صحافة دولية

أنطونيو غويتريس: الروهينغا ضحايا تطهير عرقي خذلهم العالم

غويتريس: التعبير عن التضامن ليس كافيا فالروهينغا بحاجة إلى دعم حقيقي- جيتي
غويتريس: التعبير عن التضامن ليس كافيا فالروهينغا بحاجة إلى دعم حقيقي- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريس، يتحدث فيه عن مشاهداته لمأساة مسلمي الروهينغا، الذين يقول إنهم تعرضوا لتطهير عرقي أمام أعين العالم.

 

ويبدأ غويتريس مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "أطفال صغار ذبحوا أمام آبائهم، واغتصبت البنات والنساء على يد أكثر من شخص، فيما تم تعذيب أفراد العائلة وقتلهم، وحرقت القرى وسويت بالتراب".

 

ويقول الكاتب: "لم أكن جاهزا للروايات التي تقشعر لها الأبدان، التي سمعتها في الأسبوع الماضي في بنغلاديش من لاجئي الروهينغا الذين فروا من عمليات القتل واسع الانتشار والعنف في ولاية راكين في ميانمار".

 

ويضيف غوتيريس: "أجهش رجل، وهو أحد أفراد هذه الإثنية ذات الغالبية المسلمة، بالبكاء وهو يصف كيف قتل ابنه الأكبر أمام عينيه، وقتلت أمه بطريقة وحشية، وأشعلت النيران في البيت الذي تحول لرماد، وقال إنه لجأ للمسجد ليكتشف أن الجنود انتهكوه وحرقوا القرآن".

 

ويعلق الكاتب قائلا إن "هؤلاء كانوا ضحايا ما يمكن وصفه حقيقة بالتطهير العرقي، يعانون الفزع الذي يحطم قلب الزائر ويثير غضبه، ومع أن تجربتهم لا يمكن فهمها، إلا أنها حقيقة لمليون لاجئ من الروهينغا، الذين عانوا أشكالا من الاضطهاد، وافتقدوا أبسط حقوق الإنسان، بدءا من الجنسية في بلدهم ميانمار".

 

ويقول غويتريس إن "انتهاكات حقوق الإنسان المنظمة، التي ارتكبتها قوات الأمن في ميانمار، كان هدفها زرع الرعب في قلوب السكان الروهينغا، ما وضعهم أمام خيارين رهيبين: البقاء ومواجهة خطر الموت أو ترك كل شيء للنجاة".

 

ويشير الكاتب إلى أنه "بعد رحلة مرعبة للأمان، فإن هؤلاء اللاجئين يحاولون الآن التعامل مع الظروف القاسية في منطقة كوكس بازار في بنغلاديش، والناجمة عن أسرع كارثة لجوء في العالم".

 

ويلفت غويتريس إلى أن "بنغلاديش بلد نام، موارده لا يمكنها تحمل موجة كهذه، ومع ذلك فإن الحكومة والسكان فتحوا قلوبهم وحدودهم للاجئين، في وقت اختارت فيه الدول الغنية حول العالم إغلاق حدودها للقادمين من الخارج".

ويجد الكاتب أن "العطف والكرم اللذين أظهرهما الشعب البنغالي كشفا عن أفضل ما في الإنسانية، وأنقذا آلافا من الأرواح، وكان يجب أن يكون الرد على هذه الأزمة دوليا".

 

وينوه الأمين العام للأمم المتحدة إلى ميثاق عالمي بشأن اللاجئين، يتم العمل عليه من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بشكل لا يجعل الدول القريبة من الجبهات، مثل بنغلاديش، وحيدة لمواجهة موجات البشر المتدفقة.

ويفيد غويتريس بأن "الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تعمل في الوقت الحالي وبسرعة مع اللاجئين والدول المضيفة لهم؛ لتحسين الظروف، لكن هناك حاجة لمصادر كبيرة لمنع الكارثة، ومنح تعبير كامل للمبدأ الذي يجعل من أزمة اللاجئين مسؤولية عالمية، ولم يتم تحصيل من نداء عالمي لجمع مليار دولار أمريكي إلا نسبة 26%، وهذا النقص يعني انتشار سوء التغذية في المخيم، كما يعني أن المياه والنظافة ليستا في وضعهما المثالي، ويعني عدم قدرتنا على توفير التعليم الأساسي لأطفال اللاجئين، وليس أقل من هذا أنه يعني عدم توفر الوسائل اللازمة للتخفيف من مخاطر الرياح الموسمية، حيث تواجه البيوت المؤقتة، التي بناها اللاجئون حالة وصولهم، خطر الانهيارات الطينية، وهي تحتاج لعمل سريع، والبحث عن مناطق بديلة، وبناء ملاجئ أقوى".

 

ويقول الأمين العام للأمم المتحدة إن "الكثير تم عمله لمواجهة هذا التحدي، لكن هناك مخاطر كبيرة نظرا للبعد الضخم للأزمة، لقد سافرت إلى بنغلاديش مع مدير البنك الدولي جيم يونغ كيم، وأثني على قيادته في تحريك البنك، والإعلان عن تقديم منحة 480 مليون دولار لدعم لاجئي الروهينغا والمضيفين لهم، لكن هناك الكثير المطلوب من المجتمع الدولي، والتعبير عن التضامن ليس كافيا، فالروهينغا بحاجة إلى دعم حقيقي".

ويستدرك غويتريس بأنه "رغم ما عانوه في ميانمار، فإن اللاجئين الذين قابلتهم في بازار كوكس لم يتخلوا عن الأمل، فقالت امرأة لا تزال ذاهلة لكنها مصممة: (نريد الأمن في ميانمار، والجنسية، ونريد العدالة لما عانته أخواتنا وبناتنا وأمهاتنا) وكانت تتحدث إلي وقد التفتت إلى أم تهدهد على ابنها الذي جاء نتيجة الاغتصاب".

 

ويعترف الأمين العام للأمم المتحدة بأن "الأزمة لن تحل في ليلة وضحاها، لكن علينا ألا نسمح باستمرار هذا الوضع للأبد".

 

ويذهب غويتريس إلى أنه "بناء عليه، فإنه يجب على ميانمار خلق الظروف لعودة اللاجئين، ومنحهم حقوقهم الكاملة، ووعد بالعيش بأمن وكرامة، وهذا يحتاج إلى استثمارات ضخمة، ليس فقط في مجال إعادة الإعمار والتنمية للمجتمعات في مناطق ميانمار الفقيرة كلها، لكن من خلال المصالحة واحترام حقوق الإنسان".

 

ويختم الأمين العام للأمم المتحدة مقاله بالقول إنه "حتى تتم معالجة جذور العنف في ولاية راكين، وبشكل شامل، فإن البؤس والكراهية سيظلان يغذيان النزاع، ولن يبقى الروهينغا ضحايا مجهولين، بل يجب علينا إجابة مناشداتهم الواضحة للمساعدة والتحرك".

التعليقات (0)

خبر عاجل