كتاب عربي 21

ليبيا من "الأخ العقيد" إلى "الأخ الفريق"!

سليم عزوز
1300x600
1300x600

لا أعرف من قام بترقية "عبد الرزاق الناظوري" لدرجة "الفريق"، بل ومن رقَّى "خليفة حفتر" لرتبة "المشير"، والرجل شأنه شأن عبد الفتاح السيسي لم يخض معركة تؤهله لذلك، وهو شرط الترقية لهذه الرتبة العسكرية رفيعة المستوى؛ بالغة الفخامة والأبهة: "المشير"!

بل لا أعرف ضوابط الترقيات في الجيش الليبي، "فرع حفتر"، فلست مطلعاً على دقائق الأمور في الشقيقة، وآخر معلوماتي في هذا الشأن أن "معمر القذافي" قام بثورته وهو في بداية السلم العسكري، مثله في ذلك مثل والده بالتبني "جمال عبد الناصر"، وظل يترقى من منازلهم وبعد أن ترك الخدمة؛ إلى رتبة "العقيد"، ثم توقفت الترقيات، ليصبح هو الرتبة الأعلى في الجيش الليبي. وأذكر في هذا الصدد أنني كتبت مقالاً حمل عنوان "الأخ العميد"، قلت فيه إنني أرقيه لهذه الرتبة، فليس معقولاً أن يظل عمره كله "مربوطاً" على درجة "العقيد"، وهو مقال من عدة مقالات كتبتها ضده، عندما كان يعامل في مصر على أنه "محمية طبيعية"، وكان نظام مبارك يسبغ عليه الحماية واعتبار ذاته مصونة لا تمس. وفي سنة 2003 رفع ضدي دعوى قضائية يتهمني فيها بسبه، وقد أدهشني أن المقال نشر قبل ثلاث سنوات، وكنت قد منعت من القراءة والكتابة، فمن الذي ذكّره بي؟..

ولا أخفي أنني كنت قد نسيت ما جاء في المقال، ولم أتذكره إلا بعد اطلاعي على "عريضة الدعوى"، وهو مقال بدأته بعبارة "سكتنا له دخل بحماره"، واعتبر هو ذلك إهانة له، فكيف أذكر كلمه "حماره" وأنا أخاطب الباب العالي؟!

 

هزني هزاً أن أجد من يحمل رتبة "الفريق" يدخل صفحتي على "تويتر" بدون سابق معرفة، ويرهبني بزيه العسكري، ومجموعة النسور والسيوف المرصوصة على كتفيه الشريفين


ولأن مقامي ارتبط برتبة "العقيد"، فقد هزني هزاً أن أجد من يحمل رتبة "الفريق" يدخل صفحتي على "تويتر" بدون سابق معرفة، ويرهبني بزيه العسكري، ومجموعة النسور والسيوف المرصوصة على كتفيه الشريفين، ثم يكون الأمر الثاني المخيف هو حمله لرتبة "الفريق"، لتكون ثالثة الأثافي في التعريف المنشور تحت صورته وهو رئيس أركان القوات المسلحة الليبية شخصياً!

كانت الساعة تقترب من الثالثة فجراً، عندما حط "الأخ الفريق" تعليقه على أمر لا يخصه، فالسجال بيني وبين إعلامية مصرية في شأن مصري خالص، انحاز فيها "الأخ العقيد" للإعلامية لأمر يخصه، فذكرنا بوزير الدفاع السوري الهمام "مصطفي طلاس"، الذي كان يقدم نفسه على أنه شاعر، ومحب للفن والفنانات، الأحياء منهم والأموات، ويقال، و"الحجة على الراوي"، أن هناك من كانوا يكتبون له، حتى يعرفه الناس بالمثقف راعي الثقافة والفنون. ومن الواضح أنه كان يتحدى الملل، فالجيش العربي السوري انتهت مهامه القتالية، وتحول إلى حارس لشخص الرئيس وأداة قمع وتنكيل، وهي مهمة يقوم بها صغار الضباط، فماذا يمكن أن يفعل "طلاس" إلا أن يقوم بدور الشاعر؟! ومن عجب أنه عندما ظهرت الحاجة له في ميادين القتال "مات"!

كانت الإعلامية "بثينة كامل"، قد كتبت "تويتة" لفت زميلنا "عبد العزيز مجاهد" انتباهنا إليها، فهي تعلن رفضها لمعارضة الخارج، وتضرب المثل بالزعيم الأفريقي مانديلا الذي قضى أكثر من ثلاثين عاماً في سجن دون أن يغادر البلاد، فوقعت بذلك في شر أعمالها!

أولاً: لأنها - وكما قالت - إن مانديلا كان ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وفي هذا تشبيه لنظام عبد الفتاح السيسي بهذا النظام الذي خرج عليه مانديلا.

 

المقارنة لا ينبغي أن تكون بين المعارضة سواء في الداخل أو الخارج، ولكن بين زعيمين: مانديلا ومرسي

ثانيا: إن مانديلا كان يقود النضال المسلح، قبل أن يعلن عبارته الشهيرة: "سلميتنا أقوى من الرصاص"، فهل تريد من المعارضة أن تتأسى بالزعيم الأفريقي؟

ثالثاً: أن المقارنة لا ينبغي أن تكون بين المعارضة سواء في الداخل أو الخارج، ولكن بين زعيمين: مانديلا ومرسي، والأخير كما الأول دخل السجن، ولا يزال فيه إلى الآن، فهل تتحمل فاتورة هذه المقارنة، وما تحمله من أمال عريضة بأن النصر قد يأتي بعد أكثر من ثلاثين عاماً من دخول الزعيم السجن؟!

عندما دخلت إلى الحساب الخاص بالمذكورة، لم أجد كلمة معارضة واحدة ضد سياسات الحكم في مصر، وهي التي تمارس المعارضة في عهد محمد مرسي، حد أنها خرجت على مقتضى الواجب الوظيفي، وهي قارئة نشرة في التلفزيون المصريـ فقالت: "انتهت نشرة الإخوان"، فهل تستطيع الآن أن تقول "انتهت نشرة العسكر"؟ وهل يمكنها أن تمارس المعارضة في حدها الأدنى؟!

حتى لا نظلمها، فقد يكون صمتها عن المعارضة؛ لأنه جاءها ما يشغلها، فقد خرجت من الحياة السياسية بعريس، كان من القضاة الثوار، وقد تقاعد هو أيضاً.. واضح لأنه أيضاً جاءه ما يشغله!

ما علينا، فالأمر بيننا وبين الإعلامية بثينة مصرياً، وما كنت أن أعتقد جنرالاً ليبيا مهيباً يمكن أن يشغله الأمر، فيدخل معلقاً، ويكون في تعليقه ما يؤكد أن ما في أعلى الرأس "بيادة"!

 

لما سألت: من نحن؟ قال: الإخوان، عندئذ رأيت ما في أعلى الرأس رأي العين، وإن ساورني الشك في أن يكون عسكرياً

فقد كتب: "يا عزوز لا دين حملتوه ولا أعراضكم صنتوها، فقط نسمع جعجعاتكم ونفس الأسطوانة من 80 سنة...". فلما سألت: من نحن؟ قال: الإخوان، عندئذ رأيت ما في أعلى الرأس رأي العين، وإن ساورني الشك في أن يكون عسكرياً، فإذا كان، فلم أصدق أنه قيادي في الجيش الليبي ولو "فرع خليفة حفتر"!

فمعلوماتي أن السهر خاص بالفنانين والصحفيين الذين يسهرون الليل كله وينامون النهار كله، على غير طبيعة العسكري الذي ينام من المغرب ليستيقظ من "النجمة"، وقد قالت سوزان مبارك إنها تصحو من النوم مبكراً على قيام زوجها بتلميع حذائه، فقد اعتاد في حياته العسكرية الاستيقاظ مبكراً، ولعله لهذا كان المشاهد رقم واحد لبرنامج "صباح الخير يا مصر"، وأحياناً كان يقوم بمداخلات فيه!

والفريق أحمد شفيق، وفي معرض ازدرائه لحمدين صباحي (دون أن يذكره بالاسم)، قال إنه قائد عسكري يقوم من النوم مبكراً، "وليس كزعيمهم الذي يستيقظ العصر" فاته أن حمدين صباحي يستيقظ المغرب وليس العصر!

وقد روى الفريق عبد الغني الجمسي قبل وفاته في مقابلة صحفية مرارته؛ لأن عمله العسكري جعله يستيقظ من النوم مبكراً، وصار الآن يشكو الفراغ.. فماذا يفعل وقد أحيل للتقاعد وصار بلا عمل؟!

 

الرجل ملبوس بعفريت اسمه الإخوان، فالجميع عنده إخوان.. فأنا إخوان، والمطرب "أحمد سعد" إخوانجي، والجيش الليبي يواجه القاعدة والإخوان


والحال كذلك، فمن الطبيعي أن يساورني الشك في حقيقة كون الرجل عسكرياً فعلا، ويسهر لـ"وجه الفجر" يلهو ويلعب على "تويتر" و"يجر شكل" الخلائق من أمثالنا، فيسلم بأنني من الإخوان، وعليه يذهب لتحريضنا كإخوان على الدفاع عن أعراضنا. ومن عجب أنه ينتمي لخليفة حفتر، عضو التحالف الذي يجمعه بالسيسي، ومع ذلك يحرضنا عليه، نحن الإخوان، باستخدام القوة دفاعاً عن الأعراض المنتهكة!

الرجل ملبوس بعفريت اسمه الإخوان، فالجميع عنده إخوان.. فأنا إخوان، والمطرب "أحمد سعد" إخوانجي، والجيش الليبي يواجه القاعدة والإخوان، وليس هذا هو الموضوع، فهل بالفعل هذا هو رئيس أركان القوات المسلحة الليبية، والتي كانت في صباح هذا اليوم تستعد لمعركة الهلال النفطي، وقال "الناظوري" في منشوراته إنها ضد الإخوان والقاعدة أيضاً. فهل معركة القوم مع داعش أم مع الإخوان والقاعدة أم تراه يرى أن كله عند العرب إخوان؟!

بعد شك، تأكدت أن "عبد الرزاق الناظوري" هو قائد فعلا في القوات المسلحة الليبية "فرع خليفة حفتر"، والأمر لم تؤكده صفته المنشورة، أو صورته مع قائده. فعبر "جوجل"، توصلت إلى أنه شغل موقعه كرئيس أركان الجيش الليبي بقرار من مجلس النواب الليبي في آب/ أغسطس 2014، ومع هذا وجد لديه الوقت الكافي ليخوض معي في سجال طويل ولمدة ساعة كاملة وفي "وجه الفجر"، وكأنه "مكتوب علينا قلة الراحة"، فمن "الأخ العقيد" إلى "الأخ الفريق" يا قلبي لا تحزن!

والسؤال الذي لم أعثر له على إجابة: كيف ترقى صاحبنا ليكون فريقاً، وقد ترك القذافي الجيش والرتبة الأعلى فيه هي العقيد؟

والسؤال الأكثر أهمية هل "الأخ الفريق" لديه وحدة، وكتيبة، ومعسكر، وثن ومد وتسعة استعد، أم أنه قائد من منازلهم ويدير العمليات عبر تويتر؟!

يا لها من جيوش تفرح القلب الحزين!

التعليقات (6)
هشام ميشلان
الأربعاء، 20-06-2018 12:55 م
هذا تعليق على مقالتك في جريجة الراية بعنوان : مصر و المغرب .. ماذا هناك ؟ / هذا هو سليم عزوز ! الإعلامي الذي يطرح الأسئلة و الافتراضات و التكهنات و الاحتمالات من أجل الحصول على الأجابات ، موضوع اليوم محير و مثير و مهني و موضوعي ، يأتي في سياق متشابك و متداخل و متشعب ، غيبت خيوطه عن الرأي العام المغربي و المصري على حد سواء ، نحن المغاربة لا زلنا نعيش في بيئة يحكمها الإعلام الرسمي ، كما لو كنا في السبعينات أو الثمانينات ، حيث كنا نستقي أخبارنا من هيئة الإذاعة البريطانية " هنا لندن " رغم الثورة الإعلامية و المعرفية التي قدمتها الجزيرة للعرب بصفة عامة ، فإنه يبدو أن الأنظمة الفولاذية لا تسمح بأن يتسرب كل شيء للإعلام ، و المغرب دولة تتسم بأحد تلك النظم الفولاذية ، بل هو من أعتاها و أعرقها ، فحيث تكفي كلمة " المخزن " التي يتداولها المغاربة و التي تعني الحصن المنيع للأسرار الملكية و الحكومية ، إلا في محاولات سمح بها " المخزن " في السنوات الأخيرة لاحتواء توسع الجزيرة و تفردها و نيلها مصداقية لدى المغاربة ، فالقضية التي طرحتها اليوم حول العلاقات المصرية المغربية لا زالت لغزا من ألغاز السياسة الدولية ، أقول الدولية و لا أقول العربية ، لأنه هناك تشابكات و مصالح دولية ذكرتها يا أستاذ سليم أنت أيضا في مقالتك ، تبدأ من الانقلاب و لا تنتهي عند الشرعية ، فالمصالح و المعاهدات و التعهدات الدولية التي تتقاطع فيها المصالح المصرية المغربية لا تعد و لا تحصى ، بدءا من النزاع في اليمن ، مرورا بسوريا و إيران ، عطفا على المنافسة الشرسة في إفريقيا ، دون إغفال الطاقة و الوقود و الدول المصدرة لهذين العنصرين الحيويين ، ثم القضية الفلسطينية ، وصفقة القرن ، و التحالفات المغربية مع دول إفريقية تعدها مصر معادية ، و العكس صحيح . مصر و المغرب بحكم التاريخ و الخبرة منذ قبل الانقلاب هما دولتان حيويتان و نشطتان في علاقاتهما الدولية ، مما يجعل كلمتي " انقلاب " و " شرعية " كلمتان للاستهلاك الشعبي ، قد لا تتفق معي ، لكن الواقع السياسي ليس كما نتمناه أنا و أنت ، أنت إعلامي بارع و استقصائي في مواضيعك ، و موسوعة في التاريخ السياسي ، بالإضافة إلى أنك كاتب ساخر ، مما يجعل كتاباتك في المحظورات مشوق لنا كقراء ، و مزعج للساسة ، بما فيهم العسكريين العقداء و العمداء " من منازلهم " ، سرني أن تكتب عن المغرب ، و أرجو أن تكتب من حين لآخر ، ليعلم القوم عندنا أننا نعيش في عصر " الانفتاح " الإعلامي و الصحفي ، و في عصر الجزيرة ، لعلهم يرتدعون و يكشفوا لنا عن بعض ما يطبخون لنا ، لنكون على بينة من أمرنا ، و حتى لا تكون حكوماتنا في واد و نحن الشعوب في وديان شتى .
ابوصلاح
الأربعاء، 20-06-2018 11:12 ص
هل تعرف مادا كان يعمل قبيل 2011 وهو عسكري سابق لان القدافي كان لايحب العسكر لانه يخاف منهم فقد الاهمال كل الجيش الليبي بعد حرب تشاد قد طراد كتير من العسكريين وفيهم من قدام استقلاته ومن باق كان القدافي قد تعمد ان يوخر عنهم مرتبتهم وتهميشهم حتى ان بعض منهم كان يعمل في وقت الفارغ على سيارة تاكسي كان الناظوري واحد منهم وهم كتير هدا يلاخص حالة الجيش لليبي وفي زمان القائد الفارس المعلم المبدع
ابراهيم سالم
الثلاثاء، 19-06-2018 06:45 ص
يا اخ عزوز الرفيق الشهبد ابوبكر يونس كانت رتبته العسكريه فريق
ابراهيم سالم
الثلاثاء، 19-06-2018 06:42 ص
عندما تتحدث عن دول لا تعرف عنها هو الجهل بعينه
مصري جدا
الإثنين، 18-06-2018 10:10 م
استاذ سليم عزوز ،،، بعيدا عن جنرالات الغرف المغلقة والملاهي والصلات والبزنس والاراضي والشركات الذين لم يحققوا انتصارا واحدا الا اذا كان قهر الشعوب هو ميدانهم ،،، بقيت لسنوات مصرا على عدم المساس بالقوات المسلحة المصرية لاعتبارات كثيرة رغم يفيني وتجربتي الشخصية ان الفساد فيها يفوق غيرها من المؤسسات ،، شأنها شآن منظومة القضاء والعدالة التي كان جيلنا يسميه بقضاء مصر الشامخ ،، حتى جاء السيسي وحوله لمؤسسة خاصة تحكم بما يريد وربما بما لا يتخيل ،،، لكن جاءت ثورات الربيع العربي لتكشف الغطاء عن الجميع ،،، عن الشعوب التي تعجلت جني الثمار فاصبحت عبأ على ثوراتها ،،، وعن الحركة المدنية الخبيثة التي قتلت المسار الديمقراطي حين استدعت العسكر للتخلص من الاخوان ،،، وعن الحركة الاسلامية والاخوان غير المؤهلين للحكم وادارة الصراع حول السلطة ،،، وعن المجتمع الاقليمي الخليجي المتامر ،،، وعن المجتمع الدولي غير الانساني ،،الاهم يا استاذ عزوز من الجنرالات والجيوش والقضاء وغيرهم اعداد جيل بمهارات ونضج ووعي ادارة الثورة القادمة لا محالة ،،، مخافة ان تتكرر الفرص ونجد انفسنا نكرر الاخطاء والكوارث التي وقع فيها جيل القيادة الذي ما زال موجودا حتى اليوم باصرار غريب رغم اخفاقاته في ادارة ثورة بحجم 25 يناير