طب وصحة

دواء جديد قد يحول دون موت آلاف النساء سنويا بعد الولادة

الأطباء كانوا يبحثون عن دواء لا يحتاج التخزين في درجات حرارة منخفضة لسنوات عديدة- جيتي
الأطباء كانوا يبحثون عن دواء لا يحتاج التخزين في درجات حرارة منخفضة لسنوات عديدة- جيتي
نشرت صحيفة "التلغراف" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن توصل العلماء لدواء جديد يمكنه إنقاذ حياة آلاف من النساء اللاتي يفقدن كميات كبيرة من الدم أثناء عملية الولادة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن 70 ألف امرأة تموت سنويا بسبب نزيف ما بعد الولادة. وقد تفقد المرأة ما لا يقل عن 500 مليلتر من الدم خلال الأربع وعشرون ساعة التي تلي الولادة. ويعتبر النزيف السبب الرئيسي لوفاة الأمهات في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. أما الرضع الذين يفقدون أمهاتهم، فيكونون أكثر عرضة للوفاة خلال الشهر الأول من الولادة.

وذكرت الصحيفة أن العلاج الاعتيادي لهذه الحالة يتمثل في عقار الأوكسايتوسين، الذي يجب أن يقع تخزينه ونقله في درجة حرارة تتراوح بين درجتين وخمس درجات مئوية. ويشكل ذلك تحديا في البلدان النامية التي تعاني من مشاكل في إمدادات الكهرباء. لكن حاليا، توصلت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية إلى أن عقار كاربيتوسين، الذي يمكن تخزينه في درجات حرارة تصل إلى 30 درجة مئوية ونسبة رطوبة تصل إلى 75 بالمائة، على مدار ثلاث سنوات على الأقل، لديه نفس فعالية عقار الأوكسايتوسين.

وتطرقت الصحيفة إلى بعض الحقائق حول نزيف ما بعد الولادة، الذي يعتبر السبب الرئيسي لحوالي ربع الوفيات النفاسية على المستوى العالمي. وتشمل العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بهذه المضاعفات الصحية، امتلاك المرأة لمؤشر كتلة جسم يتجاوز 35، فضلا عن مشيمة منخفضة، أو إصابتها بمرض مقدمات الارتعاج، أو ما يعرف بارتفاع ضغط الدم. وتعتبر هذه الحالة أكثر شيوعا بالنسبة للنساء اللاتي يخضعن لولادة قيصرية، أو يعملن لفترات طويلة تتجاوز 12 ساعة، أو يحملن رضيعا كبير الحجم.

وسلطت الصحيفة الضوء على التجربة السريرية التي نشرت في مجلة "نيو إنغلاند" الطبية، التي أجريت على 30 ألف امرأة من 10 دول وضعن أطفالهن عن طريق ولادة طبيعية. وتشمل هذه الدول الأرجنتين ومصر والهند وكينيا ونيجيريا وسنغافورة وجنوب أفريقيا وتايلاند وأوغندا والمملكة المتحدة. وقد تم بطريقة عشوائية إعطاء كل امرأة حقنة واحدة من عقار الكاربيتوسين أو الأوكسايتوسين مباشرة بعد ولادة طفلها. ووجدت الدراسة أن كلا الدوائين لديهما نفس الفعالية في منع النزيف المفرط بعد الولادة.

وتجدر الإشارة إلى أن عقار الأوكسايتوسين الذي استعمل في هذه التجربة تم تخزينه في درجة حرارة مناسبة لذلك، بلغت التأثيرات الإيجابية للدواء مستوى أعلى مما كان متوقعا. ووفقا للباحثين، يتراجع مفعول عقار الأوكسايتوسين عند تخزينه بطريقة خاطئة.

ونقلت الصحيفة تصريحات المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الذي أشاد بهذه الدراسة. وفي هذا السياق، قال غيبريسوس إن "هذا التطور الجديد مشجع حقا ويمكن أن يحدث ثورة في قدرتنا على إنقاذ حياة الأمهات والرضع".

وفي الحقيقة، لم يتم بعد الموافقة على هذا العقار وسيتعين تقييمه من قبل لجنة مستقلة تابعة لمنظمة الصحة العالمية، مختصة في المبادئ التوجيهية. وفي حال وقع تضمين هذا العقار في قائمة الأدوية الأساسية المستقبلية، قد يكون متاحا ابتداء من السنة القادمة.

وأوردت الصحيفة تصريحا للدكتور متين غولميزوغلو، منسق في قسم صحة الأم أثناء الحمل والولادة في منظمة الصحة العالمية، أكد فيه أن العلماء والأطباء كانوا يبحثون عن دواء لا يحتاج التخزين في درجات حرارة منخفضة لسنوات عديدة.

وحيال هذا الشأن، قال غولميزوغلو إن "المستويات المعتدلة لدرجات الحرارة هي ما كنا نبحث عنه لعدة سنوات، نظرا لتراجع مفعول عقار الأكسايتوسين، وحتى نحافظ على سلسلة التبريد في المراكز الصحية الخارجية، ولجعل سلسلة توريد الدواء أكثر كفاءة. وهذا ما يعتبر تطورا مهما في مجال صحة الأم على الصعيد العالمي".

وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن شركة "فيرنج" للأدوية، التي قامت بتطوير عقار كاربيتوسين، قد وقعت اتفاقا مع منظمة الصحة العالمية حول بقاء العقار مستداما مع توفيره بتكلفة معقولة بالنسبة للبلدان متوسطة ومنخفضة الدخل. ومن جهته، أكد كبير المسؤولين الطبيين في الشركة كلاوس دوغي، أن زملاءه يعملون بجد من أجل خفض تكاليف العقار قدر المستطاع دون المساس بجودة المنتج، مشيرا إلى أن تحديد السعر النهائي للدواء يعد أمرا سابقا لأوانه.

0
التعليقات (0)