صحافة دولية

موقع إسباني : لهذه الأسباب أصبح لبنان "أمة بلا أثر"

أوضح الموقع أن تقسيم السلطة بين قوى المجتمع اللبناني وأطيافه يعد بمثابة الخطوة الأولى نحو تعزيز حالة من الجمود السياسي- جيتي
أوضح الموقع أن تقسيم السلطة بين قوى المجتمع اللبناني وأطيافه يعد بمثابة الخطوة الأولى نحو تعزيز حالة من الجمود السياسي- جيتي

نشر موقع "الأوردن مونديال" الإسباني تقريرا تحدث فيه عن لبنان، "البلد الغامض الذي يعكس صورة أمة بلا أثر". ويمكن اعتبار أن حالة التشتت الوطني في لبنان هي نتيجة للتغيرات والتقلبات التي شهدتها المنطقة على جميع المستويات.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن تاريخ لبنان الحديث ارتبط بمخطط منظم من أجل الحفاظ على توازن القوى في المجتمع، وبسياسة خارجية تخضع لوصاية القوى الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة الوثيقة التي تجمع بين لبنان وسوريا.

 

وفي خضم تداخل السلطة في لبنان، شهدت البلاد صعود حزب الله، الجهة الفاعلة التي أثبت تطورها أنها عنصر أساسي في تحديد ملامح مستقبل بلاد الأرز.


وأورد الموقع أن المشكلة الأزلية في لبنان تتمثل في عدم القدرة على تحديد هوية وطنية له. في الأثناء، تعرقل المجتمعات العرقية والدينية كل الرغبات الوطنية في توحيد الشعب اللبناني تحت مظلة هوية وأمة موحدة.

 

علاوة على ذلك، يعكس تمثيل الطوائف المتعددة في لبنان حقيقة جديدة حول بلاد الأرز؛ ألا وهي أن هوية الشعب اللبناني أقرب إلى هوية "مجتمعات".

 

وقد تجسد هذا الوضع بشكل أوضح خلال القرن العشرين، وتبلور بشكل أكثر وضوحا عن طريق اتفاق الطائف.

وذكر الموقع أن اتفاق الطائف هو عبارة عن موروث له أسس قبلية حددت المستقبل السياسي والتطور الاجتماعي في لبنان، انطلاقا من المنظور الديني على حساب الدولة الحقيقية التي تعزز مفهوم وحدة محددة.

 

اقرأ أيضا : برّي يتفاعل مع مسلسل "الهيبة" وتيّم الحسن يرد عليه (شاهد)

 

وفي خضم هذه الديناميكية الاجتماعية، يتم تحديد سلطة الدولة من خلال العائلات والمعاهدات السياسية التي يتمثل هدفها الأول والأخير في الحفاظ على نفوذها التمثيلي في السلطة.

في هذا الصدد، صرح أحد المهاجرين الإيطاليين اللبنانيين المقيمين في روما أن "السياسيين من مختلف الأحزاب يتراشقون التهم، وينتقدون بعضهم البعض… لكن عندما يتعلق الأمر بالبقاء في السلطة، تعمل هذه الجهات على حماية بعضها البعض".

وأوضح الموقع أن تقسيم السلطة بين قوى المجتمع اللبناني وأطيافه، المعمول به منذ استقلال البلاد، يعد بمثابة الخطوة الأولى نحو تعزيز حالة من الجمود السياسي الذي تم إعادة توجيهه ليتبلور في شكل نظام من التحالفات الثابتة بين المجموعات التقليدية.

 

وتتمثل هذه المجموعات في تحالف 8 آذار وتحالف 14 آذار اللذين لا زالا يؤكدان اليوم على محسوبية وإرادة التسلط، التي تتبعها كل جهة من الجهات الفاعلة في المنطقة التي تمثلها.


وعلى وجه التحديد، عادة ما يكون هؤلاء الممثلون الإقليميون عن المجموعات المهيمنة في لبنان عبارة عن قوى إقليمية متنافسة ومعادية لبعضها البعض، على غرار المملكة العربية السعودية وإيران؛ التي لا تعمل سوى على زيادة الاحتكاكات الداخلية في بلاد الأرز.

وأضاف الموقع أن سوريا تعد عاملا معززا لحالة الانقسام الوطني في لبنان. وقد حافظت سوريا على تدخلها العسكري في البلاد وتأثيرها عليها حتى سنة 2005.

 

وحتى بعد هذا التاريخ الحاسم، تواصل هذا التأثير في لبنان مؤسسا لحالة انقسام في صفوف الشعب. وبعد ثورة الأرز، تشكلت كتل سياسية واضحة، وكانت العلاقة مع بشار الأسد عاملا أساسيا في تحديد هذه المجموعات.

 

اقرا أيضا :  ترحيل اللاجئين السوريين من لبنان.. هل الأسباب "طائفية"؟


وفي خضم هذا الانقسام، مثّل تحالف 8 آذار الكتلة الأولى التي تدعم خيار البقاء تحت وصاية سوريا، فيما اختارت الكتلة الثانية، تحالف 14 آذار، النأي بالبلاد عن هذا التأثير المجاور. ومع ذلك، ظل نظام الأسد الوصي الرئيسي على السياسة الخارجية اللبنانية.

 

وقد تواصلت الوصاية السورية على لبنان منذ القرن العشرين إلى غاية هذا التاريخ، على الرغم من معاناة سوريا من حرب دامية منذ سنة 2011.

وأشار الموقع إلى أن الاحتكار السياسي، يعد من العوامل الأخرى التي تعزز انقسام الساحة السياسية إلى كتل، وتشتيت المجتمع اللبناني.

 

علاوة على ذلك، لم يساهم هذا العامل في دعم التغيير في البلاد، إذ لا زالت الكتلتان التقليديتان، مهيمنتين في البلاد.

 

وقد أجبِر كلاهما على التوصل إلى اتفاق بينهما، هدفه ضمان استمراريتهما في السلطة.  من جانب آخر، تبيّن أن حزب الله هو المسيطر على الديناميكيات السياسية في البلاد، وعنصر أساسي لتحديد مستقبلها.

 

أما العامل الآخر الذي يحرك الديناميكية السياسية اللبنانية ويؤثر فيها، فيتمثل في العلاقات الإقليمية والمجتمعية.

ونقل الموقع أن المجتمعات اللبنانية عبارة عن "أمم أو دول" داخل الدولة الواحدة. وفي خضم هذا الوضع، حكمت عائلات لبنانية معينة الطبقة السياسية في البلاد وسيطرت عليها.

 

وعلى هذا النحو، شعر الشعب اللبناني ببسط هذه العائلات لنفوذها على الساحة السياسية عبر توريث الحكم وانتقالها من الآباء إلى الأبناء أو إلى الإخوة أو أبناء الإخوة… بهذه الطريقة، استمر النظام الذي يهدف لجعل لبنان دولة خاضعة لمجتمعاتها.

وأورد الموقع أن التطور السياسي والاجتماعي في لبنان نحو مشروع وطني مستقل، يلاقي الكثير من العراقيل؛ على رأسها الشخصيات السياسية وأحزابها التي توسع نفوذها وتضمن استمراريتها بالاعتماد على المحسوبية وعلى خدمة مصالح الجهات الخارجية.

 

اقرا أيضا : جميل السيد اتهم جنبلاط بالجنون.. والأخير: ما زلت مجنونا

 

من جانب آخر، يعد لبنان بمثابة مرآة للوضع في الشرق الأوسط، بسبب موقعه وتاريخه. لكن، انقسامه الوطني جعل منه لعبة تتحكم بها القوى الخارجية بكل سهولة.

ونوه الموقع بأن لبنان صورة مصغرة عن الشرق الأوسط، إذ أنه يجسد كل خلافاته وتناقضاته. لهذا السبب، تمكنت بلاد الأرز من إظهار قدرتها على التعايش وإدماج العروبة مع التنوع الديني والديمقراطية.

 

في المقابل، تجعل كل من المحسوبية ووصاية القوى الخارجية لبنان غير قادر على التحول إلى بلد مستقل.

وفي الختام، قال الموقع إن تحديد هوية وطنية للدولة اللبنانية من شأنه أن يجعل منها جهة فاعلة جيو-استراتيجية، لها حقوقها الخاصة وقادرة على التخلص من الوصاية الأجنبية.

 

وبهذه الطريقة فقط، سيتمكن لبنان من توحيد جميع الطوائف وحشد القوى لتحويل التنوع إلى عامل قوة عوضا عن مصدر للتفكك والانقسام، بحسب الموقع.
 

التعليقات (0)

خبر عاجل