مقالات مختارة

الملف اليمني "يسبق" السوري في أولويات المنطقة

ثريا شاهين
1300x600
1300x600

يتصدّر الموضوع اليمني واجهة الاهتمام العربي بالمقارنة مع الموضوع السوري. لكن لماذا هناك شعور بأن العرب لا يتدخلون، وكيف يمكن أن يتعاملوا مع الأزمة السورية بعدما قال الرئيس الأمريكي، بحسب مصادر ديبلوماسية، إن العرب يجب أن يكون لهم دور في سوريا.

مصادر ديبلوماسية عربية أوضحت أنه في مقررات القمة العربية كانت هناك فقرة محدودة حول سوريا، في حين أنه كانت فقرات مطولة حول اليمن. ما يدل على الأولوية العربية للأزمة اليمنية. والسبب يعود إلى أن العرب يتركون الدور الأساسي في سوريا للقوى الكبرى، باعتبار أنها يجب أن تقرر ما الذي يجب القيام به في ظل العامل الروسي، والدور الإيراني في الأزمة السورية، والأمور تخطت الإطار العربي الذي كان يشدد مثلا على دور مؤتمرات أصدقاء سوريا والشعب السوري. قد يكون هناك أفرقاء عرب يهتمون بالملف السوري أكثر من أفرقاء آخرين عرب، لكن بالإجمال لا توجد خلافات عربية حول الموضوع السوري.

إنما تطور الأزمة السورية تخطى كثيرا ما يمكن أن يكون للعرب من دور في ظل المواجهة بين الأدوار الدولية والإقليمية في سوريا. فهناك روسيا وإيران من جهة، وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية من جهة ثانية.

وبالنسبة إلى التعامل الدولي مع استخدام الكيماوي، فإن القمة العربية في مقرراتها، طلبت الانتظار حتى تنتهي لجنة التحقيق الدولية من عملها في دوما، وتقديم تقريرها للبناء على الشيء مقتضاه. وقد أجري تعديل في الصيغة خلال مناقشات القمة، بحيث صدرت المقررات بشكل أنه في حال ثبت لدى لجنة التحقيق استعمال الكيماوي، فيما الصيغة الأساسية كانت تتضمن تسليما باستعمال الكيماوي.

وتشير المصادر إلى أن مجموعة المعارضة التي كانت في الغوطة، كانت مدعومة عربيا، أي خليجيا. لكن لما كان النظام يريد الغوطة ليضمها إلى منطقة الوسط، حيث نفوذه في دمشق ومحيطها، قاومت هذه المعارضة. لكن كلما صمدت منطقة يستعمل النظام، بحسب المصادر، الكيماوي لجعلها تستسلم. وهذا ما ينطبق على كل المناطق التي ضمها النظام إلى سيطرته.

وبالتالي، لم يعد في سوريا أي توازن بين المعارضة والنظام. هناك إدلب حيث تستقبل كل المعارضة التي تنزح عن مناطقها في الوسط. لكن في إدلب، بحسب المصادر، تتواجد "جبهة النصرة" بكثافة. لذلك هناك مطالبة فرنسية بأن يستمر الوجود الأمريكي في شرق سوريا، لأن أي خروج منه، يعني ضم المنطقة إلى مناطق الوسط حيث سيطرة النظام وإيران. وبحسب رأي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يجب أن يستمر الوجود الأمريكي هناك إلى حين التوصل إلى حل سياسي. وفي المناطق الشمالية، حيث السيطرة التركية، تتواجد المعارضة. لكن تركيا تعطي الأولوية للموضوع الكردي، على حساب الأزمة السورية الشاملة. وفي الجنوب، حيث النفوذ الأردني، هناك معارضة، وهي تتواجد أيضا في ريف حلب لكن في جزء منه وليس كله.

وعلى الرغم من تحرك مجلس الأمن في السويد حول الأزمة السورية، إلا أن المصادر تتوقع أن تبقى سوريا بؤرة توتر لسنوات أو أن تبقى مناطق النفوذ مستمرة كما هي مقسمة. في كل الأحوال، الثورة لن تنتهي، ولن يستطيع النظام أن يحكم سوريا كاملة. لكن في الوقت نفسه ليس في استطاعة المعارضة أن تطيح به.

وفي هذا الوقت، تبقى الأولوية العربية لليمن. والخلافات انعكست على الاهتمام بالموضوع السوري. ومن العوامل التي أثرت أيضا في الموقف العربي، انه لم يكن هناك من إذن أمريكي بمنح المعارضة أسلحة مضادة للطيران، ولم يتم السماح للعرب أن يساعدوا المعارضة في هذا المجال.

وما عرقل الاهتمام العربي بدعم المعارضة التدخل الروسي العسكري القوي، الذي قلب كل الموازين. والأكثر من ذلك، إحجام أي فريق عربي أو دولي عن السعي لمحاربة الروس في سوريا. فدخل النظام إلى حلب على طريقة " غروزني"، أي اتبعوا نهج الأرض المحروقة. عندما دخلت روسيا على الخط لم يعد ممكنا لأي فريق أن يوقفها باستثناء الأمريكيين. وهم أثبتوا أنهم غير مستعدين لذلك. الآن يستطيع النظام أن يحكم المنطقة التي يسيطر عليها ولوقت طويل، إلا في حال انسحاب مفاجئ للروس، حيث ستعود المعارك، أو في حال حصول تغيير في المعادلات على الأرض.

المستقبل اللبنانية

0
التعليقات (0)