مقالات مختارة

جيرمي كوربين يسلط الضوء على الحقائق المغيبة

1300x600
1300x600

حملت زيارة زعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربين للأردن رسالة تضامن مع الأردن الذي واجه أزمة اقتصادية خانقة؛ ولكنها تضمنت جولة سلطت الضوء على جانب من معاناة المملكة من أزمة اللجوء الخانقة التي تعتبر مسؤولية دولية لا تخص الأردن وحده، بل تعني المجتمع الدولي بأكمله.
فمنذ العام 48 عاني الأردن من موجات لجوء لم تجد حلا في أروقة الأمم المتحدة، وبلغت ذروتها باستضافة المملكة أكثر من مليون لاجئ سوري؛ ليتكرر مشهد الخذلان الدولي للأردن، ومعاناة اللاجئين التي تحولت إلى معاناة دولة. 


جولة كوربين لم تقتصر على زيارة مخيم الزعتري للاجئين السوريين للاطلاع على معاناتهم، بل حملت رسائل قوية بتأكيده محورية قضية اللاجئين الفلسطينيين بزيارته مخيم البقعة في عمّان في توقيت يوصف بأنه حساس؛ مسلطا الضوء على حقيقة مغيبة في الحراك الإقليمي والأمريكي المرتبط بصفقة القرن، ممثلة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين وعلى رأسها حق العودة؛ فالحراك الأمريكي والصهيوني والعربي المشبوه غيب قضية اللاجئين وعمل على التعمية عليها في محاولة لإسقاطها من أي جهود لتسوية الصراع العربي الصهيوني.


جدول زيارة زعيم حزب العمال تمثل إضاءة على ملف اللاجئين وعلى رأسهم الفلسطينيون؛ تحرك حمل مغزى مهما بتوجيه رسالة واضحة للإدارة الأمريكية باستحالة تغيبها الحقائق الثابتة؛ فالزيارة حظيت بتغطية إعلامية؛ ومخيم البقعة ظهر على رادار وسائل الإعلام أسوة بمخيم الزعتري؛ كاشفا الاستهداف الأمريكي للأونروا ولحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة.


لم يكتف كوربين بالتنقل بين المخيمات، بل أطلق تصريحا في معرض رده على سؤال عن صفقة القرن بالقول: "لا نعرف ما هي صفقة القرن، وإن حزب العمال البريطاني يريد أن يرى سلاما بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، مشددا بحسب وكالة الأنباء الأردنية "بترا" على حق الشعب الفلسطيني بالعيش في سلام على أرضه، ضمن دولة فلسطينية مستقلة ومعترف بها، مؤكدا أن مستقبل مدينة القدس يجب أن يكون عنوانا للسلام بين الجميع، مع أهمية وقف بناء المستوطنات الإسرائيلية التي تعرقل جهود تحقيق السلام".


المواقف المتقدمة للزعيم السياسي تعبر عن مزاج متغير لدى النخبة السياسية في الغرب لا في بريطانيا وأوروبا، بل وفي الولايات المتحدة ذاتها التي عبر عنها بيرني ساندرز السيناتور الأمريكي الحالي والمنافس السابق لهيلاري كيلنتون في الحزب الديمقراطي للترشح لمنصب الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر من مرة؛ فاتحا الباب لنشاط سياسي استثنائي في الساحة السياسية الغربية.


حزب العمال البريطاني ممثلا برئيسة كوربين، يعكس تطور النظرة الغربية وخصوصا لدى النخبة السياسية وعلى رأسها الأوروبية والبريطانية والأمريكية لحقوق الشعب الفلسطيني ومعاناته، إذ أظهر الرئيس الجديد للحزب تعاطفا كبيرا مع حقوق الفلسطيني، وكان من المتضامنين مع الحملة التي شنت على وعد بلفور المشؤوم بمناسبة مئويته؛ وهو بذلك يعبر عن تغير المزاج السياسي والنخبوي.

 

التغيرات لا تقتصر على كوربين الزعيم السياسي الذي أثار جدلا كبيرا في بريطانيا، بل نجد آثارها لدى ولي العهد الثاني في بريطانيا الأمير وليم، الذي نظم جولة في الأردن تشمل الأردن وفلسطين؛ معلنا رفضه زيارة القدس باعتبارها مدينة محتلة، ما أثار اعتراضا في الكيان الإسرائيلي على هذه الزيارة التي تأتي في توقيت حساس مترافق مع جهود أمريكية لصياغة صفقة تتجاهل حقوق الفلسطيني في دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية، بل إن الأنباء تتحدث عن إمكانية زيارة الأمير وليم لقطاع غزة للاطلاع على معاناة الغزيين من الحصار.

 

المزاج العام في بريطانيا إلى جانب المزاج الأوروبي يعطي مساحة كبيرة بإمكان الفلسطينيين والأردنيين التعويل عليها، لمقاومة المشاريع الأمريكية التصفوية التي تحمل بذور كارثة تهدد استقرار الإقليم وتؤسس لحقبة من الاضطرابات السياسية والاجتماعية يصعب التنبؤ بطبيعتها بدقة.
رسائل التضامن الموجهة للأردن تعكس هواجس الدوائر السياسية في أوروبا على تداعيات السياسة الأمريكية على الأردن واستقراره كما الحال على المستوى الإقليمي؛ أمر سيكون له آثار بطريقة أو أخرى على المشاريع الأمريكية المتعثرة في المنطقة وعلى رأسها صفقة القرن المشؤومة.


السبيل الأردنية







إضافة تعليق

الاسم

0
التعليقات (0)