اقتصاد دولي

هل تنجح أوروبا بمنع ترامب من تطبيق رسوم "الحديد والألمنيوم"؟

تعتبر المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن "الولايات المتحدة لم تعد شريكا أهلا للثقة"- جيتي
تعتبر المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن "الولايات المتحدة لم تعد شريكا أهلا للثقة"- جيتي

رفضت أوروبا، قرار واشنطن الذي فرضت بموجبه رسوما جمركية على واردات الصلب والألمنيوم من الاتحاد الأوروبي.

ويستعد الأوروبيون للدفاع عن مصالحهم ويحاولون تعبئة أبرز الفرقاء الاقتصاديين في العالم لمنع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من فرض "قانون الأقوى" في العلاقات بين ضفتي الأطلسي، بحسب محللين.

من جهته قال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر: "في كل مرة أفكر في ترامب، أشعر بالضياع"، في عبارة قرأها محللون بأنها تختصر الشعور الذي يسود الاتحاد الأوروبي بعد قرار الولايات المتحدة بعد  فرض رسوم إضافية بنسبة 25 في المئة على واردات الصلب و10 في المئة على واردات الألمنيوم من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك.

 

اقرأ أيضا: أوروبا تواجه الرسوم الجمركية الأمريكية بإجراءات مضادة

ولاحظت الفير فابري من معهد جاك دولور أن "الهجوم المباشر لترامب على الاتحاد الأوروبي خلط الأوراق وقوبل بعدم فهم".

وتابعت: "قد يكون الأوروبيون استعدوا لهذه الفرضية، لكنهم بدأوا يعتقدون أنهم سيفيدون من إعفاء دائم لأنهم أصدقاء أمريكا وحلفاؤها التقليديون".

يحتقر الأوروبيين

وقالت مسؤولة مدونة معهد كارنيغي في أوروبا، جودي دمبسي، إن "دونالد ترامب يحتقر الأوروبيين"، مضيفة أنه "ينزعج من كل ما هو إطار متعدد الطرف".

بدوره، اعتبر المفوض الأوروبي السابق الايطالي فرناندينو نيلي فيروتشي الذي يتراس معهد "افاري انترنازيونالي" أن "الحوكمة العالمية ليست مدرجة ضمن اأولويات الولايات المتحدة. وحدها الاتفاقات الثنائية، المستندة إلى حساب يأخذ في الاعتبار المكاسب المباشرة والفورية للولايات المتحدة، تعتبر وسائل ثمينة لحماية المصلحة القومية الأمريكية".

وذكر بأن "هذا الخطاب وهذه المقاربة ساهما في انتخابات ترامب".

وعلقت فابري أن كل ذلك "أتاح (للرئيس الأمريكي) انتزاع تنازلات من الأرجنتين وكوريا الجنوبية".

ونبهت الباحثة المتخصصة في السياسة التجارية إلى أن "الرئيس الأمريكي يهدد بتعطيل نظام تسوية الخلافات داخل منظمة التجارة العالمية، وعلى الاتحاد الأوروبي في رده أن يتجنب دفعه إلى تجاوز الإطار المتعدد الطرف في شكل أكبر".

من هنا، يمكن فهم ما أعلنه جان كلود يونكر، الخميس، "في وقت يدير الأمريكيون ظهرهم لكل ما يحاكي التعددية، علينا أن نكون هنا، جميع من حاورتهم يطلبون مني ذلك".

ورغم أن الهدف ليس القطيعة مع واشنطن، قرر الاتحاد الأوروبي الرد "دفاعا عن مصالحنا" بحسب ما أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني، الجمعة، في بروكسل بحضور وزير الخارجية الصيني وانغ يي، لكنها أكدت أن "اجراءاتنا ستكون منطقية ومتكافئة ومنسجمة تماما مع قواعد وموجبات منظمة التجارة العالمية".

وشددت على أن "الاتحاد الأوروبي لا يخوض حربا مع أحد".

على المحك

في هذا السياق، تقدم الأوروبيون بشكوى أمام منظمة التجارة ضد الرسوم الأمريكية و"النقل الجائر لتكنولوجيا" الشركات الأوروبية العاملة في الصين.

وتأتي هذه الخطوة المزدوجة في وقت يسعى الأوروبيون إلى إنقاذ التعددية وتعبئة جميع الأطراف الاقتصاديين دفاعا عن منظمة التجارة في مواجهة ترامب.

وأعلنت المفوضية سيسيليا مالمستروم، الجمعة، أن هذا الإجراء "يثبت أن الاتحاد الأوروبي يقف على الحياد"، محذرة من أن "النظام مهدد بالانهيار اذا لم يحترم الأفرقاء في هذا العالم القواعد".

 

اقرأ أيضا: صحيفة: هل ستصبح أوروبا لعبة بين أيدي القوى الأخرى؟

يراهن الأوروبيون على فشل استراتيجية ترامب

وصرح مفوض الطاقة ميغيل ارياس كانييتي، خلال زيارته الأخيرة لطهران "أنها المرة الثانية التي أرى فيها الولايات المتحدة تنسحب من اتفاق متعدد الأطراف تم التوصل إليه بالإجماع، من سيكون مستعدا في المستقبل للتوصل إلى اتفاق معهم؟"، مشيرا إلى اتفاق باريس للمناخ، والاتفاق النووي مع ايران.

والواقع أن مصداقية الاتحاد الأوروبي على المحك في هذه المواجهة الجديدة مع واشنطن، وعلق المفوض الإسباني "هل يستطيع الأوروبيون عدم الرضوخ في مواجهة المصالح الأمريكية، وهل يقبلون بمواجهة تداعيات السياسة الأمريكية؟ الإيرانيون يشككون في ذلك، أعتقد أن القضية حيوية ومن شانها تحديد دور الاتحاد الأوروبي".

وإذا كان بعض الأوروبيين يفكرون في التنصل من شراكة تزداد تعقيدا، فإن آخرين يبدون ترددا في مواجهة الأمريكيين.

وتعتبر المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن "الولايات المتحدة لم تعد شريكا أهلا للثقة"، ولكن ليس ثمة إجماع على موقفها، فقد دعت بولندا مرارا شركاءها إلى "عدم الضغط على العلاقات بين ضفتي الأطلسي" على قول دبلوماسيين في بروكسل.

ولاحظت فابري أن قمة حلف شمال الأطلسي المقررة في 11 و12 تموز/ يوليو الحالي، في بروكسل ستعقد وسط أجواء "متوترة"، مضيفة: "حتى مفهوم الحليف قد يخضع لإعادة نظر".

وقال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أن واشنطن التي فرضت رسوما الجمعة على واردات الصلب والألمنيوم من أوروبا وكندا والمكسيك، تشكل خطرا على النمو الاقتصادي العالمي، مشددا على أن الحزم فقط يمكن أن يكون مسموعا.

وأضاف للصحفيين، أن "اجتماع مجموعة السبع المالية في كندا أصبح بالأحرى "6+1" مع ولايات متحدة وحدها تخاطر بزعزعة الاستقرار الاقتصادي في العالم".

 

اقرأ أيضا: خطر الحرب التجارية يلقي بظلاله على النمو الاقتصادي العالمي

وأضاف أن "الأوروبيين لن يحصلوا على شيء مع الضعف".

وتابع لومير الذي سيلتقي نظيره الأمريكي ستيفن منوتشين، أن "الرئيس الأمريكي لن يحترم أبدا ضعف الأوروبيين".

التعليقات (0)

خبر عاجل