قضايا وآراء

النظام المصري بدأ يقبض ثمن بيع فلسطين

1300x600
1300x600

في إبريل من العام الماضي (2017) كان أول ظهور لمصطلح صفقة القرن خلال زيارة رأس النظام المصري للولايات المتحدة الأمريكية وخلال لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب حين قال وبالنص: (ستجدني وبقوة أيضا داعم وبشدة كل الجهود اللي هاتبذل من أجل إيجاد حل لقضية القرن في صفقة القرن اللي أنا متأكد إن فخامة الرئيس هيستطيع إنه ينجزها).


كانت هذه الكلمات التبشيرية كافية لكي يكون رأس النظام المصري هو مفتاح خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لما يراه خطة للسلام بين الفلسطينيين و قادة الكيان الصهيوني، والتي باتت تعرف إعلاميا بصفقة القرن.


وتهدف الخطة بحسب مواقع ودوائر سياسية غربية إلى إعادة تموضع الفلسطينيين بالتدريج بحيث يقيمون في سيناء وذلك من خلال تمويل مشاريع البنية التحتية هناك، وهو ما يمكن الكيان الصهيوني من الاعتماد على النظام في مصر حتى يقوم نيابة عن الكيان بتسكين وتهدئة واسترضاء الفلسطينيين في غزة.


في سبيل ذلك تقوم الخطة على تسيير وتسهيل أمور القطاع في فترة ما حتى ينعم أهالي القطاع بحرية افتقدوها منذ خمس سنوات، مع وعود بحل الأزمة وفتح المعبر وإنشاء ميناء ومطار ليرتفع حلم الأهالي، ليعاد بعدها التضييق على القطاع ومنع المحروقات وتعطل المرافق، مع قصف متقطع منهك من قوات الاحتلال يفضي في النهاية إلى إرهاق المقاومة وسحب الحاضنة الشعبية التي أنهكت من سنوات الحصار الطويلة. 


بهذه الطريقة ستبقى غزة تحت رحمة الاحتلال دون أن يتحمل الاحتلال المسؤولية عما يحل بالفلسطينيين، لأن النظام في مصر هو الذي سيقوم بمهمة سجان غزة الجديد. 


وخلال زيارة جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي الذي يقود ملف القضية الفلسطينية للقاهرة أكد  رأس النظام المصري عبد الفتاح السيسي دعمه للجهود والمبادرات الدولية الرامية لما سماه التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، وهو في ذلك يقدم أوراق اعتماده مرة أخرى بمهام جديدة تعدت مجرد توفير أراض في شمال سيناء لتفريغ غزة، بحسب الصفقة المزعومة، إلى لعب دور عراب الصفقة في المنطقة، والضغط على جميع الأطراف لتمرير الصفقة ، باعتباره أحد أكثر المستفيدين حتى من أصحاب الشأن وهم الفلسطينيون.


فالسيسي سيضرب ثلاث عصافير بحجر واحد، من ناحية سيجد الشرعية التي يبحث عنها منذ خمس سنوات كعراب للولايات المتحدة الأمريكية وهو الدور الذي لعبه مبارك من قبله، وهو ما يعني استعادة مكانته في المنطقة ولو جزئيا، ومن ناحية يتخلص من صداع العمليات العسكرية في سيناء بمساعدة أمريكا والاحتلال الصهيوني بعدما فشل بامتياز في كبح جماحها، وأخيرا وهو المهم بالنسبة لهذا النظام تحصيل مكاسب تقدر بمليارات الدولارات من وراء الصفقة، وهو ما بدأ بالفعل   

وأكدوا أن مصر جزء رئيسي في الصفقة المفترضة؛ لأنها تمس سيادتها من ناحية، وتدر فوائد كبيرة لنظام الانقلاب، الذي يحتاج إلى دعم مالي كبير، واستثمارات أجنبية ضخمة قد تجرها الصفقة لمصر.


وهذا ما بدا أخيرا بعد الأنباء التي تحدثت عن إفراج إدارة ترامب عن 195 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر ، وهي أموال تم حجبها في السابق بسبب المخاوف من سجل حقوق الإنسان في البلاد، إلا أنه مع ذلك تجاوزت إدارة ترامب عن هذا الملف الأسود من أجل تمرير صفقة القرن التي توضع لمساتها الأخيرة هذه الأيام بمزيد من الضغط على كل الأطراف ولاسيما المقاومة في غزة.


مبلغ الــ 195 مليون دولار هي باكورة ثمن صفقة القرن، إذ أن هذا المبلغ ما هو إلا مبلغ مجمد منذ عام 2016 لكن المليارات في انتظار نظام السيسي الذي تعرف الإدارة الأمريكية جيدا أنه يذهب إلى حسابات كبار القادة في القوات المسلحة، لكنها تصمت عن ذلك كاتفاق ضمني منذ عملية السلام في 1979 على ان ينهب قادة الجيش الدعم العسكري مقابل حماية الكيان الصهيوني، أي أن الدعم العسكري لمصر هو بمثابة الراتب السنوي للحرس الخاص للكيان الصهيوني، والآن أصبح هذا المبلغ وغيره مما يمكن أن يستخلصه النظام المصري لنفسه ثمن لبيع واحدة من القضايا المقدسة لدى العرب والمسلمين، ليكتب هذا الجيل من القادة مع من سبقوهم ممن وقعوا ورضوا على اتفاقية السلام أسمائهم في سجلات العار التي تستذكرها الأجيال لتلعنهم.
  

1
التعليقات (1)
عربي
الثلاثاء، 31-07-2018 05:54 م
فعلا هذا هو ما فهم من مجري الامور