صحافة دولية

موقع فرنسي: أشباح مجزرة رابعة ما زالت تُخيم على مصر

ميدان رابعة العدوية شهد مجزرة بعد احتجاجات على الانقلاب العسكري- أرشيفية
ميدان رابعة العدوية شهد مجزرة بعد احتجاجات على الانقلاب العسكري- أرشيفية

نشر موقع "ميديابار" الفرنسي تقريرا سلط فيه الضوء على حادثة رابعة العدوية المحفورة في ذاكرة الشعب المصري، التي لم يتعرض المسؤولون عنها للمساءلة القضائية أو القانونية. 


وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21" إنه قد مضت خمس سنوات منذ وقوع مجزرة رابعة العدوية في القاهرة في 14 آب/ أغسطس سنة 2013، التي أسفرت عن وفاة ما لا يقل عن 817 شخصا من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ومحتجين مرابطين في الميدان. ولم تتم مساءلة أي مسؤول مصري بشأن هذه الحادثة.
 
وأشار الكاتبان فرانزيس هيوم-فيركتادجي وأوليفيا ماكادرا، إلى أنه في 17 تموز/ يوليو سنة 2018، صوت 588 نائبا (من جملة 596) في البرلمان المصري على قانون ينص على منح الحصانة القضائية لبعض كبار الضباط وكبار قادة القوات المسلحة المصرية. وتنطبق هذه الحماية المطلقة على جميع الأعمال التي قاموا بها في إطار واجباتهم، خلال الفترة الممتدة بين تموز/ يوليو 2013 وكانون الثاني/ يناير 2016.

 

اقرأ أيضا: بالذكرى الخامسة لمجزرة رابعة.. ماذا بقي من المعارضة المصرية؟

 

وبعد حوالي 10 أيام من ذلك، وبالتحديد في 28 تموز/ يوليو، تم إصدار 75 حكما بالإعدام في إطار "محاكمة جماعية" شملت 713 متهما، يُصنف الكثيرون منهم على أنهم إسلاميون. وتم اعتقالهم جميعا منذ خمس سنوات، في 14 آب/ أغسطس سنة 2013، أثناء إخلاء ميدان رابعة العدوية وفض الاعتصام الذي نُظم فيه.
 
وذكر الموقع أنه وفقا للأطراف المختصة في شؤون دولة "مصر المعاصرة"، فإنه على الرغم من عدم وجود علاقة مباشرة بين هذين القرارين، إلا أن رابطا خفيا يجمع بينهما. وفي هذا السياق، أفادت سارة ليا ويتسون، رئيسة قسم الشرق الأوسط في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في بيان يُندد "بصمت حلفاء مصر" نُشر يوم الاثنين 13 آب/ أغسطس، بأنه "بعد مرور خمس سنوات على مذبحة رابعة العدوية، يتمثل الرد الوحيد للسلطات على هذه الحادثة في محاولة عدم محاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم".
 
ومن بين المحكومين بالإعدام، تمت إدانة محمد البلتاجي وعصام العريان وصفوت حجازي، المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، بتهمة "تدبير تجمهر يُقوّض النظام والأمن"، "وتعريض حياة الآخرين للخطر" "ومقاومة قوات الشرطة"، فضلا عن "القتل العمد" والتخريب.

 

وبعد مرور خمس سنوات على هذه الحادثة، يبدو أن المحاكم المصرية تُشرف على إدارة عملية تصفية الحسابات، بين أطراف تواجهت يوما ما في الشوارع المصرية، والمتمثلة في جماعة الإخوان المسلمين من جهة والجيش من جهة أخرى، وفق قولها.
 
وأردف الموقع بأنه أمام إحدى أسوأ المذابح التي ارتكبت في التاريخ المعاصر، ظل المجتمع الدولي عاجزا وصامتا.

 

وكان الرأي العالمي حائرا ومرتبكا بخصوص الموقف الذي يجب عليه اتخاذه تجاه قوة عسكرية عنيفة، تقاتل جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها أطراف أوروبية عديدة عدوا سياسيا. وكانت ردود الفعل خجولة، ولم يتم فرض أي عقوبات تُدين هذه المجزرة في الأيام اللاحقة لوقوعها، ولا حتى بعد مرور مدة من الزمن، باستثناء تجميد الولايات المتحدة للمساعدات العسكرية الممنوحة سنويا لمصر، قبل أن تقوم برفع هذه العقوبة فيما بعد.

 

اقرأ أيضا: في ذكرى رابعة والنهضة.. لماذا هاجم النشطاء المعارضة والنظام؟


وفي تقاريرها المتعلقة بهذه المذبحة، تحدثت منظمات حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش "ومنظمة العفو الدولية" عن "قمع عنيف صادر عن أعلى هرم السلطة في الحكومة المصرية". وفي السياق ذاته، صرح أحد الدبلوماسيين الفرنسيين المختصين في المنطقة العربية، فضل عدم الكشف عن هويته، بأن "مجزرة رابعة العدوية هي أكبر خطايا النظام المصري".
 
وبين الموقع أن هذه الحادثة اعتُبرت نقطة انطلاق لعملية قمع مطول وعنيف مورس ضد جماعة الإخوان المسلمين، التي صنفتها العدالة المصرية "منظمة إرهابية" في 25 كانون الأول/ ديسمبر 2013. ومنذ ذلك الحين، أحصت المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان ما بين 17 ألفا و60 ألف سجين سياسي في مصر، وأدانت اللجوء الممنهج للتعذيب ضد المعارضين.
 
ويعمل النظام المصري على محو أحداث رابعة العدوية من الذاكرة المصرية. فقد تمت إعادة طلاء مسجد الميدان وترميمه بالكامل، فضلا عن وضع تمثال تكريما لقوات الجيش والشرطة. علاوة على ذلك، أصبحت حركة رفع أربعة أصابع، باستثناء الإبهام، التي تُعد دليلا على التضامن مع ضحايا المذبحة، أمرا محظورا، يُعاقب عليه القانون بالسجن لمدة خمس سنوات.
 
واستنتج الموقع أن محاولة تجاوز عائلات ضحايا لواقعة إخلاء ميدان رابعة العدوية في مصر قد تستمر لسنوات عديدة قادمة. وبالنسبة للصحفي عبد الله الشامي (مراسل قناة الجزيرة في مصر)، الذي فقد ثلاثة من زملائه في المجزرة، فإنه "بغض النظر عن الطرف الذي يترأس السلطة في مصر، سواء كان عسكريا أم مدنيا، فأنا أعتقد أن الطريقة الوحيدة التي يُمكن أن تحل مشاكل البلاد هي التفكير الجماعي في حادثة رابعة العدوية. ويجب أن تنطلق المصالحة والنقاش العام من اعتراف النظام بمسؤولياته في ما حدث ذلك اليوم".
 
ونقل الموقع عن المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، جاسر عبد الرازق، أنه "كمجتمع مصري، لا زلنا لم ندرك عدم إمكانية طي صفحة أحد أكثر الأيام دموية وفظاعة في تاريخنا أبدا. ويرتبط استيعابنا لهذه الصدمة بأشغال اللجنة المعنية بالتحقيق في هذه الأحداث. ولكن إلى حد الآن، لم يتم طرح سؤال واحد على أي ضابط أطلق النار على محتجي الميدان، أو على بقية ضباط وزارة الداخلية. وبالتالي، فإن هذا الأمر يعدّ رسالة واضحة موجهة لأي ضابط شرطة مضمونها هو: أنت فوق القانون، ولا أحد سيُحاسبك".

التعليقات (0)