صحافة دولية

فايننشال تايمز: كيف يظهر قمع ابن سلمان تناقض الإصلاح السعودي؟

فايننشال تايمز: تقدم حملة اعتقال الناشطات صورة عن تناقض إصلاحات ابن سلمان- جيتي
فايننشال تايمز: تقدم حملة اعتقال الناشطات صورة عن تناقض إصلاحات ابن سلمان- جيتي

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا أعده مراسلها في الرياض أحمد العمران، يقول فيه إن حملة الاعتقالات التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للناشطين الداعين لمساحة حرية أوسع تقدم صورة عن التناقض الظاهري فيما ينظر إليها على أنها إصلاحات.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ولي العهد قام من ناحية بتخفيف عدد من القيود الاجتماعية، ومن ناحية أخرى فإنه لم تبق هناك مساحة للمعارضة. 

 

ويفيد العمران بأن السعودية اعتقلت أهم الناشطات السعوديات في الأسبوع الماضي، فيما مررت هذا الأسبوع قانونا ضد التحرش، يقضي بحبس المتحرشين، وهو القانون الذي دعت إليه الناشطات دائما. 

 

وتجد الصحيفة أن "مساحة الحرية الضيقة، التي كانت متوفرة للناشطين، تختفي بسرعة، مع أن الأمير يريد تحديث بلده المحافظ، والنتيجة هي سيادة مناخ الخوف بين المدونين والناشطين، حتى مع المديح الذي لقيه ولي العهد البالغ من العمر 32 عاما لما يقوم به من جهود لإعادة إصلاح الاقتصاد السعودي, وفطمه عن النفط". 

وينقل التقرير عن ناشط، قوله: "الوضع سيئ، ويخاف الناس من التواصل مع بعضهم، والجميع قلقون"، وأضاف الناشط: "حضر الأشخاص الذين اتصلت معهم حقائبهم" للرحيل.

 

ويلفت الكاتب إلى أنه تم اعتقال أكثر من 10 ناشطات في الأسبوع الماضي، ممن كن رأس الحربة في الحملة ضد قرار منع المرأة من قيادة السيارات، مشيرا إلى أن اعتقالهن صدم الكثيرين وأثار ارتباكهم؛ لأنه جاء قبل أسابيع قليلة من رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في 24 حزيران/ يونيو. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المتحدثة باسم مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ليز ثروسيل، قولها: "إذا أخذنا في عين الاعتبار تخفيف قيود محددة على نشاط النساء في السعودية في الأشهر الماضية، بما في ذلك رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، فما يدعو للحيرة هو السبب الذي جعل النساء المشاركات في هذه التطورات الإيجابية هدفا للسلطات". 

 

وينوه التقرير إلى أن قانون مكافحة التحرش لم يحصل لسنوات على دعم؛ بسبب موقف الشيوخ المحافظين الذين عارضوه؛ بناء على أنه يشجع على الاختلاط بين الجنسين، إلا أن الملك سلمان أمر وزارة الداخلية بصياغة مشروع قانون بعدما قررت الحكومة رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارات، حيث كان ذلك ضروريا من أجل منع التحرش بالسائقات.

 

ويقول العمران إن الأمير محمد بن سلمان حصل على استحسان في الداخل والخارج بعد إعلان أيلول/ سبتمبر، الذي تستطيع بموجبه المرأة الجلوس أخيرا وراء مقود السيارة، مستدركا بأن السلطات قامت بعد يومين من الإعلان باعتقال عشرات من الشيوخ والأكاديميين ورجال الأعمال، واتهمتهم بالتخابر مع "جهات أجنبية"، وتهديد أمن المملكة، فيما لا يزال معظم المعتقلين خلف القضبان. 

 

وتذكر الصحيفة أن السلطات شنت بعد شهرين حملة أخرى، شملت أمراء ورجال أعمال ومسؤولين سابقين في الحكومة، واعتقلتهم في فندق ريتز كارلتون في الرياض، مشيرة إلى أن هذه الحملة كانت بذريعة مكافحة الفساد، حيث تم الإفراج عن عدد من المحتجزين بعد أشهر، عقب توصلهم إلى تسويات مالية مع الحكومة، وتسليمها أرصدة مالية أو عينية.

 

ويورد التقرير نقلا عن الحكومة، قولها إن النساء المعتقلات، ممن تمت شيطنتهن في الإعلام السعودي الموالي للحكومة، قمن بالاتصال مع "كيانات أجنبية"؛ لزعزعة استقرار المملكة، واتهمت الناشطات بتجنيد أشخاص يعملون في أماكن حكومية حساسة، وتوفير الدعم المالي لكيانات معادية في الخارج. 

 

ويبين الكاتب أنه كان من ضمن المعتقلات كل من الداعية المخضرمة لحقوق الإنسان عزيزة اليوسف، والباحثة في علم اللسانيات والمعروفة بمدونتها "المرأة السعودية" إيمان النجفان، ولجين الهذلول، التي اعتقلت أول مرة عندما قادت سيارتها من الإمارات إلى السعودية عام 2014، حيث تم اعتقالهن، كما يقول الناشطون، لأن الحكومة لم ترد أن يظهر قرارها رفع الحظر عن قيادة المرأة بمثابة تنازل. 

 

وتنقل الصحيفة عن البعض، قولهم إن المعتقلات احتجزن لاسترضاء المؤسسة الدينية، التي تراجعت سلطتها؛ بسبب محاولات المملكة تقديم صورة تحديثية عن نفسها، حيث قام ابن سلمان بالحد من سيطرة الشرطة الدينية، وفتح دور السينما، وفتح مجال الترفيه أمام الشباب، لافتة إلى أن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن قررت الأسبوع الماضي أنها ستفتح أبوابها لقبول الطالبات ولأول مرة منذ إنشائها. 

 

ويستدرك التقرير بأن المسؤولين الحكوميين يرفضون ربط اعتقال الناشطات باسترضاء المؤسسة الدينية، حيث قال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي يعيش في منفاه الاختياري في واشنطن، إنه "من السذاجة وغير المقنع القول إنهم عملوا هذا لتهدئة المحافظين، حيث تم إسكاتهم، ولم يعودوا يتحدثون"، وأضاف: "غالبا ما اعتقدت أن الأمر كله يتعلق بالسيطرة على الخطاب، ويريدون ربط خطاب الإصلاح حصريا بمحمد بن سلمان".

 

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه تم الإفراج عن بعض الناشطات، لكنهن أمرن بعدم التحدث أو الاتصال بأحد، وقالت ناشطة: "إنها حملة عدوانية وتشعر أنها انتقامية.. ويريدون إيذاءهن".

التعليقات (0)