مقالات مختارة

إسرائيل... عين على إيران وأخرى على «حماس»

ديفيد وينر
1300x600
1300x600

مع تصاعد الضغوط العامة على القادة الإسرائيليين لأجل سحق الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة، صاروا يفكرون في اختيار الطريق الدبلوماسي في الوقت الذي تَلوح في الأفق إشارات تهديد أكبر: الوجود الإيراني في سوريا بعد الحرب.


ويسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعقد هدنة طويلة الأجل مع «حماس». وقال يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق لنتنياهو، إن مع هدوء وتيرة الحرب الشرسة التي يشنها الرئيس السوري بشار الأسد ضد قوات المعارضة في بلاده، تعمل إيران في ذات الأثناء جاهدة على ترسيخ جذور الوجود الدائم في الواقع السوري، من حيث زيادة وتوسيع دوائر النفوذ وتعزيزها بممر الإمداد بالأسلحة المباشرة رأساً من طهران إلى بيروت. ويخشى المسؤولون في إسرائيل من احتمال أن تستخدم إيران سوريا قاعدة أمامية لتهديد الدولة العبرية، على غرار التحديات الماثلة من لبنان في وجود الميليشيات الموالية هناك إيران: «حزب الله».


ودفع البرنامج النووي الإيراني، وبرنامج الصواريخ الباليستية، ودعم الكيانات المعادية لإسرائيل، والدعوات الإيرانية لتدمير الدولة العبرية، بعض المسؤولين الإسرائيليين إلى اعتبار إيران بمثابة التهديد شبه الوجودي. وخلال الأشهر الأخيرة، هاجمت إسرائيل في غير مناسبة القواعد الإيرانية والأهداف العسكرية الأخرى الموالية لإيران داخل سوريا بهدف الضغط على طهران للتراجع.


وللحفاظ على وضعية قطاع غزة من أن يكون مشتتاً للانتباه، يؤيد المسؤولون الإسرائيليون الجهود المصرية وجهود الأمم المتحدة للتوسط في عقد الهدنة مع حركة «حماس». وتكمن الفكرة في مقايضة الهدوء العسكري مقابل تخفيف الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من عقد على القطاع، وذلك وفقاً لشخصية على اطلاع ودراية بالمستجدات ويتحدث شريطة عدم الكشف عن هويته. وإن سارت الأمور على ما يُرام، فإن المراحل المتأخرة من الاتفاق قد تشتمل على السماح بالاستثمار الدولي في قطاع غزة وإطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين هناك.


وفي مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» في يوليو (تموز) الماضي، أشار مستشارا الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، وجيسون غرينبلات، إلى جانب السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، إلى أنه إذا توقفت حركة «حماس» عن مساعي المواجهة المباشرة مع إسرائيل، فإنه يمكن لقطاع غزة أن يتلقى مساعدات دولية هائلة.


وأشرفت حركة «حماس» خلال الأشهر الأخيرة، وهي الأكثر تعرضاً للعزلة الدولية راهناً من أي وقت مضى، على جملة من الاحتجاجات الأسبوعية على السياج الحدودي لقطاع غزة تلك التي ركزت على التعبير عن الغضب الشعبي ضد إسرائيل وبعيداً عن حكم الجماعة داخل القطاع. ومع اعتبار «حماس» جماعة إرهابية في الأوساط والدوائر الغربية، فإنها خسرت ثقة كلٍّ من المملكة العربية السعودية ومصر بها بسبب انتمائها إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، واندلاع المواجهات المسلحة مع السلطة الفلسطينية في عام 2007. 


ويقوم نيكولاي ملادينوف، مبعوث الأمم المتحدة إلى المنطقة، برحلات مكوكية بين غزة ومصر وإسرائيل، في محاولة إطلاق المشروعات الإنسانية داخل القطاع. وقال في مقابلة شخصية مؤخراً: «إنْ تركنا الأمور على عواهنها من دون تغيير في غزة فإننا نتحرك على طريق مواجهة عسكرية جديدة».


وليس الجميع على علاقة مباشرة بمحادثات وقف إطلاق النار. فلقد أثار محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، من مقره في الضفة الغربية، جملة من الاعتراضات على الجهود الحالية. فهو يعتبر الخطط الدولية لإعادة بناء غزة مؤامرةً للتحايل على السلطة الفلسطينية الرسمية، وتقسيم الفلسطينيين.

 

عن صحيفة الشرق الأوسط اللندنية

0
التعليقات (0)