قضايا وآراء

لا دعاء في السياسة ولا سياسة في الدعاء

عادل راشد
1300x600
1300x600

السادة الخطباء
السادة الأئمة
السيد المبجل إمام الحرم 

كم أنت ملهم إذ تدعو فى العشر الأواخر وتستخدم في دعائك كل أحبالك الصوتية وتنتقل بين طبقات الصوت عرضاً وطولاً، وانخفاضاً وارتفاعاً، ممعناً فى الشَدٌَة والمَدٌَة، والإخفاء والإظهار، والقلقلة والإقلاب،  وتمعن في المد اللازم والمتصل وحتى المنفصل أكثر من ثلاثين حركة - مع أنه دعاء وليس تلاوة قرآن- كل ذلك مصحوب بتهدج في النبرات تستجلب بها العَبَرات، وتنقل المصلين من السكون العارض إلى الهمهمات والزفرات، ويعلو النشيج وتهتز الأبدان، وتتخضب اللحى من سيل الدموع المنهمر، وتنكمش الأجساد كأنها أعجاز نخل منقعر، لا أخفيك سراً شيخنا أن قدري ساقني لأصلي خلفك عامي الماضي وكنت أعجب من نفسي تلك الأمارة أنها لاتتأثر بك كما يتأثر الآخرون، وقلبي القاسي لا يتجاوب معك كما يتجاوب هؤلاء المتقون وأنت تدعو لولي العهد ولي نعمتك أن ينصره الله ويوفقه فيما يقوم به من إصلاحات قاصداً تلك الإطاحات والإعتقالات والمصادرات، وقلت لها مالك أنتِ فلربما أراد أن يكبح جماح نفوسهم الشريرة ويمنعهم من الفساد ويحول بينهم وبين التبذير فلايتجاوز يختُ أحدهم يخته، ولايناطح قصر أحدهم قصره، فقالت لي نفسي تلك العجيبة فَلِمَ يعتقل العلماء فرددت عليها بيسر إنه ينفذ سُنة الله في الأولياء، أَوَ ليس ذلك من الإبتلاء، وأشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل!! 

 

ولقد أدركت يا شيخنا عمق دعائك عن استتباب الأمن والأمان حتى لا تكون بلادكم كسوريا والعراق،  وجدتني يا شيخنا إذ أتابع هذه الأيام دعاءك ونحيبك ونحيب المأمومين إذ تدعو لعموم المسلمين بالأمن والأمان وقوات التحالف التي يقودها ولي أمرك رجت الأرض في اليمن رجاً، ودكت البلاد دكاً، وجعلتها خراباً صفصفاً لا عوج فيها ولا أمتاً، وثكلت الأمهات ورملت النساء ويتمت الأطفال، وجعلت اليمن السعيد تعيساً، ونظام ولي نعمتك لم يسلم بل ذاق وبال أمره وكانت عاقبته خسراً.

 

بالأمس كنتَ تدعو نفس الدعاء وقوات حفتر حليفكم مدعومةً بطائرات ابن زايد شريكم تنسف درنة الليبية نسفاً، كنتُ أشاهد رعب أهلنا في ليبيا وفزعهم وصراخ أطفالهم ونحيبهم الذي يعلو نحيبك أنت ومن خلفك، وأقول رباه أي النحيبين أحق بالإنتباه، نحيب هؤلاء المظلومين أم نحيب الذين يملأون الفراغ الأجوف، كنت أتابع عَبَرات المصلين خلفك في نفس اللحظة التي أتابع فيها عَبرَات الأطفال في غزة تحت الحصار، وأسر الشهداء الذين تنعتهم أنت ونظامك بالإرهاب  ولِمَ لا وولي نعمتك في شهر عسل مع المحتلين الغاصبين!! 

 

وهل ستدعو لأولى القبلتين وثالث الحرمين بالتحرير؟  

 

ولكن بيد من؟  

 

بيد الجهاد الإسلامي وحماس الإرهابيين!!  

 

أم يتحرر من تلقاء نفسه فإن له رباً يحميه!! 

 

أم تدعو الإمام ترمب وولي أمرك لحمايته فهما قطبا العالم في التأثير وسيقودانه إلى مرافئ الأمن والسلام !!

 

ولقد رأيتك وأمثالك لذت بصمت القبور عند نقل سفارتهم إلى القدس فلربما كان ذلك من مرافئ الأمن والسلام!! 

 

ولن أتجول معك في باقي البلدان حيث الدمار والخراب ومناصرة الخونة وقمع الشعوب ووأد الثورات على الظالمين، ولكني أسأل جموع المصلين المخلصين الباكين.

 

هل يُقبل الدعاء الممزوج بالبكاء بدون الأخذ بالأسباب!؟
 
هل تُحرر الأوطان بالدعاء والبكاء من غير جهاد!؟ 

هل ينتصر المظلوم ويُردع الظالم بمجرد الدعاء!؟ 

هل يُشفى المريض المُعرِضُ عن التداوي بالإجهاش بالبكاء مع الدعاء!؟

هل تنتصر الأمة المهزومة وتتقدم الأمة المتخلفة بالدعاء من غير عمل وحهد وعناء!؟ 

فإن كان الدعاء هو العبادة أو مخها، وأن الله يحب العبد الملحاح في الدعاء، فإن عشرات الآيات ومئات الأحاديث وفعل إمام المرسلين جاءت بوجوب الأخذ بالأسباب وأنه لا يجاب الدعاء بغيرها، واللهُ الذي يحب العبد الملحاح في الدعاء يحب العبد الملحاح في طرق أبواب الأسباب ، كل الأبواب وكل الأسباب. 


أمٌَا هذا الإمام وكل الأئمة - مع أني آيس من كل أكٌَال على موائد السلطان - أقول لهم اتقوا الله ولا تطوعوا بمثل هذا وإذا طلب منكم ولي الأمر أو ولي الأمن دعاءً يضفى عليه شرعيةً أو قداسة فقولوا له

لا دعاء في السياسة، ولا سياسة في الدعاء. 
1
التعليقات (1)
عبدالحمن الدويري
الإثنين، 11-06-2018 06:51 م
أبصم على المضامين واختلف في العنوان فالدعاء في كل حاجة ومنها السياسة

خبر عاجل