حول العالم

ما نلقيه بالنفايات من بقايا طعام كاف لسد جوع فقراء العالم

حجم الإسراف البشري وصل إلى نسب مهولة - أرشيفية CC0
حجم الإسراف البشري وصل إلى نسب مهولة - أرشيفية CC0

نشرت صحيفة حرييت التركية تقريرا، انتقدت فيه حجم الإسراف الذي يمارسه البشر خلال حياتهم اليومية فيما يتعلق بالمواد الغذائية وغيرها من الموارد الضرورية لاستمرار البشرية.

وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن أكثر من 800 مليون إنسان على الكرة الأرضية يعاني من الجوع وقلة الغذاء، و1.2 مليار إنسان يواجه خطر الموت عطشا وشح مصادر الماء. ويتوقع الخبراء في المستقبل ظهور مشكلة كبيرة على مستوى الموارد الغذائية والموارد المائية، في حين ستكون البشرية أمام خطر قد يشعل حروبا دامية بين الشعوب.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ حجم الإسراف البشري وصل إلى نسب مهولة، حيث يذهب أكثر من 1.3 مليار طن من الغذاء إلى القمامة كل سنة. وتستهلك أوروبا 4 ملايين طن من الملابس وهي في غنى عنها. ويتساوى مقدار الخبز الذي يُلقى يوميا في القمامة في تركيا مع عدد سكان ولاية إزمير البالغ 4.3 ملايين نسمة.

وانتقدت الصحيفة حجم الفجوة الكبير بين طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء في العالم، حيث يسيطر 388 شخصا في العالم على ثروة تساوي مجموع ما يملكه 3.3 مليارات إنسان على الكرة الأرضية، وذلك حسب تقرير نُشر سنة 2010. وقد أشارت إحصائيات في سنة 2017 إلى أن 8 أشخاص في العالم يحظون بما يملكه نصف سكان الكرة الأرضية من الفقراء، أي ما يملكه 3.6 مليارات إنسان.

وأضافت الصحيفة أنّ حاجة البشر إلى الماء ستزيد بنحو 40 بالمائة في سنة 2030، كما أن حاجياتهم من المواد الغذائية سترتفع بمقدار 50 بالمائة، في حين أنه سيتوجب تأمين 40 بالمائة أكثر من موارد الطاقة، وغيرها من الاحتياجات المتزايدة. بناء على ذلك، بات الإسراف في كل مجالات الحياة يمثل تهديدا لمستقبل البشرية ويجعلها أمام مخاطر حقيقية.

ونقلت الصحيفة على لسان البروفيسور عزيز أكغول، رئيس جمعية مكافحة الإسراف في تركيا، أنّ على العالم تدارك التبعات الكارثية للإسراف التي تتجسد بالأساس من خلال شح الموارد الغذائية الأساسية والماء. وأكد أكغول على أن الأفراد باتوا يعيشون واقعا غير عادل، حيث يزداد الغني غنى ويزداد الفقير فقرا.

وأضاف أكغول أن الإسراف آفة كبيرة يجب التخلص منها، لأنّ البشرية اليوم تستهلك كميات كبيرة من الموارد تفوق حاجتها بكثير. ويهدد هذا الأمر مستقبل العالم، ويُنذر بحروب طاحنة على الموارد التي ستصبح شحيحة بل ونادرة في المستقبل.

وذكرت الصحيفة، وفقا للبروفيسور أكغول، أنّ الإسراف لا يقتصر على الأفراد، وإنما يمتد ليصبح ظاهرة في صلب المجتمع والنظام ككل. فعلى سبيل المثال، يكسب بعض الأفراد مبالغ طائلة من خلال الفوائد، دون أن يقوموا بتأسيس شركات أو مصانع، ودون توظيف أي موظف. في الأثناء، تعتبر الفوائد شكلا من أشكال الإسراف الذي يقود في النهاية إلى غنى فاحش مقابل فقر مدقع.

وكشف البروفيسور أكغول أنّ أكثر من 2 مليار إنسان في العالم يعيشون الآن تحت خط الفقر، على الرغم من أن الأفراد حول العالم يلقون في القمامة ما يزيد عن 1.3 مليار طن من الغذاء كل سنة. وتعد هذه الكمية من الطعام المهدورة كفيلة بسد رمق كل فقراء العالم، ورفع مستوى المعيشة لديهم وتحسينها.

وأوردت الصحيفة أنّ طرق التخلص من الإسراف المبالغ فيه تتمثل في ترسيخ ثقافة شخصية على مستوى الأفراد، تتعلق بعدم شراء ما يزيد عن الحاجة، والتخلص من عادات الشراء غير السليمة، وذلك حسب ما أكده البروفيسور عزيز أكغول. فضلا عن ذلك، ينبغي التصرف بحساسية ووعي تجاه موضوع الإسراف، واتخاذ الإجراءات الرادعة اللازمة والقيام بحملات في الصدد على مستوى الدول.

وأكد أكغول أنّ الكثير من الدول تصدرت المشهد الدولي فيما يتعلق بمكافحة الإسراف، من بينها فرنسا. فقد منعت باريس المحلات التجارية من إلقاء المواد الغذائية في القمامة، وطلبت منها وضع المواد التي اقترب موعد انتهاء صلاحيتها على رفوف خاصة، ليتم جمعها ووضعها في بنك للأغذية، ومن ثم يقع توزيع هذه الأغذية على المحتاجين والفقراء.

وأردف أكغول أنّ حالة الإسراف في تركيا لا تقل خطورة عن غيرها من البلدان، وذلك وفقا لما أكدته التقارير والإحصائيات. ففي الواقع، يستهلك كل شخص في تركيا 226 غراما إضافيا من الخبز ليلقيه في نهاية المطاف بالقمامة. وبالتالي، يجب رفع مستوى التوعية ضد الاستهلاك المفرط والإسراف الزائد.

وفي الختام، أحالت الصحيفة إلى وجود الكثير من السبل للتوفير والحيلولة دون الإسراف، على غرار استخدام المصابيح الموفرة للطاقة، ومراقبة أداء الغسالات وأجهزة تنظيف أدوات المطبخ التلقائية، حيث تعتبر مصدرا لإهدار الكثير من الماء. عموما، ترزح مسؤولية المحافظة على الموارد في هذا العالم على عاتق كل فرد منا.
0
التعليقات (0)

خبر عاجل