اقتصاد عربي

هل تهرب الأموال الساخنة من مصر.. إلى أين ولماذا؟

خبراء حذروا من ارتفاع محتمل بسعر الدولار مقابل الجنيه المصري- أرشيفية
خبراء حذروا من ارتفاع محتمل بسعر الدولار مقابل الجنيه المصري- أرشيفية

حذر خبراء في الاقتصاد المصري من ارتفاع محتمل بسعر الدولار مقابل الجنيه المصري في الأيام المقبلة، مرجعين السبب لهروب الأموال الساخنة من مصر للأرجنتين، التي رفعت سعر الفائدة إلى 40 بالمئة، وستتبعها فنزويلا.

وارتفع سعر الدولار مؤخرا بالسوق المصرية بعد فترة ثبات طويلة ليل أمس 18 جنيها، ما دفع محافظ البنك المركزي للقول، في 8 أيار/ مايو، إنه سيتدخل في سوق الصرف لو وصلت العملة لسعر غير مقبول.

والأموال الساخنة هي تلك الأموال التي يستثمرها الأجانب في أدوات الدين التي تطرحها الحكومات، مثل السندات وأذون الخزانة، وهي تتسم بسرعة الحركة والتنقل من سوق لآخر، ومن بلد لآخر، وبصورة مفاجئة، حيث تبحث عن أسعار الفائدة العالية.

وتكمن خطورة الأمر في أن الأرقام الرسمية رصدت هروب 2 مليار دولار من الأموال الساخنة من مصر بالفعل خلال شهر نيسان/ أبريل فقط، وأن استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية من تلك الأموال بلغت 23.1 مليار دولار بنهاية آذار/ مارس الماضي، فيما دخلت تلك الأموال تعاملات البورصة المصرية وخرجت منها بزيادة من 200 إلى 300 بالمئة، بحسب محللين.

أزمة بالدولار


وفي تعليقه، قال أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة "إسطنبول صباح الدين زعيم" الدكتور أشرف دوابه، إن هروب الأموال الساخنة من مصر أمر طبيعي في ظل الاتجاه لدى الحكومة لخفض سعر الفائدة، وإن كانت قد خفضته بالفعل فإنها ستقوم بخفضه مرة أخرى.

الأكاديمي المصري، أكد لـ"عربي21"، أن "الأموال الساخنة ستذهب لطرق أخرى، رغم وجود بعض مخاطر، سواء إلى الأرجنتين أو غيرها، وأن الأموال الساخنة بمصر جزء كبير منها سيخرج في هذا الإطار".

وحول تأثير خروج تلك الأموال من مصر، قال إنها "عبارة عن عمليات ضخ فقط للأموال في عجلة الاقتصاد، وليس لها أساس حقيقي في عملية التنمية"، مضيفا أن "خروجها له تأثير سلبي على عرض الدولار في السوق"، موضحا أن "الحكومة متجهة لعملية الاقتراض، وقد تقوم بعمل تعويض جزئي إذا زاد سعر الدولار".

تركيا أيضا

ويرى الباحث أحمد غانم، أنه عندما تقوم الحكومات برفع سعر الفائدة لامتصاص التضخم الموجود لديها، فإنها تقلل بذلك الأموال الموجودة بالسوق، وعندها يتجه الأفراد لإيداع أموالهم بالبنوك.

غانم، أضاف لـ"عربي21": "أما بالنسبة للأموال الساخنة، فهي أموال تستهدف مكسبا سريعا، وهذا يتم في عمليات الاستثمار غير المباشر، خاصة في أدوات الدين"، مؤكدا أن هروب الأموال الساخنة من مصر أمر "طبيعي لمنطقة فيها توترات"، موضحا أن "الأموال الساخنة بدأت تنسحب من مصر وتركيا أيضا، وأن هذا سبب رئيسي من أسباب هبوط العملة التركية، وتتجه تلك الأموال لأمريكا وأوروبا والاقتصاديات المستقرة".

عقبة كبيرة.. وهذا هو الحل


من جانبه، قال الباحث والمحلل الاقتصادي أحمد رمزي، إن الأموال الساخنة هي جزء من بنية الاقتصادات النامية، حيث ترتفع فيها المخاطرة، وبالتالي يرتفع أيضا الربح، ولا تنظر إلى تنمية أو دعم للاقتصاد، وإنما السعي يكون وراء الربح النهم فقط".

 

اقرأ أيضا: إجراءات إصلاحية تهدد رحلة خفض أسعار الفائدة في مصر

وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أن "ما حدث وسيحدث في مصر وغيرها من الدول الأخرى، هو البحث وراء المكاسب السريعة التي يحققها هؤلاء، وهو ما جعلهم يجدون ضالتهم بمصر الفترة السابقة، في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار الفائدة والاستفادة من حيازة سندات وأذون الخزانة المصرية، بل وإمكانية المضاربة على ارتفاع سعر الدولار لتحقيق مكاسب مزدوجة".

وأضاف رمزي: "وقد يكون خروجهم إلى الأرجنتين وغيرها مناسبا في ظل ارتفاع أسعار الفائدة في تلك الدول، وقد يكون قرار المركزي المصري بتثبيت سعر الفائدة الأخير جزءا من المحافظة على جاذبية أذون وسندات الخزانة للأجانب، وبذلك يمكن أن يراجع هؤلاء قراراتهم في ظل الارتفاع المرتقب لأسعار الفائدة مرة أخرى بمصر، في ظل التوقعات بعودة معدل التضخم للارتفاع بالتزامن مع المزيد من الإجراءات التقشفية المنتظرة لدينا".

وأشار إلى أن "الأموال الساخنة تظل عقبة كبيرة تواجه الاقتصاد المصري، وأعتقد أن الحل البديل لها هو جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي يساهم في الإنتاج وينعكس على الاقتصاد".

وشدد الباحث المصري على أنه "يجب أن تبحث الجهات التنظيمية في مصر كيفية تسهيل وتيسير أنظمة التعامل مع المستثمرين الأجانب، بحيث يستطيع المستثمر الأجنبي إنهاء جميع تراخيصه في اليوم ذاته، كما يستطيع أن يدخل إلى السوق وهو يعلم أن منافسه لا يحصل على إعفاءات ضريبية، بل يصبح الجميع تحت النظام سواسية".

وحول السياسات الجاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر، أكد أنها " كثيرة جدا، لكن التركيز حاليا على حركة الدولار، ورفع الاحتياطي الأجنبي، بما يحقق قدرة الدولة على الاقتراض، وهذا يختلف تماما عن التركيز على الإنتاج، وخلق جو من المنافسة".

لهذا ارتفع سعر الدولار

الخبير مصطفى عبد السلام، أشار إلى أن الأرجنتين رفعت سعر الفائدة إلى 40 بالمئة لمواجهة أزمتها الاقتصادية، وهروب الأموال منها، فتدفقت عليها الأموال الساخنة من كل حدب وصوب، متسائلا: فهل تغادر تلك الأموال دولا أخرى منها مصر؟

 

اقرأ أيضا: أسعار الفائدة بمصر تصطدم بتخارج مستثمرين من أدوات الدين

وأكد عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن الأرقام الرسمية تقول إن 2 مليار دولار من الأموال الساخنة خرجت من مصر خلال شهر نيسان/ أبريل فقط، وهو ما يفسر الزيادة الأخيرة في سعر الدولار، حيث أدى خروج هذه الأموال إلى زيادة الطلب على العملة الأمريكية، وبالتالي ارتفاع سعرها.

وقال: "لطالما حذرنا من هذه الأموال، وطالبنا الحكومة الاهتمام أكثر بالاستثمارات المباشرة التي توجه لمشروعات إنتاجية بدلا من جذب أموال ساخنة يمكن أن تغادر البلد في أي لحظة، إذا ما وجدت دولة تمنحها سعر فائدة أعلى مثل الأرجنتين، وربما فنزويلا، في الأيام المقبلة".

التعليقات (0)