سياسة دولية

حقوقيون: لماذا فرطت فرنسا بالليبرالية وباعت أسلحة للسيسي؟

عانى المصريون في ظل الانقلاب العسكري القمع والبطش والقتل خارج إطار القانون- جيتي
عانى المصريون في ظل الانقلاب العسكري القمع والبطش والقتل خارج إطار القانون- جيتي

في الوقت الذي كان يحتفل فيه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بعيد ميلاد وزير خارجية فرنسا، جان إيف لو دريان، بقصر الاتحادية مطلع تموز/ يوليو الجاري؛ أعلنت عدة منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان أنّ باريس قدّمت للقاهرة منذ 5 سنوات أسلحة وآلات وأنظمة مراقبة استخدمها النظام الحاكم لـ"سحق الشعب المصري".

وأشارت المنظمات الاثنين، إلى أن باريس "سلمت القاهرة أسلحة حرب، فضلا عن البرامج والمعدات المعلوماتية التي أتاحت إنشاء بنية مراقبة وتحكم أورويلية (هي صفة لحالة، أو فكرة، أو ظرف اجتماعي نسبة لما حدده الروائي والصحفي البريطاني جورج أورويل، 1903- 1950، كأداة لتدمير رفاهة العيش في المجتمعات الحرة والمفتوحة) استُخدمت لضرب أي محاولة انشقاق أو تعبئة"، ما أدى لاعتقال عشرات آلاف المعارضين، فيما ارتفعت مبيعات الأسلحة الفرنسية من 39.6 مليون إلى 1.3 مليار يورو من 2010 إلى 2016).

ما جاء في التقرير أثار التكهنات حول تفريط فرنسا بقيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ببيعها نظاما قمعيا، أسلحة استخدمها في البطش بشعبه، وممارسة أعمال القتل خارج إطار القانون؛ كما أنها تثار التساؤلات أيضا حول الأسباب التي دفعت باريس لهذا الأمر، وهل هي زيادة مبيعات الأسلحة، أم مواجهة التيار الإسلامي بمصر على غرار ما تقوم به في أفريقيا؟

 

اقرأ أيضا: "الثوري المصري" يدعو لمقاومة شعبية وثورة شاملة ضد العسكر

وعانى المصريون في ظل الانقلاب العسكري من القمع والبطش والقتل خارج إطار القانون، والاثنين، كشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، عن جرائم النظام منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، وبينها قتل 7120 مصريا، منهم 2194 باعتداءات الأمن على تجمعات سلمية، و717 بمقار الاحتجاز، جراء التعذيب والإهمال الطبي، و169 بالتصفية الجسدية بيد قوات الأمن، موضحة أن عدد المعتقلين بلغ 61262 شخصا، هذا بجانب ما وقع في سيناء من جرائم.

مصلحة الغرب والدولار

وفي تعليقه يرى النائب السابق بمجلس الشورى، المحامي عاطف عواد، أن "السياسيين في فرنسا والغرب بشكل عام، يتمسكون بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان أمام شعوبهم التي تحاسبهم".

المحامي المصري، أضاف لـ"عربي21"، أنه "خارج هذا الإطار؛ فإن مصالح السياسيين الفرنسيين والغربيين المادية تكون في مقدمة أولوياتهم"، مؤكدا أنه "أينما وجد الدولار فثم وجه الغرب"، في إشارة إلى طغيان القيم المادية على قيم الحقوق والحريات بالغرب.

وحول اعتقاده بأن الأمر مرتبط أيضا ولو بدرجة برفض فرنسا أي وجود لأية تيارات إسلامية بمصر وخاصة الإخوان المسلمين، قال عواد، إن "الإخوان لم ولن يمثلوا خطورة على الأنظمة الغربية لاسيما فرنسا؛ فلدى الإخوان رغبة للتعاون وليس العداء مع هذه الأنظمة التي لاتتعاون ليكون دائما لديها فزاعة الإخوان والإرهاب تستخدمهما لمزيد من استنزاف الأنظمة العسكرية والشعوب".

 

اقرأ أيضا: نسب صادمة للتعذيب وعدد قتلى ومعتقلي السيسي (انفوغراف)


إرث فرنسا والإسلاميين

من جانبها قالت أستاذ العلوم السياسية، سارة عطيفي: "في البداية علينا أن نعرف جيدا من هي فرنسا، ودورها لسحق أي تيار إسلامي في قارتنا الأفريقية بشمالها ووسطها"، موضحة أن "الوجود الفرنسي بالمنطقة هو إرث الماضي الاستعماري".

عطيفي، أشارت بحديثها لـ"عربي21"، إلى أن "المصالح الاقتصادية الكبيرة لفرنسا بغرب أفريقيا وشمالها"، مبينة أن "أهم تلك المصالح الاقتصادية يتمثل باستخراج اليورانيوم من النيجر، والذي تديره شركة أريفا الفرنسية ويزود به أكثر من ثلث محطات الطاقة النووية لشركة "أو دي أف" للكهرباء بفرنسا".

الأكاديمية المصرية، قالت إنه "لذلك فإن فرنسا بدأت دعواتها لمحاربة جماعة "بوكو حرام" في 2014 في نيجيريا، وفِي عام 2013 تدخلت لمحاربة "الطوارق" في مالي وتشاد؛ للوصول لليورانيوم بالصحراء الأفريقية، وتحركات في النيجر المجاورة لمالي، لأنها أكبر خامس دولة منتجة لليورانيوم بالعالم، والتي تمثل 33 بالمئة، من إمدادات اليورانيوم لفرنسا".

وأضافت أن ما سبق "يوضح الرؤية من تمسك فرنسا بالتدخل في أزمات المنطقة برمتها"، متابعة بقولها: "يأتي دور فرنسا في ليبيا وما تمثله حدودها مع تشاد ومالي، ويأتي دورها بمصر وما تمثله حدودها مع ليبيا".

وأكدت المعارضة المصرية بالخارج أنه "من هنا سوف تتضح الصورة والخريطة المتشابكة؛ فوجود أي حكم إسلامي ديمقراطي بالمنطقة هو تهديد مباشر لمصالحها"، موضحة أنه "لهذا تغمض العين عن الحريات التي تتشدق بها وتقوم بدعم المرتزق الانقلابي عبد الفتاح السيسي، بالسلاح وفتح التعاقد مع الشركات الحربية برغم ما يمثله هذا النظام من سحق حقوق الإنسان وحرياته".

 

اقرأ أيضا: تقرير حقوقي: فرنسا شاركت السيسي بسحق الشعب المصري

وتحدثت عن صفقات السلاح الفرنسية قائلة إنه "منذ 2015، أبرم السيسي، صفقات سلاح مع فرنسا بلغت قيمتها 6 مليارات يورو من بينها 24 طائرة مقاتلة رفال، وفرقاطة وحاملة طائرات من طراز ميسترال، بجانب صفقات صواريخ"، مؤكدة أن "فرنسا لا يهمها غير مصالحها في المنطقة التي تعتبرها إرثها حتى ولو بالوكالة".

ليست وحدها

الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية نادر فرجاني، أكد أن فرنسا ليست وحدها واضعا إياها وأمريكا في سلة المتخلين عن القيم الليبرالية بمقابل المال، قائلا عبر صفحته في "فيسبوك": "فرنسا، كما الولايات المتحدة، تلقي بقيم الحرية والديمقراطية في البالوعة من أجل مبيعات السلاح".

وقال المعارض المصري محمد شوبير، إن ما يثار مع حلول ذكرى الانقلاب كل عام على غرار أن الإعلام لعب دورا بارزا فيه، وأن المخابرات الفرنسية أمدت قادة الانقلاب بمعلومات هامة، وحكومة فرنسا أمدتهم بوسائل تجسس وأسلحة، وأمريكا ساندتهم، والاتحاد الأوروبي كان متواطئا؛ جميعها تفاصيل لاجدوى منها.

وأضاف عبر صفحته على "فيسبوك": "كنت أتمنى على المحللين والكتاب والصحفيين أن يتناولوا: ماذا فعلنا طيلة 5 سنوات؟ وفيم أخفقنا؟ ولماذا الإخفاق؟".

التعليقات (0)

خبر عاجل