صحافة دولية

"واشنطن بوست" تكشف أساليب دول حصار قطر بمواقع التواصل

شبكات التواصل الاجتماعي- أرشيفية
شبكات التواصل الاجتماعي- أرشيفية

تحت عنوان "وباء برمجيات أتوماتيكي يؤرق الشرق الأوسط"؛ قال كل من مارك جونز وأليكسي أبرهامز؛ الباحثان في جامعة "برنستون" في مقال بـ"واشنطن بوست" إن الأزمة التي صدعت مجلس التعاون الخليجي العام الماضي تميزت بسلسلة من عمليات القرصنة والبرمجيات الأتوماتيكية "بوتس".

في الشهر الماضي بحسب المقال؛ ظهر هاشتاغ في "تويتر" باللغة العربية في قطر، وكان عنوانه "ذكرى فبركات منتصف الليل"؛ في إشارة إلى أحداث 24 أيار/ مايو 2017 عندما قام قراصنة؛ ونيابة عن الإمارات العربية المتحدة باختراق حسابات وكالة الأنباء القطرية ووسائل التواصل الاجتماعي ووضعت تعليقات كاذبة منسوبة لأمير قطر.

 

إقرأ أيضا: هذا ما قاله حمد بن جاسم في الذكرى الأولى لحصار قطر


وكان هذا أول مثال مسجل عن هجوم إلكتروني أدى إلى أزمة دولية مستعصية. وكانت عملية القرصنة هي طرف كرة الثلج لحرب المعلومات. فقبل أسابيع من الأزمة قام أعداء قطر بتجنيد شركات أجنبية لشن حرب دعائية على وسائل التواصل الاجتماعي التي لم تظهر أية إشارة عن التوقف. وكان مفتاح هذه الاستراتيجية هي البرمجيات الأوتوماتيكية التي تقوم بإعادة إرسال التغريدات "ريتويت"، أو حتى وضع معلومات جديدة وبأعداد كبيرة. ويتساءل الكاتبان عن هذه البرمجيات الأتوماتيكية وما هي أهميتها للسياسة في المنطقة؟

ويجيب الكاتبان بأن أبحاثهما تكشف أن أنظمة الخليج تقوم بخلق أو طلب خلق آلاف من "البوتس" لإرسال تغريدات بطريقة منسقة. وفي هذا الوقت من العام الماضي وجد أحدهما أن 17%  من عينة عشوائية لتغريدات بالعربية ذكرت قطر تم إرسالها من "البوتس"، إلا أن النسبة ارتفعت في أيار/ مايو هذا العام إلى 29%. والبرمجيات الأتوماتيكية الدعائية "بوتس" التي تعمل في الخليج لا تحاول إشراك المستخدمين بشكل مباشر، وعادة ما تركز على إظهار البيانات العامة  التي غرد بها أشخاص معروفون.

 

إقرأ أيضا: هآرتس: كيف جعل الحصار قطر تبدو أكثر قوة؟


فعلى سبيل المثال تقوم "بوتس" بتكبير التغريدات التي يرسلها نقاد للعائلة الحاكمة في قطر مثل المعارض القطري في الخارج خالد الهيل أو @QatariLeaks وهو موقع معاد لقطر على الإنترنت. وتم تعبئة آلاف "البوتس" ضد القناة الإخبارية القطرية "الجزيرة"، بل وقامت بعض البرمجيات الأتوماتيكية بالترويج لتغريدات الرئيس دونالد ترامب المؤيدة للسعودية أثناء زيارته للمنطقة في أيار/ مايو 2017. وفي العادة فإن نسبة 90% من التغريدات  المتعلقة بأزمة قطر هي "ريتويت" حرفية لما قاله الآخرون. فهناك نسبة أقل من 30% من مستخدمي تويتر ممن يقومون  بنشر المحتويات الأصلية. ومن بين هذه النسبة فإن أعلى نسبة 2% (0.6% من المحصلة العامة) يتم إعادة تغريدها "ريتويت" أكثر من غيرها، والتي عادة ما تدفع نسبة 75% من الحوار. فهذه التأثيرات المنتخبة على وسائل التواصل الاجتماعي عادة ما تدفع من خلال "البوتس" خاصة إن كانت تحمل مشاعر معادية لقطر.

وعلاوة على كونها مهمة في نشر آراء معينة؛ إلا أن "بوتس" مفيدة بل وأساسية في تحديد موضوع الحوار. فيمكن لأي شخص أن يبدأ هاشتاغا على تويتر، وحتى ينال اهتماما، فعلى بقية الحسابات أن تبدأ بتبني نفس الهاشتاغ. ويصبح هذا أمرا ظاهرا خاصة أنه سيكون بيدك آلاف من "البوتس". وعندما يصبح الهاشتاغ "تريند" يتم جذب المستخدم- الشخص في الحوار. وكانت عملية التلاعب بالهاشتاغ  ظاهرة منتشرة في الخليج لدرجة أن هاشتاغا ظهر بعد شهر من اندلاع الأزمة  تحت عنوان "لا تشترك في هاشتاغات مريبة". ولكن لا أحد لديه المهارة أو المعرفة بسياق التواصل الاجتماعي. وعادة ما يتم  تلويث الهاشتاغ بـ"البوتس"، ويتم خلطها مع تعليقات قطرية حقيقية وتضم أخبارا من مجموعة من خدمات إخبارية أخرى. فـ"بي بي سي" التي تقوم بتوثيق موضوعات وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي شملت أخبارا مزيفة عن الحكومة القطرية وأنها خفضت من رواتب الجنود.

ويقول الكاتبان إن سعود القحطاني الذي يعمل مستشارا في البلاط الملكي ومشرفا عاما على مركز الدراسات وشؤون المعلومات استخدم وعن قصد "تريندز" تولدت بسبب البرمجيات الأتوماتيكية لقياس الرأي العام القطري. ففي 17 آب/ أغسطس قال القحطاني إن هاشتاغ  "ارحل تميم" يعكس مطالب القطريين ورغبتهم برحيل تميم بن حمد آل ثاني. وفي الحقيقة لم يكن الهاشتاغ مقياسا للرأي العام القطري، لأنه مولد من  برمجيات أوتوماتيكية (بوتس) معادية لقطر.

وعن أثر "البوتس" الطويل الأمد؛ يقول الكاتبان إن الكثير من الخطاب حول قطر يقصد منه مخاطبة القاعدة المحلية في الدول التي فرضت حصارا على قطر. فبعد كل ذلك؛ شوّش الحصار حياة السكان في المنطقة ممن لديهم عائلات أو أقارب في قطر. وعليه فالحصار يتم شرعنته من خلال شيطنة قطر وإظهار فعالية الحصار كوسيلة مناسبة للعقاب.

وهناك مظهر ديكتاتوري، ففي الوقت الذي تلعب فيه وسائل التواصل دور حاضنة لتشكيل الرأي العام، فهي المكان الذي يمكن للمواطنين معرفة ما يفكر فيه البعض، وهي وسيلة حيوية للتعبئة. فمن خلال تضخيم وإبراز ما يقوله عدد من الشخصيات البارزة تقوم "البوتس" بغمر آراء المواطنين في صوت نخبة ديكتاتورية. وعليه فاستخدام "البوتس" لخلق تريند مصطنع والاستفادة منها كحاضنة للرأي العام يكشف عن قدرة أنظمة الخليج على ضم وسائل التواصل كجزء من جهاز السيطرة والرقابة بشكل يجردها من مزاياها. وأكثر من كل هذا يكشف الخليج لنا عن الكيفية التي تمت فيها عسكرة وسائل التواصل الاجتماعي كنظام توزيع للأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية والدعاية.

التعليقات (0)