صحافة دولية

كيف ساعد ترامب تنظيم القاعدة في اليمن عبر وساطة إماراتية؟

رافقت هذه الصفقات عملية تجنيد 250 من المقاتلين الجهاديين في المليشيا التي أنشأتها الإمارات في جنوب اليمن"- أ ف ب
رافقت هذه الصفقات عملية تجنيد 250 من المقاتلين الجهاديين في المليشيا التي أنشأتها الإمارات في جنوب اليمن"- أ ف ب

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية مقال رأي لجون بيير فيليو، الأستاذ المختص في التاريخ في معهد الدراسات السياسية في باريس، تطرق فيه إلى مساعدة ترامب لتنظيم القاعدة من خلال وساطة إماراتية.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن الولايات المتحدة الأمريكية تتعاون مع الفرع اليمني لتنظيم القاعدة، سواء بطريقة مباشرة أو بوساطة من الإمارات العربية المتحدة.

 

وبعد ترؤسه للبيت الأبيض، أصدر دونالد ترامب أمرا بشن ضربة واسعة النطاق ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الفرع اليمني لهذه المنظمة التي يترأسها أيمن الظواهري منذ وفاة بن لادن سنة 2011.

 

وقد تدخلت القوات الخاصة الأمريكية لأول مرة في الأراضي اليمنية، بتاريخ 29 كانون الثاني/ يناير 2017، إلى جانب القوات الخاصة الإماراتية.

خلال الفترة الممتدة بين الثاني والسادس من شهر آذار/ مارس من سنة 2017، نفذت القوات الأمريكية 40 غارة جوية ضد أهداف تابعة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، مقابل 30 ضربة أمرت بتنفيذها إدارة أوباما سنة 2016.

وذكر الكاتب أنه بهدف تبرير مثل هذا الالتزام العسكري، وصفت الولايات المتحدة الأمريكية تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بأشد فروع القاعدة خطورة.

 

ووفقا لما ورد في تحقيق دقيق أجرته وكالة "أسوشيتد برس"، التي لم يُكذبها رسميا أي مسؤول أمريكي، تُوافق واشنطن أو ربما تدعم، مشاركة هذا الفرع في التحالف الذي تُسانده كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وأورد الكاتب أن ترامب قرر تعزيز الدعم الأمريكي للهجوم الذي أطلقه "الرجلان القويان" في الخليج، محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، في شهر آذار/ مارس من سنة 2015 في اليمن.

 

وقد تم تكوين هذا التحالف بهدف إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي طرد من العاصمة صنعاء من قبل مسلحين حوثيين موالين لإيران، للسلطة.

وأكد الكاتب أن هذه العملية بدت مضنية للغاية، وكانت ذات تكلفة باهظة، وانعكست سلبا على المدنيين.

 

اقرا أيضا : قطر تبدي قلقها من التجسس الإماراتي عليها وعلى السعودية

 

وبالنظر إلى الأهمية التي تم إيلاؤها لمحاربة الحوثيين، أصبح القضاء على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ثاني أولويات هذا التحالف (بعد أن كانت أولها)، خاصة أن اختراق وتراجع تنظيم الدولة في اليمن جعل تنظيم القاعدة يبدو "أقل خطورة".

وبين الكاتب أن "فرع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، المكون من حوالي ستة أو ثمانية آلاف عنصر، يُعد طرفا لا يُمكن تجاهله في الصراع اليمني.

 

ويعتبر بعض القادة العسكريين في اليمن، المدعومين هم أيضا من قبل الولايات المتحدة، عناصر هذا الفرع بمنزلة قوة مهمة مساندة لهم.

 

وتأكد هذا الأمر في "تعز"، التي مثلت مسرحا لمعارك شرسة آلت نتائجها إلى صالح مؤيدي عبد ربه منصور هادي".

وأورد الكاتب أن مساعد رئيس العمليات في تعز، عدنان رزيق، ينتمي إلى أحد إطارات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

 

وقد فر هذا الشخص من سجن عدن سنة 2008. ويُعد التعاون الصريح بين القائد السلفي أبو العباس صاحب النفوذ الواسع في تعز، والقوات الخاصة لتنظيم القاعدة أمرا خطيرا جدا.

وأوضح جون بيير فيليو أن "هذا التواطؤ أدى إلى إقدام كل من واشنطن والرياض في تشرين الأول/ أكتوبر من سنة 2017، إلى إدراج أبو العباس (واسمه الحقيقي عادل عبده فارى)، ضمن "القائمة السوداء" التي تشمل أسماء الإرهابيين المطلوبين.

 

ولكن، لم يُؤثر هذا الأمر على نشاط أبو العباس في تعز، ولا على علاقته بفرع تنظيم الدولة في اليمن. ومن جهتها، ضمنت الإمارات استمرار دعمها العسكري والمالي لهذا القائد".

وأضاف الكاتب أن "دولة الإمارات تُعد في الواقع القوة المهيمنة على التحالف في الأراضي اليمنية. فقد تحمس محمد بن زايد لصراع اعتبره أساسيا بالنسبة لبلاده، واستثمر الجيش عددا مهما من قواته العسكرية في هذه الحرب. وقد ساهمت الخسائر التي تكبدها اليمن في تعزيز هذه الهوية الوطنية لهذا البلد".

وأورد الكاتب أن "الإمارات تفاوضت ماليا على سحب قوات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من بعض معاقله، في المكلا في البداية ثم في زنجبار في مرحلة ثانية، على ساحل المحيط الهندي.

 

وبعد أن وصفتها الأطراف الموالية لنظام أبوظبي "بالانتصارات"، رافقت هذه الصفقات عملية تجنيد 250 من المقاتلين الجهاديين في المليشيا التي أنشأتها الإمارات في جنوب اليمن".

وفي الختام، صرح الكاتب بأن تأثير محمد بن زايد على ترامب ربما يفوق ذاك الذي يُمارسه محمد بن سلمان على الإدارة الأمريكية.

 

ويُدرك البيت الأبيض أن دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر تصميما من المملكة العربية السعودية على التطبيع المحتمل مع إسرائيل.

 

وفي الحقيقة، لا تُعتبر لعبة أبوظبي المقلقة مع الجهاديين اليمنيين، ذات الطبيعة الانتهازية، أكثر خطورة من بعض الإيديولوجيات المنتشرة في منطقة الخليج.

0
التعليقات (0)