قضايا وآراء

فتنة المساواة في الميراث.. عنوان لاستهداف الدين

رضا حمودة
1300x600
1300x600
بات من الواضح أن إثارة القضايا الدينية المحسومة بنصوص قطعية الثبوت والدلالة في الشريعة الإسلامية، ليس مجرد سجال فكري بناء، أو انتصار لقضايا المرأة، بقدر ما هو تعمد استهداف رأس الدين تمهيدا لتمييعه ونزع مقاصده، وإبطال تأثيره في العقول والقلوب، وتعطيل فريضة الجهاد التي هي ذروة سنام هذا الدين، في مقابل حرية الإلحاد والكفر والإباحية، وكأنما تغلبنا على كل مشكلاتنا العميقة في بلداننا المنكوبة بالاستبداد والفساد الذي يضرب بجذوره في أعماق المجتمع، وهو أصل كل داء وليس الشريعة كما يروجون.

يريد التيار العلماني المتطرف في تونس الخضراء مساواة المرأة بالرجل؛ بدعوى إعادة الاعتبار للمرأة وتمكينها من حقوقها التي أهدرها الإسلام (أو هكذا يزعمون بخبث لا يخفى على كل منصف)، رغم أنهم يتغافلون عمدا عن إنصاف الإسلام للمرأة في إقرار ذمة مالية منفصلة مستقلة خاصة بها، وأنه لا اعتبار لجنس الوارث في تقدير نصابه في (أغلب) حالات الميراث، ولا يوجد تربص بالأنثى فقط لكونها أنثى، بدليل أنها ترث أحيانا مثل الرجل في 30 حالة، وأحيانا أكثر منه في بعض الحالات، وذلك وفقا لاعتبارات أخرى غير جنسها! أي إن حالات حصول المرأة على نصف نصاب الرجل خاصة وليست عامة، وهي أربع حالات، وترث هي ولا يرث هو، فهل هذا إجحاف للرجل أم إنها سياسة الانتقاء ولي عنق الحقيقة اتباعا للهوى قاتله الله؟!

ثمة صراع صار معلنا بين العلمانية في وجهها المتطرف، يقوده الغرب في صورة وكلائه في بلادنا العربية والإسلامية، لا سيما تونس التي تعاني من تغول هذا التيار على حساب ثوابت الشريعة الإسلامية، ذلك أن التعدد ممنوع بالقانون منذ عقود، حيث إنها الدولة العربية الوحيدة التي تجرم التعدد بقوة القانون حتى عام 2010، حيث نصت المادة 28 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية على أن "تعدد الزوجات ممنوع، فكل من تزوج وهو في حالة الزوجية وقبل فك عصمة الزواج السابق، يعاقب بالسجن لمدة عام وغرامة قدرها مئتان وأربعون ألف فرنك أو بإحدى العقوبتين".

الصراع بين العلمانية والإسلام قديم حديث، يتطور حسب الزمان والمكان، ويتخذ أشكالا وممارسات عدة، فعندما يتم التطرق للحديث عن الدولة المدنية في الأوساط السياسية والإعلامية، نجد أن المدنية التي يعبدونها هنا هي العلمانية الخالصة التي تفصل بين الدين والدولة، وتجعل للدولة حق الوصاية على الدين بما يتوافق مع أهدافها وسياساتها وليس مع صحيح الدين، وعلى النحو الذي لا يقيم اعتبارا للحلال أو الحرام، في الوقت الذي أهانوا المرأة وأهدروا حقوقها الحقيقية في التعليم ومناهضة التعذيب والاضطهاد والتنكيل والقهر في المؤسسات والسجون، بعد أن صدّعوا رؤوسنا بقضايا تحرير المرأة، بينما هدفهم الرئيسي هو تحرير المرأة من ملابسها فقط، وتجريدها من هويتها وجذورها، ومن كل ما يمت للدين بصلة.
التعليقات (1)
زينب ثابت
الثلاثاء، 04-09-2018 01:32 م
إنهم يدخلون من باب " كاد الفقر أن يكون كفرا " ، يعملون على تفقير الفقير والتغول على المسكين وإذلال المسحوقين ، وعلى أساس ذلك يضربون الإنسان داخل حدود تونس في إنسانيته وهم بذلك يستهدفون تمييع كل نظام أسري واجتماعي وثقافي على المدى المتوسط والبعيد ، فلا تستغرب بعد ذلك إذا رأيت اليوم من يستجيب لدعوات تحرير المرأة من لباسها وعفتها وحيائها وخصوصيتها وجمالها وأنفتها تحت عنوان المساواة بينها وبين الرجل عبثا ، فماذا أنتم فاعلون تجاه هذه الأزمة المركبة التي تحتاجنا جميعا من دون تأخير نتعاون ونتآزر فيما بيننا حفاظا على أنفسنا وأسرنا ومجتمعنا .