سياسة عربية

تقديرات إسرائيلية: ما بعد عباس فوضى وصراع وقلق بتل أبيب

عباس ظهر في لقطات وهو يتجول داخل المستشفى أمس لأظهار حالته الصحية- تويتر
عباس ظهر في لقطات وهو يتجول داخل المستشفى أمس لأظهار حالته الصحية- تويتر

أولت الصحافة الإسرائيلية أهمية للحديث عما أسمته اليوم التالي لغياب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وما أسمته بداية النهاية لسلطته السياسية، وتأثير ذلك المتوقع على الوضع الأمني في الضفة الغربية، والموقف الإسرائيلي من هذه التطورات.

وذكر عاموس هارئيل الخبير العسكري بصحيفة هآرتس أن "تضارب الأنباء حول صحة عباس تظهر ما يمكن وصفه نشوء تحالفات مؤقتة بين كبار رجالات السلطة الفلسطينية، رغم محاولاتهم تخفيف الحديث عن تدهور حالته الصحية، لكن رام الله تعيش هواجس وإشاعات متزايدة حول الحقيقة التي تحاول السلطة إخفاءها عن الجمهور الفلسطيني".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "كبار الضباط في أجهزة الأمن الإسرائيلية باتوا يتحدثون بجدية بين بعضهم عن أفول سلطة عباس، دون وضع تقدير زمني دقيق لظروفه الصحية، ما قد يشكل بشرى سارة لمعسكر اليمين الإسرائيلي الذي سيطالب باستغلال هذه الفرصة للقيام بخطوات أحادية الجانب في العلاقة مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، لكن أجهزة الأمن الإسرائيلية ترى أن القيام بالعكس هو الصحيح".

وأكد أن "التنسيق الأمني مع عباس يعتبر كنزا استراتيجيا لإسرائيل، يجب المحافظة عليه لدى ورثته، ففي ظل انعدام الأفق السياسي، وعدم استعداد الجانبين لتقديم تنازلات سياسية، يبقى التنسيق الأمني والعلاقات الاستخبارية مع الأمن الفلسطيني تساعد بوقف التدهور الميداني".

 

ولفت هارئيل إلى أنه يشهد على ذلك "عشرات العمليات التي أحبطتها تلك الأجهزة، سواء بعدم إيذاء الإسرائيليين الذين يدخلون المناطق الفلسطينية بالخطأ، أو مواصلة السلطة اعتقال عناصر حماس، بعضهم متورط في التخطيط لعمليات ضد إسرائيل، كل ذلك انسجاما مع سياسة عباس".


وأشار إلى أنه "في حال قرر عباس التنحي طواعية عن الحكم، أو لم تعد ظروفه الصحية تساعده على البقاء في السلطة، فإن هوية وريثه غير واضحة حتى الآن، كونه يمسك بثلاثة مواقع قيادية: رئيس السلطة، ورئيس منظمة التحرير، ورئيس حركة فتح، وفي ظل تعقيد الوضع القانوني في الأراضي الفلسطينية، وبسبب حالة العداء بين فتح وحماس، وامتناع عباس عن إعلان دعمه لمرشح بعينه يخلفه في الحكم، فإن كل ذلك من شأنه إدخال عملية الوراثة في تعقيدات كبيرة".

 وشدد على أن "التقدير السائد في تل أبيب اليوم أن يخلف عباس في حال أي طارئ مجموعة قيادية من كبار قادة فتح، ذوي خبرة دبلوماسية، وممثلين عن أجهزة الأمن، إلى حين اتضاح هوية الرئيس القادم للسلطة، مع تداول أسماء جبريل الرجوب ومحمود العالول وماجد فرج".

آساف غيبور الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية بصحيفة مكور ريشون قال إنه "في كل مرة يتم الحديث فيها عن الوضع الصحي لعباس تظهر مسألة وراثته، باستثناء الإعلام الفلسطيني الذي لا يبدي انشغالا بذلك، ويمتنع عن صب المزيد من الزيت على نار الصراعات التي قد تنشب بين المتطلعين لخلافته، بحيث أن من يرى في نفسه مؤهلا لذلك لا يسارع لرفع رأسه، حتى يتضح له أن الأمور تقترب من نهاياتها بصورة فعلية".

وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أنه "في ظل إمساك عباس بمواقعه القيادية الثلاثة فإن من الصعب أن نرى قياديا فلسطينيا قادرا على الإمساك بزمام السلطة، وتركيزها بيديه وحده، ما يرجح توزيعها بين عدد من القادة الفلسطينيين، حيث تتزايد الترشيحات ومن بينها: رامي الحمدالله، ومروان البرغوثي، وجبريل الرجوب، وماجد فرج، ومحمود العالول، ومحمد دحلان".

صحيفة معاريف نقلت عن الجنرال ألون أبيتار المنسق الأسبق لعمليات الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية قوله إنه "في مرحلة ما بعد عباس فإن سكاكين الصراع على السلطة ستخرج من أغمدتها، وحماس من المتوقع أن تدخل على خط قيادة السلطة الفلسطينية بعد عباس".

وأضاف في مقابلة ترجمتها "عربي21" أن "الأحاديث التي تخرج من مستشفى رام الله تنتهج مسارين: العلني يفيد بأن الرئيس بخير، وسوف يتعافى، والسري بأنه متعب فعلا، ووضعه الصحي ليس بخير، وهي طريقة معروفة للتعتيم على حقيقة ما يعانيه من أمراض".

وأكد أبيتار، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أن "معركة وراثة عباس بدأت منذ زمن داخل السلطة الفلسطينية، رغم عدم وجود مرشح بعينه حتى اللحظة لخلافته، لأنه تعمد ألا يظهر دعمه أو تأييده لأحد ما، ورغم أن القانون يمنح رئيس المجلس التشريعي صلاحية ترؤس السلطة لمدة 90 يوما فليس من المتوقع أن توافق حركة فتح على ذلك، لأن المقصود هو عزيز الدويك أحد قادة حماس في الضفة الغربية.

وأشار إلى أن "حماس قد لا تبقى متفرجة على ما ستشهده السلطة الفلسطينية من سباقات لخلافة عباس، والحركة ستسعى لترشيح أحد قادتها للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، فيما لو حصلت فعلا، مع أني أتوقع أنه في حال غياب عباس فستدخل مجموعات مسلحة، في حال لم يتفق الفلسطينيون على ترتيبات سياسية معينة".

وقال إن "كل ذلك قد يتسبب بإحداث حالة من الفوضى، ونشوء حالة من صراعات مراكز القوى للسيطرة على بعض المواقع، إلى أن يتم استقرار الوضع، وكل ذلك يؤكد أن مرحلة ما بعد عباس لن تكون مريحة لإسرائيل، بغض النظر عن شكل القيادة التي ستأتي بعده".

التعليقات (0)