلما هو الحال في الثورة الليبية التي أطاحت بالقذافي.

وأضاف الكاتب أن المملكة المتحدة وفرنسا كانتا دائما على مسافة قريبة من سوريا لسببين. أولا، تخفيف حدة الصدمة على البريطانيين على إثر خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى دورها كحليف مخلص للولايات المتحدة.

 

وثانيا، عدم قبول فرنسا "العظيمة" البقاء على هامش الأحداث، نظرا لأن تمركزها في المحور الفرنسي الألماني للاتحاد الأوروبي جعلها أضعف حلقة. 

وأشار الكاتب إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول، منذ فترة طويلة، مغادرة منطقة النزاع في الشرق الأوسط؛ وهذا ما يفسر سبب الحد من وجودها العسكري في المنطقة. ولكن هذا القرار لا يرضي إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

 

ومن جهتها، تلعب السعودية دورا محوريا في الصراع السوري، وفي مكافحة تنظيم الدولة، وفي القرارات المتخذة من قبل مجلس التعاون الخليجي.

ونوه الكاتب بأن إيران تسعى إلى دعم المصالح الاقتصادية والسياسية للعلويين الشيعة المؤيدين للحكومة السورية. كما تسعى طهران إلى حماية هذه الفئة من المملكة العربية السعودية. في الأثناء، تعمل الصين بدورها على الدفاع عن مصالحها الاقتصادية في سوريا ودعم روسيا في الآن نفسه.

 

ومن هذا المنطلق تساءل الكاتب، "هل هناك من يسأل المسلمين عما إذا كانوا يعتبرون أنفسهم منقسمين بين سنة وشيعة، كما يحلو للغرب أن يراهم؟".

وذكر الكاتب أن روسيا مثلت علامة فارقة في الصراع السوري لسببين. فمن ناحية، تعد روسيا ركيزة أساسية للحكومة السورية، ومن ناحية أخرى، يكافح هذا البلد من أجل إعادة إحياء أمجاده من جديد كقوة عالمية، وحماية مصالحه من الأطماع الأمريكية.

 

وقد مثل العرض المسرحي الذي قدمه فلاديمير بوتين حول الأسلحة النووية الجديدة، انعكاسا لمدى احتدام المنافسة العالمية، التي يبدو أنها أكثر وحشية من الحرب الباردة.

وأكد الكاتب أنه لن يتعمق في الخوض في مسألة استخدام الأسلحة الكيميائية ضد السكان المدنيين في سوريا، نظرا لأنه يجب انتظار صدور تحقيق محايد يوضح حيثيات هذه الواقعة. ومنذ اندلاع الحرب، عجزت الأمم المتحدة عن إيجاد مخرج لإعادة إرساء السلم في المنطقة، مبررة عجزها بأن الحل الوحيد لإنهاء هذا الصراع يكمن في تنحي بشار الأسد وحكومته عن الحكم.

 

ولكن إذا تساءلنا حول أجندة الأمم المتحدة بشأن مرحلة ما بعد خروج الأسد، لاتضح سبب إصرارها على اللجوء إلى هذا الحل دون غيره.

وفي الختام، نوه الكاتب بأن الاستهانة بالحديث عن نشوب حرب عالمية ثالثة واعتبارها مجرد تكهنات غير واقعية، يجعلنا شركاء في هذا الوضع الذي آلت إليه الحرب السورية، "التي بدأت تخرج عن نطاق السيطرة" جزئيا. ويعود سبب ذلك أساسا إلى غياب نوايا فعلية لكبح جماح هذا الصراع وإيجاد حلول جذرية له.

0
التعليقات (0)

خبر عاجل