مقالات مختارة

وعود «مكة» لا تكفي الأردن

محمد عايش
1300x600
1300x600

الوعود التي حصل عليها الأردن من قمة مكة المكرمة ليست كافية لإنقاذه من الأزمة الاقتصادية. فضلا عن أنها ما زالت في إطار الوعود التي لم يتم الإعلان عن موعد تنفيذها.

الدول الخليجية الثلاث تعهدت بمساعدات إجمالية للأردن قيمتها 2.5 مليار دولار، على أن هذه المساعدات تتوزع على دعم للموازنة خلال السنوات الخمس المقبلة، ومشاريع تنموية، ووديعة في البنك المركزي، وضمانات لدى البنك الدولي.. لكن أهم ما في الوعود لم يتم الإعلان عنه بعد القمة في مكة المكرمة، وهو المواعيد والتوزيعات، فكم تبلغ وديعة المركزي؟ ومتى ستودع؟ وكم يبلغ الدعم للموازنة (وهذا الأهم) ومتى أيضا سيتم سداده؟ لا أحد يعلم حتى الآن.

المؤكد أن هذه المساعدات لا تكفي ولا يمكن أن تؤدي إلى حل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الأردن، والتي اضطرت الحكومة السابقة لتقديم مشروع قانون يقترح رفع ضريبة الدخل المفروضة على الأردنيين. ومن يريد أن يتأكد أن هذه الوعود، وإن تم الالتزام بها، تظل غير كافية، فعليه أن يتفحص الأرقام والبيانات والمعلومات التالية ليكتشف حجم الأزمة التي يعاني منها اقتصاد الأردن:

أولا: في عام 2011 وحده تلقى الأردن معونات خارجية بلغت قيمتها 1.7 مليار دولار، وفي عام 2014 تلقى 1.73 مليار دولار، أما في العام الماضي 2017 فهبطت المعونات الخارجية إلى نحو النصف مقارنة بهذا المستوى، وتراجعت بنسبة 15% مقارنة بما كانت عليه في العام السابق، أي 2016.

ثانيا: في عام 2016 انتهت منحة خليجية تنموية للأردن كانت مدتها خمس سنوات (2012 إلى 2016) وكانت قيمتها الإجمالية خمسة مليارات دولار أمريكي، أي أنه خلال الفترة المشار إليها كان يتدفق على الأردن مليار دولار سنويا على شكل مشاريع تنموية خليجية.

ثالثا: يوجد في العالم 750 ألف مغترب أردني، من بينهم 400 ألف يقيمون في السعودية، بحسب تصريح سابق للسفير الأردني في الرياض جمال الشمايلة، أي أن أكثر من نصف الأردنيين المغتربين في أنحاء الكرة الأرضية يتمركزون في السعودية، وتحويلات هؤلاء تشكل مساهمة بالغة الأهمية بالنسبة للاقتصاد الأردني.. ونسبة كبيرة من هؤلاء بدأوا بالعودة إلى الأردن بسبب فقدان وظائفهم في السعودية نتيجة للقوانين الجديدة، أو اضطروا للعودة بسبب الرسوم الجديدة التي تم فرضها على عائلات المقيمين في السعودية.

رابعا: بلغة الأرقام فإن إجمالي تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج تبلغ 3.8 مليار دولار سنويا، وهو ما يشكل 10% من الناتج المحلي الإجمالي للأردن، ما يعني في نهاية المطاف أن تحويلات المغتربين أهم بالنسبة للاقتصاد الأردني من المعونات الخارجية نفسها، بكل ما فيها من ودائع ومنح نفطية ومساعدات نقدية مباشرة.

بالنظر إلى هذه البيانات، وجميعها مأخوذة من المصادر الرسمية الأردنية، فإن الحديث يدور عن حاجة أكبر بكثير من المليارين ونصف المليار التي خرجت بها قمة مكة المكرمة، خاصة إذا وضعنا بعين الاعتبار أن الدعم الذي ستتلقاه الموازنة سيكون موزعا على خمس سنوات وليس للعام الحالي.. علما بأن العجز في موازنة العام الماضي وحده تجاوز المليار دولار ـ مع توقعات بعجز مماثل أو أكبر خلال العام الحالي 2018، ما يعني أن عجز الموازنة وحده في خمس سنوات يحتاج لخمسة مليارات دولار.

يحتاج الأردن اليوم إلى ما بعد «قمة مكة»، ويحتاج إلى مساعدة أكبر من أي وقت مضى، فالمنطقة تغيرت وتتغير، والأعباء الاقتصادية كبيرة، ويوجد في الأردن ملايين اللاجئين السوريين والفلسطينيين والعراقيين، الذين هم ضحايا لصراعات وأزمات دولية، وعلى العالم أن يتحمل المسؤولية تجاههم، لا أن يتركهم وحدهم.

القدس العربي

0
التعليقات (0)