كتاب عربي 21

لماذا انتحرت أميرة؟

آيات عـرابي
1300x600
1300x600

فتاة عشرينية تفقد فجأة الرغبة في الحياة ذاتها وتقرر أن تنهي حياتها بطريقة شديدة القسوة. أميرة لم تنتحر بوسيلة هادئة تجنب فيها نفسها ألم اللحظات الأخيرة بل اختارت وسيلة شديدة القسوة، اختارت أن تلقي بنفسها تحت عجلات المترو الحديدية، اختارت أن تضع جسدها تحت عشرات الأطنان من الحديد.

هذه فتاة لم تختر أن تنتحر بهدوء في غرفة منزوية بمنزلها، لتكتشف أسرتها انتحارها ويطلقوا بعض الصرخات وربما نُشر الخبر في ركن ما من جريدة ما في صفحة الحوادث ليمر كعشرات الأخبار غيره، بل اختارت الانتحار بصخب، ارتدت ثيابها وغادرت بيتها ووقفت تنتظر المترو ثم قفزت لتلقي بكل حياتها تحته. لم يكن هذا انتحارا فقط، بل كانت أميرة تنتحر وهي تصرخ، أنهت حياتها وهي تنبه الجميع أنها تنتحر.

المرعب في الحادث ليس فقط الوسيلة التي اختارتها الفتاة للانتحار، بل سنها. هذه فتاة في العشرين من عمرها، أي أنها يجب أن تكون منشغلة بانتظار عريس المستقل والتفكير في تكوين أسرة كأي فتاة في مثل سنها. لكن أن تقرر أن تتوقف فجأة عن كل هذا وأن تتخلى عن مئات التفاصيل التي تربطها بحياتها لتموت تحت عجلات مترو، فهذا مرعب.

وبدت في صحف الانقلاب وقنواته حالة واضحة من التخبط في محاولة للبحث عن أسباب بعيدة عن الواقع السياسي والاقتصادي المظلم الذي تعيشه مصر. وظهر هذا في محاولة حشد كل الأسباب الممكنة حتى لو تعارضت مع بعضها، المهم ألا تكون هذه الأسباب سياسية وألا تشير من قريب أو من بعيد لأجواء اليأس التي تعيشها مصر. فنشرت بعض الصحف أن أميرة انتحرت بعد مشادة مع أشقائها في اليوم نفسه بينما قالت بعض الصحف والقنوات الأخرى أنها تمر بأزمة نفسية نتيجة وفاة والدتها منذ 7 سنوات. وهي تفسيرات تبدو غير مقنعة خصوصا أن والدها نفى لليوم السابع أن يكون هناك من يسيء معاملتها وقال إنها نالت قسطاً كبيراً من التدليل وهو أمر يبدو منطقياً في حالة فتاة وحيدة بين أخوة ذكور ويكذب تلك الصورة التي حاولت بعض الصحف الانقلابية رسمها لفتاة تتلقى معاملة سيئة في بيتها.


في اليوم التالي لانتحار أميرة، نشرت جريدة اليوم السابع الانقلابية خبراً عن انتحار فتاة أخرى تبلغ من العمر 15 عاماً، ألقت بنفسها من فوق بناية في الإسكندرية.

مرة أخرى، تختار فتاة صغيرة السن، وسيلة صاخبة للانتحار وكأنها تريد أن تصرخ في وجه كل شيء. وفي الحالتين، تحاول صحف الانقلاب البحث عن أي أسباب، فقالوا إن الفتاة انتحرت بسبب انفصال والديها.

ولم ينل حادث انتحار فتاة الإسكندرية نفس الضجة التي نالها حادث انتحار أميرة، ربما نتيجة للصدمة التي خلفها مشهد أميرة وهي تقفز لتواجه المترو.

لقد بلغت نسبة حالات الانتحار في مصر 88 حالة من بين كل 100 ألف حسب ما نشرته جريدة النهار ووفقاً لأرقام توقفت عند 2014 وقالت الصحيفة إن الانقلاب في مصر لا يتعامل بشفافية مع الظاهرة وفي التقرير نفسه نشرت الصحيفة نتيجة دراسة لوزارة الصحة في القاهرة قالت إن 21.7% من طلبة المرحلة الثانوية يفكرون في الانتحار، فما السبب في هذه النسبة المرتفعة؟


إنه اليأس الذي ضرب تلك الشريحة العمرية التي قتل الانقلاب أحلامها منذ 2013، الذي يدفع فتيات صغيرات للانتحار، اليأس الذي تجتهد صحف الانقلاب لتفادي الحديث عنه فالحديث عن اليأس سوف يجر حديثاً طويلاً عن الظروف الاقتصادية التي تسبب فيها الانقلاب والتي ظهر عسكري الانقلاب ليؤكد للناس أنهم (ورغماً عن أنوفهم) راضون عن الكوارث الاقتصادية وإجراءات الإفقار التي ارتكبها كرفع الدعم وزيادة أسعار الوقود ورفع أسعار تذاكر المترو، وأن الشعب راض وأن الشعب متفهم وأنه الشعب لا يعاني من أي مشاكل وأن كل شيء على ما يُرام حتى لو صدر قانون يحصن فيه العسكر من المساءلة ويمنحهم امتيازات غير مسبوقة.

3
التعليقات (3)
نور
الأحد، 08-07-2018 12:50 م
مش كل الناس عندها القوه والإرادة انها تقاوم القهر الطبقي وتحطيم الاحلام وبالنسبه لطلبه الثانويه احب اوضحلك لاني مريت بكارثة الثانويه 2016 والغاء امتحانات واعاده امتحانات وتسريبات وناس بتاخد الامتحانات محلوله وناس اقل ما يقال انها فاشله ودخلت طب وهندسه وكان التصحيح كارثي بالمعني الحرفي لما حبيت اعمل تظلم في الدرجات كانت مهزله اجابات نموزجيه واخده ربع درجه من 5 واجابات متشطب عليها وقضيه بتقعد لغايه اربع خمس سنين متعلقه عن كم الانهيار اللي بيصيب الطلبه بعد سهر ليالي طويله وتعب وتوتر وشدة الاعصاب في البيت كله لما مدرس تاريخ يقول أنا كنت بصحح فيزياء لما شويه عساكر اعداديه يصححو لو طفل ابتدائي كان بيصحح الورق عمر ماكان هيكون بالمهزله دي مش كل الناس ولا كل الأهالي عندها قوة احتمال للوضع الكارثي ده وبعد كده بتصدم بكليه ماشيه بالوراثة الدكتور ومراته وعياله واخته وابن أخته منتشرين بين اقسام الكليه والطالب المطحون ملوش مكان اصلو معندوش واسطه
مصري
الأحد، 08-07-2018 10:38 ص
هل يأتي يوم علي السيسي ينتحر فيه و هو في زنزانته بإنتظار إعدامه ؟ ما أهون ذلك علي الله .
طارق بن زياد
الأحد، 08-07-2018 02:46 ص
بارك الله لك ولاسرتك