صحافة دولية

الغارديان: هذه قصة "أرامكو" من قرار البيع إلى الآن

الغارديان: مشروع التحديث السعودي مرتبط بخطة بيع أسهم أرامكو المتعثرة- جيتي
الغارديان: مشروع التحديث السعودي مرتبط بخطة بيع أسهم أرامكو المتعثرة- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمحرر الشؤون الاقتصادية لاري إليوت، يكشف فيه عن الصعوبات التي تواجه مشروع تحديث السعودية، التي قال إنها نفسها التي تقف أمام مشروع بيع جزء من شركة النفط السعودية "أرامكو".

 

ويبدأ إليوت تقريره بالحديث عن قصة اكتشاف النفط السعودي، فيقول إن السعودية كانت دولة تعتمد على موسم الحج كل سنة، واستمر الوضع على ذلك حتى عام 1938، حين اكتشف النفط ليتغير وجه البلاد.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن اكتشاف النفط جاء في وقت انشغل فيه العالم في أمور أخرى، ولهذا استغرقت معرفة حجم الاحتياطي النفطي السعودي وقتا، مستدركا بأنه بدا واضحا في نهاية الحرب العالمية الثانية أن تحت رمال الصحراء كميات كبيرة جدا من النفط، ويمكن التنقيب عنها وضخها. 

 

وتقول الصحيفة إن النفط السعودي الرخيص ظل مكونا مهما من الاقتصاد العالمي في فترة الازدهار، التي تبعت مرحلة ما بعد الحرب، وأسهمت واردات النفط في بناء الطرق والجسور والشقق على الطرز والمعايير الغربية، مستدركة بأن الجانب السلبي في هذا كله هو أن الاقتصاد السعودي ظل معتمدا على النفط، حيث تصل نسبته في عائدات الميزانية إلى 87%، أي أكثر من 40% من إجمالي الناتج المحلي، و90% من صادراتها.  

 

ويجد الكاتب أنه "حتى يظل الاقتصاد السعودي منتعشا وفي عافية، فإنه يجب أن تظل آبار النفط تضخ الذهب الأسود، ويجب أن يظل سعره مرتفعا، فعندما كان سعر برميل النفط الخام فوق 100 دولار، كان بإمكان الحكام السعوديين الحفاظ على مستوى ضرائب منخفض، وزيادة الإنفاق على مشاريع الرفاه والاستثمار في البنى التحتية، وكانوا قادرين على تخصيص ميزانيات كبيرة للدفاع والتنافس مع إيران، وتمت الموافقة على بناء برج جدة، الذي صمم لأن يكون أطول بناية في العالم، عندما كان سعر برميل النفط 120 دولارا".

 

ويلفت التقرير إلى أن هناك أمرين حدثا بعد ذلك، الأول هو انخفاض سعر البرميل لأقل من 100 دولار عام 2014، ولم تتعاف أسعاره منذ ذلك الوقت، وبحلول عام 2016 كان سعر البرميل أقل من 30 دولارا، وهو ما أدى إلى ركود اقتصادي، وزيادة كبيرة في العجز في الميزانية، مشيرا إلى أن الأمر الثاني هو التحرك العالمي لتخفيض الانبعاثات الغازية من الدفيئات "البيوت الخضراء"، وتم الاتفاق عام 2015 في العاصمة الفرنسية باريس على اتفاقية المناخ، التي ألزمت المجتمع الدولي بالحد من ارتفاع درجة الحرارة، وجعلها أقل من درجتين مئويتين لكل مستوى صناعي. 

 

وتبين الصحيفة أن تداعيات اتفاقية باريس بالنسبة للسعوديين كانت واضحة، فالسعي لتخفيف الانبعاثات الكربونية/ الغازية في الاقتصاد العالمي يعني بقاء معظم نفطهم تحت الأرض، لافتة إلى أن التحذيرات التي أطلقها وزير النفط السعودي السابق أحمد زكي اليماني مع بداية الألفية الجديدة، بدت ملحة. 

 

ويورد إليوت نقلا عن اليماني، قوله: "بعد ثلاثين عاما من الآن، ستكون هناك كميات كبيرة من النفط تحت الأرض، ولا يوجد مشترون له"، وأضاف: "سيتم الحفاظ على النفط تحت الأرض، فقد انتهى العصر الحجري ليس بسبب النقص في الحجارة، وسينتهي عهد النفط ليس بسبب نقصه". 

 

ويفيد التقرير بأن حكام السعودية ردوا على هذين التحديين، وأقنعوا الدول الأخرى المنتجة للنفط بالحد من الإنتاج الذي سيقلل عمليات تزويده، بشكل رفع سعر النفط الخام إلى 70 دولارا للبرميل. 

 

وتذكر الصحيفة أن السعودية تخطط على المدى البعيد لتنويع النفط من خلال رؤية 2030، التي أعلنت عام 2016، بعد فترة قصيرة من هبوط سعر النفط لدرجات متدنية، حيث تقوم الفكرة، التي يقف وراءها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على تحويل السعودية لمملكة استثمار عملاقة، وتحويلها إلى مركز يربط القارات الثلاث: أوروبا وآسيا وإفريقيا، ولتكون قلبا للعالمين العربي والإسلامي. 

 

وينوه الكاتب إلى أن بيع حصص من شركة النفط "أرامكو" كان جوهر تحقيق الخطة، حيث كانت تقوم على تحويل عائدات البيع إلى هيئة الاستثمار العامة، الصندوق السيادي، الذي سيقوم باستثمار المال في شركات التكنولوجيا، مثل شركة السيارات الكهربائية تيسلا وأوبر.

 

وبحسب التقرير، فإن "صندوق النقد الدولي تبنى رؤية 2030، لكن الخطة أمامها عقبات كبيرة، خاصة أن اقتصاد السعودية لا يزال يعتمد على 6 ملايين من العمالة الوافدة، في وقت لا تزال فيه مشاركة المرأة ضعيفة في سوق العمل، وتتعرض الرياض لضغوط بسبب ملاحقتها للمعارضين، وقتل المدنيين في اليمن، وتخوض حروبا بالوكالة مع إيران". 

 

وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول إنه بالنسبة لبيع حصص (أرامكو)، فإن الحكومة تقول إنها لا تزال ملتزمة في البيع في مرحلة ما، ولعل الأمر مرتبط في معظمه بعدم استعداد السعودية للكشف عن وضع الشركة ودور الدولة فيها، أي الشفافية، بالإضافة إلى الكشف عن حجم الاحتياطي النفطي السعودي، ولا تزال السعودية مجتمعا محافظا، وكما هو الحال مع ناقلات النفط العملاقة، فإن تغيير المسار يحتاج لوقت".

التعليقات (0)