مقالات مختارة

لماذا لم يعتقل بن سلمان الشيعة؟

فهد الغفيلي
1300x600
1300x600
مع تزايد أعداد المعتقلين منذ عام تقريباً بوتيرة لم تشهدها المملكة من قبل، يدور السؤال حول أطياف في المجتمع لم تطالها موجة الاعتقالات، لم تضم حملات الاعتقال الشيعة وبعض الليبراليين المستقلين، وما يثير التساؤل هو أن ظروف اعتقال أغلبية المعتقلين السياسيين ليست واضحة الأسباب، بمعنى أنه لم يكشف عن أسباب واضحة ولم تسبق هذه الحملة ما يشير إلى موقف سياسي للمعتقلين أو حتى تفاعل وردود أفعال تجاه التغيرات التي يقودها بن سلمان، هذه الحالة من سكون حركة المعتقلين قبل اعتقالهم لم تختلف كثيرا عن حالة هذه المكونات الفكرية الشيعية والليبرالية، فلم يصدر الاسلاميون بيانا سياسياً أو يعترضوا على مقاطعة قطر أو إسقاط محمد بن نايف، يدفعني ذلك إلى التساؤل عن تمييز الشيعة عن الإسلاميين واعتقال الكثير ممن ليس لديهم نشاط سياسي إذا ما قارنا ذلك بالحراك الشيعي المقلق للحكومة في فترات سابقة.

يظهر لي أن الاستثناء الحالي للشيعة هو جزء من صفقة سياسية أبرمت مع حكومة بن سلمان، الاتفاق بين الحكومة السعودية والشيعة أتى في ظروف كانت الحكومة في حاجة إلى تهدئة الشارع الشيعي في المملكة وضمان تحييده في الفترة التي أعقبت إعدام نمر النمر بالتزامن مع التصعيد ضد إيران، في الواقع لم يستطع بن سلمان إبطال حكم إعدام النمر الصادر في 2014 قبل تمكنه من السلطة، وبالتالي سعى بن سلمان إلى تقديم الثمن في صفقة التهدئة مع الشيعة المتمثل في تحجيم دور التيار الديني وضرب الصحوة والإسلاميين من خلال اعتقالهم وتقليل أهمية المرجعية الدينية السنية في هجومه على الصحوة.

أعتقد أن الحكومة السعودية لن تستطيع التحكم بمواقف الشيعة وحراكهم الشعبي بالحديد والنار في وقت هي أحوج لأن يهدأ فيه هذا الصداع المزمن. لقد رضي الشيعة بهذه الصفقة التي تجلي أصعب العقبات الفكرية والسياسية أمام التيار الشيعي في المملكة وهو تأثير التيار الديني وهامش الاستقلالية الذي تمتع به في فترات سابقة، يدرك الشيعة في السعودية أن فرصة تهميش الإسلاميين في السعودية لم تأت بها أحلامهم ولم يدركوها في خيال اليقظة أبدا، ولهذا سيحافظ الشيعة على هذه الصفقة ويحاولوا تحسين مواقعهم في مؤسسات الدولة والاكتفاء بمشاهدة عبث بن سلمان في الداخل والخارج.
0
التعليقات (0)