مقالات مختارة

كارثة عالمية مرتقبة في إدلب..

أحمد موفق زيدان
1300x600
1300x600

لست مغرما ببرامج فصائلية بعيدة كل البعد عن الثورة وروحها التي انطلقت منها في مارس من عام 2011، وأجزم أن كل المشاريع الفصائلية المطروحة لا تجسد روح الثورة ولا من فجروها وضحوا لأجلها، ولكن أجزم بأنه في حال أقدمت العصابة الطائفية وسدنتها المحتلون على اقتحام محافظة إدلب، فلن تكون كارثة سورية يومها، وإنما ستكون كارثة عالمية حقيقية، إن كان من حيث الفضيحة الأخلاقية للدول التي سكتت وتواطأت على تشريد مئات الآلاف وإجلائهم عن أرضهم للشمال السوري، لتقوم بمجزرة سربنيتسا مضروبة ربما بأضعاف مضاعفة، أو من حيث التداعيات العسكرية والأمنية التي ستخلفها مثل هذه الكارثة على العالم كله.

‏ أولى هذه التداعيات تشريد أكثر من 4 ملايين شخص، رفضوا رفضا قاطعا العيش في جلباب الاحتلال وأذنابه، وبالتالي فعلى تركيا ومن خلفها أوروبا الاستعداد لاستقبالهم في الوقت الذي تضج بالحركة من أجل إعادة ما لديها من لاجئين ومشردين، ولكن الأخطر من ذلك تداعيات تفشي الإرهاب والعنف، لكن هذه المرة ليس على مستوى سوريا، وإنما قد تكون ارتداداته للخارج، وكلنا يعلم ما حلّ بالمقاومة الفلسطينية بعد «أيلول الأسود» فارتدّ العنف للخارج، أما في سوريا اليوم فكل الأدلة والبراهين تثبت وبالدليل اليومي القاطع أن الخارج هو من أبقى على العصابة الطائفية، وأن الخارج هو من شارك في قتل مليون سوري وتشريد 12 مليونا آخرين، من أجل إبقاء عصابة طائفية تحكم بالحديد والنار ولا تزال.

نجحت تركيا على مدى السنوات الماضية في عقلنة هيئة تحرير الشام إلى حد كبير، وتمكنت الهيئة من أن تكون صمام أمان للجماعات العنيفة والإرهابية، وما نجحت فيه بكسر قرن الدواعش ربما عجز عنه تحالف دولي من 60 دولة، وبالتالي فإن أي انقلاب تركي على الهيئة بدعم غربي سيكون له مخاطر حقيقية على الوضع السوري والأمن التركي والعالمي، وسنرى عشرات الجماعات تنفرط عن الهيئة التي لن تجد طريقا أمامها سوى العنف غير المتوقع وغير المتنبئ به.

‏كما سمح الغرب والشرق لباكستان في أن تبقي تأثيرها على حركة طالبان الأفغانية، منعا لانشطارات بارامسيومية، فإن المطلوب أكثر من المجتمع الدولي أن تدع تركيا تواصل مشروعها بالعلاقة مع هيئة تحرير الشام، ليس من أجل الشام وتركيا فقط، وإنما من أجل عالم ضج بنفاقه وكذبه في دعم طاغية قلّ نظيره في العالم، وذلك حرصا على سلامتهم قبل سلامة غيرهم، ونحن نرى اليوم صمت العالم على تحرك طالبان الأفغانية الدولي باتجاه زيارات رسمية إلى إندونيسيا وأوزبكستان وغيرهما.

‏هيئة تحرير الشام من جهتها فصيل ثوري، عليه الكثير من الالتزامات الداخلية في إقناع الفصائل بعمق تحوله وجديته في الانفتاح على الآخرين، لا سيما بعد معاركه مع فصائل عدة، وعلى الهيئة أن تنفتح على هذه الفصائل بحيث تقدم مشروعا ثوريا يشمل الجميع، ولا يقصي أحدا وينفتح على الكل، تماما كحرصه على الانفتاح على الخارج، فالتزامه بعدم التدخل بما هو غير سوري على مدى سنوات يُحسب له، على الرغم من القصف الأميركي عليه خلال السنوات الماضية، ولكنه ظل أمينا على حصر المعركة في سوريا ضد عصابة طائفية وسدنتها المحتلين.

(العرب القطرية)

2
التعليقات (2)
اينشتاين
الجمعة، 24-08-2018 05:50 م
السيد أحمد موفق زيدان من المتابعين لكثير من الأحداث ، وخصوصا مسار العنف والتدافع داخل حدود أفغانستان ، ولا يمكن أن يغيب عنه الدور المتنامي الذي لعبته وتلعبه دوما الأجهزة الاستخباراتية وبصماتها في ترتيب ديكور هذا البيت أوغيره ، هل يستطيع السيد موفق نفي التعاون الأمريكي الروسي في الشأن الأفغاني وأهمية المراقبة عن قرب للملف ؟ كذلك هل هو مقبول الأخذ في الحسبان الحضور الروسي والإيراني داخل سوريا والعراق وإغفال الدور الأمريكي والصهيوني ؟ هل يمكن لتركيا وحدها حل مشكلة إدلب ؟ هل تركيا وحدها مسئولة عن تجميع السوريين داخل إدلب ؟ هل تقسيم سوريا بين النظام والمعارضة بات أمرا محتوما ؟ هل يخدم التقسيم مسألة استقرار الشام بعد ذلك ؟ هل مثل ذلك سيشبع النهم الصهيو أمريكي ؟ هل تستطيع تركيا إبعاد المدنيين عن دائرة الحرب ؟ وهل يستطيع السوريون نظاما ومعارضة تفويت الفرصة على المتربصين الحقيقيين بتاريخ وحضارة وأمن وأمن أهل الشام ؟ من يتضرر حينما يجلس النظام والمعارضة إلى طاولة واحدة للنظر في إمكانية التفاهم بالرغم من مرارة ذلك ،إن مرارة ذلك أنفع للشام وأهله من الأسوأ الذي يخطط له أعداء أمة التوحيد ومن كان يتصور وصول سوريا إلى ما وصلت إليه ؟ السؤال يبقى سؤال السوريين قبل الآخرين مهما كان أو بلغ إحساسهم ومشاعرهم .
Zmfr
الخميس، 23-08-2018 08:48 ص
الصراع في سوريا لم يعد له مكان للاعتدال او الحوار فهو صراع حضارات بامتياز بلغ مرحلته الاوجية على الارض السورية وهذه الذروة ليس لها مثيل في التاريخ منذ الحروب الصليبية لذلك الحديث عن الانفتاح المتبادل بين هيئة تحرير الشام (كواجهة جهادية معتدلة) والمجتمع الدولي كما يطرح الكاتب لم يعد له قيمة فغالبا بعد اجتياح ادلب سينضم جهاديو النصرة الى صفوف داعش لان الاخير (بتشدده وتوحشه) بات اكثر واقعية واقرب الى السياق التاريخي واصبح كثير من اهل السنة مقنعين بانهم محور لحرب كونية شاملة