سياسة دولية

لماذا منعت مصر دخول الصادق المهدي إلى أراضيها؟

محلل سوداني: القاهرة لن تضحي بمصالحها لأجل المعارضة السودانية- جيتي
محلل سوداني: القاهرة لن تضحي بمصالحها لأجل المعارضة السودانية- جيتي

أثار منع السلطات المصرية للمعارض السوداني الصادق المهدي، من دخول أراضيها؛ التساؤلات حول دلالة موقف القاهرة، وهل تسعى لكسب ود الخرطوم بمفاوضات "سد النهضة" والتهدئة بملف "حلايب" على حساب المعارضة السودانية بالقاهرة؟

وفي بيان لحزب "الأمة" السوداني، وصل إلى "عربي21"، نسخة منه، أكد منع القاهرة دخول الصادق المهدى، رئيس "نداء السودان" ورئيس الحزب، مساء السبت حين عودته من برلين بعد مشاركته باجتماعات نداء السودان مع الحكومة الألمانية.

وأشار البيان إلى أن مصر طلبت من المهدي، عدم المشاركة باجتماعات برلين، وأنه رفض الطلب المصري بدعوى "رفض أية إملاءات خارجية بالشأن السوداني"، مؤكدا أن "الحكومة المصرية تسبح عكس التيار ولا تكترث لعلاقات الشعوب".

 

اقرأ أيضاالقاهرة تمنع الصادق المهدي من دخول أراضيها وحزبه يوضح

"سابقة تقلل دور مصر"

وقال الكاتب الصحفي المصري أسامة الألفي، إن "منع الصادق المهدي من دخول مصر يعد سابقة؛ لأنها كانت دوما مأوى وملجأ مفتوحا لأجيال من المعارضين العرب"، مشيرا إلى أن "بها حاليا نحو مليوني سوداني، كثير منهم معارض لنظام البشير"، مؤكدا أن "هذا المنع يقلل من دور مصر السياسي".

مساعد رئيس تحرير الأهرام  الأسبق، بحديثه لـ"عربي21"، يرى أن منع القاهرة للمهدي، ليست محاولة لكسب ود البشير ونظامه من أجل موضوع "سد النهضة" أو التهدئة بملف "حلايب"، معتقدا أن "هذا ليس تفكير القيادة المصرية، لعلمها أن البشير لا يستقر على موقف، بل مواقفه متضاربة وتتغير حسب حالته ومصلحته".

المهدي مقابل "حسم"

من جانبه يرى المحلل السياسي السوداني حسن إبراهيم، أن "القاهرة لن تضحي بمصالحها لأجل المعارضة السودانية"، مقللا من حجم الظهير الشعبي السوداني الذي يتمتع به المهدي والذي قد يغضب من مصر، مشيرا إلى أنه "حتى أنصار المهدي كفروا بالصادق، وتم الاعتداء عليه في 2014 عندما ذهب لكوستي بالنيل الأبيض".

إبراهيم، بحديثه لـ"عربي21"، أقر بأن القرار المصري خطوة نحو تذويب جبال الجليد بين البلدين وبادرة حسن نوايا من القاهرة، مشيرا إلى أن "الخرطوم سلمت رئيس (حركة حسم) للسلطات المصرية؛ فكان لا بد من مبادرة موازية"، مؤكدا أن "هناك توجها لتسليم 12 من قيادات الإخوان المصريين بالسودان، خاصة أن هناك ترتيبات لزيارة السيسي للخرطوم في تشرين الأول/أكتوبر المقبل".

ولام إبراهيم على الصادق المهدي بقوله: "مشكلة أن يجهل السياسي حدوده"؛ مشيرا إلى أن السلطات المصرية طلبت منه مقاطعة اجتماع قوى السودان ببرلين لأن بينهم حركات مسلحة، موضحا أن "ذهاب المهدي إلى برلين وعودته للقاهرة، يعد موقفا سياسيا تصعيديا مع الخرطوم، لا ترغب القاهرة به في وقت تسلمها الخرطوم مطلوبين".

أولويات القاهرة

وأشار المحلل السياسي السوداني وائل علي، إلى أن التطورات الإيجابية مستمرة بالعلاقات بين مصر والسودان، منذ انعقاد اللجنة الرباعية لوزيري خارجية ومديري مخابرات البلدين في كانون الثاني/ يناير الماضي، موضحا أنها أزالت كل السحب منذ إعلان الخرطوم ضبط مدرعات مصرية بدارفور، مؤكدا أن "ما سبق كان مرحلة استخدم فيها كل طرف ما لديه من أسلحة للضغط والوصول للتفاوض، وبالنهاية احتوت الشقيقتان خلافهما السياسي".

الباحث السوداني، أكد لـ"عربي21"، أن "مصالح كبيرة تجمع البلدين؛ وواقعيا الاثنتان منخرطتان مع التحالف السعودي باليمن ولديهما مصالح بالبحر الأحمر"، معتقدا أن "المناورة السودانية مع تركيا كانت أحد أسباب تسارع التقارب؛ حيث إن القاهرة لا ترغب بوجود نفوذ تركي بالبحر الأحمر".

وحول احتمال كون منع المهدي، خطوة مصرية نحو السودان ونحو التوافق بمفاوضات "سد النهضة"، أكد علي، أن "السيسي حاول أن يتذاكى بعد الاتفاقية الإطارية وضيع سنتين من المفاوضات، ولكن النظام الإثيوبي الجديد تغيرت أولوياته ويسعى لحسم الصراعات الداخلية، وأصبح جاهزا للتفاوض مع مصر"، متوقعا حدوث تفاهم مصري سوداني إثيوبي، حول ملء بحيرة السد بمدة أطول مما أعلنته إثيوبيا.

ويرى علي، أن من أسباب منع القاهرة للمهدي، أنها "لا تعول على التقارب معه وتدرك أنه طعنها أكثر من مرة، وتعده ضيفا وليس صديقا"، مؤكدا توقعه لما حدث مع المهدي، وأن القاهرة أرسلت له إشعارات من خلال أمن الدولة المصري الذي ضغط عليه مؤخرا ومنع الزيارات له وحجّم حركته السياسية والإعلامية في القاهرة".

وقال إن "كل نظام أدرى بمصالحه وله حساباته السياسية؛ وحسابات مصر الآن تتطلب صداقة النظام السوداني، وليس أولوياته فتح خط مع المعارضة السودانية والإطاحة بالنظام السوداني، وكون هذا التقارب حدث، فالقاهرة حريصة على استمراره".

خطيئة كبرى

ويرى الكاتب المصري هاني رسلان، أن "منع المهدي، خطيئة كبرى"، مضيفا عبر "فيسبوك"، خطيئة بحقه كقائد سياسي، ولمكانته لدى قومه، ولكونه مفكرا يدعو لنبذ العنف.

وقارن الكاتب الصحفي سليم عزوز، بين موقف نظامي حسني مبارك والسيسي من الصادق المهدي، مشيرا إلى أنه برغم سوء علاقات مبارك والمهدي، إلا أنه سمح للأخير بالعيش في مصر.

وقال عزوز: "أبو علاء كان عنده الحد الأدنى من الفهم السياسي، ولأن مصر لا يجوز لها أن تخسر سودانيا بحجم المهدي استراتيجيا بعيدا عن المناوشات السياسية"، متهما النظام الحالي بأنه فاقد لأي إحساس سياسي، متسائلا "دولة هذه أم قسم شرطة؟".

 

اقرأ أيضا: ردود أفعال واسعة بالسودان بعد منع القاهرة دخول المهدي

التعليقات (2)
صلاح العربي
الإثنين، 02-07-2018 12:42 م
الصادق المهدي زعيم و قائد و مثقف و رجل دين و سياسي عالمي و لا يقارن بأقزام حكومة البشير الذين جاءوا للسلطة عبر دبابات اجهضت حكما ديمقراطيا عبر انتخابات حرة نزيهة و الحكومة الديمقراطية كان يرأسها السيد الصادق زعيم كتلة الانار رئيس اكبر حزب سياسي فى السودان و مريدوه يغطون اشعة الشمس خاصة فى مساجدهم يوم الجمعة و قد كان رُبع اعضاء البرلمان فى الحكومة الديمقراطية من حزبه حزب الامة. و السيد الصادق الآن يرأس تجمعا للمعارضة مكون من عمالقة الاحزاب و المعارضين لنظام البشير قاتل شعبه و المطلوب قضائيا فى المحكمة الدولية بتهمة ابادة شعبه. و منع مصر للامام الصادق المهدي هو استفزاز للمجتمع الدولي الذي بدا يتبني رغبة السودانيين فى التخلص من نظام البشير و ما منع السيد الصادق المهدي من دخول مر الا وصمة عار تضاف لسجل السيسى و هو يريد بذلك كسب عطف البشير الذي يمكن ان يفعل به غدرا متي ما شاء فهو رئيس متقلب الاهواء و المواقف و معروف عنه نكثه للوعود و العهود خاصة مع رفقائه و الذين يطلبون وده
واحدة بواحدة
الإثنين، 02-07-2018 04:16 ص
علاقة الصادق المهدى الوطيدة بالقاهرة ، و لجوؤه الاختيارى لها ؛ ارتبطت بثورة الإنقاذ التى قادها الفريق / عمر البشير ، و التى أطاحت بحكم الصادق المهدى فى يوليو / تموز عام 1989 م ، و جاءت بحكومة ذات توجهات إسلامية فى الخرطوم ! حيث آوت الخرطوم حينها الكثير من المعارضين الإسلاميين المصريين ، و قيادات العمل الجهادى المناوؤين لنظام المخلوع خلال تسعينيات القرن الماضى ، فكان رد القاهرة على ذلك هو إيواء الصادق المهدى و حزبه على سبيل المعاملة بالمثل ! لكن جهود الخرطوم خلال السنوات الماضية للنأى بنفسها عن التيار الإسلامى ، و الاستجابة للضغوط الدولية من أجل رفع السودان من قوائم الدول الراعية لل(إرهاب) ، جاءت عبر تعزيز التعاون الأمنى مع الأجهزة الأمنية الغربية ، و طواغيت المنطقة ! فكان من الطبيعى أن تتخلى القاهرة عن دعم معارضى الخرطوم مقابل تعاون الخرطوم معها فى تسليم من يلجأ إليها من المعارضين المصريين ! إقرأوا على النت خبر بعنوان : ( تسليم السودان لشاب إخواني يفتح النار على قيادات الجماعة ) ، و شاهدوا على اليوتيوب فيديو بعنوان : ( إعترافات عناصرحسم الجناح المُسلح لجماعة الإخوان الإرهابيةالمتهمين فى حادث إستهداف مديرأمن الإسكندرية ) .