كتاب عربي 21

تركيا وضرورة الدفاع عن إدلب

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600
نجحت تركيا حتى الآن في تجنيب إدلب من هجوم قوات النظام السوري وحلفائه بذريعة وجود عناصر إرهابية فيها، مستخدمة كافة الطرق الدبلوماسية والعسكرية الممكنة، في ظل التصريحات والتقارير الإعلامية التي تتحدث عن حشد النظام والمليشيات الشيعية قوات لمحاصرة المحافظة؛ استعدادا للهجوم عليها.

ملف إدلب حاليا من أهم الملفات التي يجب على أنقرة أن تصب عليها جام اهتمامها، نظرا لحساسية الموضوع وعلاقته المباشرة بالأمن القومي التركي، كما أن أي هجوم تشنه قوات النظام السوري والمليشيات الشيعية على إدلب؛ سيؤدي إلى موجة نزوح جديدة نحو الأراضي التركية.
وحدات حماية الشعب الكردية تنتظر أن يأتي الدور بعد إدلب؛ على عفرين وجرابلس والباب، لتعود إلى المناطق التي هربت منها،

الجيش التركي قام بعمليتي درع الفرات وغصن الزيتون بمشاركة فصائل الجيش السوري الحر؛ لتطهير الحدود التركية من تنظيم داعش الإرهابي ووحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب العمال الكردستاني. وأعلنت هذه الأخيرة استعدادها لمساندة قوات النظام السوري والمليشيات الشيعية في الهجوم على إدلب، انتقاما من القوات التركية وفصائل الثورة السورية.

وحدات حماية الشعب الكردية تنتظر أن يأتي الدور بعد إدلب؛ على عفرين وجرابلس والباب، لتعود إلى المناطق التي هربت منها، إلا أن ذلك يعني خسارة تركيا جميع المكاسب التي حققتها من خلال عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، والعودة إلى البداية. وليس من المتوقع أن تسمح أنقرة بأن يتحقق هذا السيناريو.

المجتمع الدولي يلعب دور المتفرج، كما فعل منذ بداية اندلاع الثورة في بلاد الشام، بل وينحاز للنظام السوري ويسعى إلى تسهيل هجومه على إدلب. والحل الوحيد الذي وجده المبعوث الدولي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، هو الدعوة إلى فتح ممرات آمنة ليخرج المدنيون من المحافظة. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى أين سيخرجون؟

مئات الآلاف من المدنيين نزحوا إلى إدلب من المناطق الأخرى، هربا من مجازر قوات النظام وشبيحته، وليس أمامهم الآن للنزوح غير مناطق درع الفرات وغصن الزيتون أو الأراضي التركية. وإن نزحوا إلى جرابلس والباب وعفرين، فمن المؤكد أن النظام السوري سيتوجه إلى تلك المناطق في حال تمكن من بسط سيطرته على إدلب. وهل سيطلب دي ميستورا آنذاك فتح ممرات آمنة لخروجهم إلى تركيا؟
أي موجة نزوح من إدلب من شأنها أن تسهل سيطرة النظام على المنطقة. وبعبارة أخرى، يشن النظام وحلفاؤه حربا نفسية. ومن الضروري أن يصمد سكان إدلب قدر المستطاع لإفشال المؤامرة

قوات النظام السوري والمليشيات الشيعية، بالإضافة إلى وحدات حماية الشعب الكردية ومجموعة معراج أورال الإرهابية؛ التي تطالب بانفصال محافظة هاتاي من تركيا وانضمامها إلى سوريا، تستعد للهجوم على إدلب. وسيطرة هؤلاء على المحافظة وعودتهم إلى الحدود التركية تشكلان خطرا بالغا للأمن القومي التركي. ويعزز هذا الخطرَ ما قاله وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، في مقطع فيديو نشرته صفحة موالية للنظام، حول "استرجاع لواء إسكندرون".

النظام السوري وحلفاؤه يتحدثون منذ فترة عن هجوم وشيك على إدلب، ويمارسون سياسة بث الرعب في نفوس القاطنين في المحافظة، لدفعهم إلى الاستسلام أو النزوح منها. ومما لا شك فيه أن أي موجة نزوح من إدلب من شأنها أن تسهل سيطرة النظام على المنطقة. وبعبارة أخرى، يشن النظام وحلفاؤه حربا نفسية. ومن الضروري أن يصمد سكان إدلب قدر المستطاع لإفشال المؤامرة.
تركيا يجب أن تدافع عن إدلب بكل ما تملك من قوة، وتدعم صمود سكانها؛ لأن الدفاع عنها اليوم هو الدفاع عن الأمن القومي التركي

تركيا يجب أن تدافع عن إدلب بكل ما تملك من قوة، وتدعم صمود سكانها؛ لأن الدفاع عنها اليوم هو الدفاع عن الأمن القومي التركي. ولدى أنقرة أوراق عديدة يمكن استخدامها لمنع هجوم النظام السوري على إدلب، وعلى الحكومة التركية أن تبعث رسالة واضحة إلى حلفاء النظام السوري؛ مفادها أن أي هجوم على إدلب قد يشعل حلب وحماة واللاذقية، وتبلغ الأوروبيين بأن تركيا لا يمكن أن تتحمل وحدها موجة نزوح جديدة، وأنها ستفتح حدودها وسواحلها أمام الراغبين في الهجرة إلى أوروبا في حال قام النظام السوري بأي هجوم على إدلب.
يمكن تفسير هذا التصعيد كمحاولة من موسكو لتعزيز يدها قبيل القمة الثلاثية التي ستنعقد الجمعة في العاصمة الإيرانية، كما يمكن اعتباره رسالة إلى أنقرة وواشنطن

القوات الروسية استأنفت الثلاثاء هجماتها على محافظة إدلب، وقامت طائراتها بغارات جوية على ريف جسر الشغور وسهل الروج. وقال المتحدث باسم الكريملين، ديميتري بيسكوف، إن "جيش النظام السوري يستعد لحل مشكلة الإرهاب في إدلب"، ووصف المحافظة بأنها "وكر لإرهابيين".

ويمكن تفسير هذا التصعيد كمحاولة من موسكو لتعزيز يدها قبيل القمة الثلاثية التي ستنعقد الجمعة في العاصمة الإيرانية، كما يمكن اعتباره رسالة إلى أنقرة وواشنطن، لمجيئه في اليوم الذي قام فيه الممثل الأمريكي الخاص بشأن سوريا، جيمس جيفري، بزيارة العاصمة التركية، وفي خضم اشتداد التنافس الأمريكي الروسي على المنطقة.
التعليقات (3)
ابو العبد الحلبي
الأربعاء، 05-09-2018 08:49 م
القول الفصل فيما يتعلق بالهجوم على محافظة إدلب هو في يد أمريكا ، و واضح أنها قررت ذلك و يبدو أن ترامب طلب من وكيله الروسي "بوتين" ذلك في لقاءهما المغلق في هلسنكي في شهر تموز يوليو الماضي. وقعت سوريا تحت سيطرة أمريكا عام 1963 و لا تزال هذه السيطرة قائمة حتى الآن بغض النظر عن كل الخداع و التضليل الذي تبدو فيه أمريكا و كأنها تنأى بنفسها و تتفرج على المشهد السوري. هل يعلم القارئ أن مجلس الأمن القومي الأمريكي هو في حالة انعقاد شبه دائم منذ اندلاع ثورة شعب سوريا المباركة ؟ و هل يتذكر القارئ جواب الرئيس أوباما عن الشيب الذي غزا شعره و هو "شيبتني سوريا" ؟ هذا بعيد كل البعد عن من ينأى بنفسه . على العكس تماماً ، أمريكا منخرطة في تفاصيل التفاصيل في سوريا و هي من أمرت بإدخال مليشيات إيران ذات الدين الشيعي و هي من طلبت من الروس التدخل عسكرياً في سوريا عام 2015 . لو دخل الروس بمحض رأيهم و قرارهم لأقامت أمريكا عليهم الدنيا و لم تقعدها. ثم إنني أتعجب من نسيان بعض الإخوة أن أمريكا فقط هي من منعت سلاح مضادات الطائرات عن الجيش السوري الحر و الفصائل الثورية ، و هددت جميع الدول و مهربي السلاح من مغبة فعل ذلك، و وضعت عناصر مخابرات أمريكية على جميع حدود سوريا لمراقبة ذلك ، و اخترقت بنفسها "الموك و الموم" و عن طريق دول عربية الكثير من تشكيلات المعارضة. و لقد كانت القيادة التركية على رأس من هددتهم أمريكا بشأن الإمداد بالسلاح النوعي للثوار. لذلك أرى أن نترك لتركيا تقدير الموقف و التصرف على ضوء ذلك بحكمة و بعد نظر فحقيقة الأمر أن تركيا يستهدفها الكفار أكثر من محافظة إدلب . لا نريد لتركيا أن تحارب أمريكا و روسيا و إيران و على هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة" أن تتحمل مسؤولية أية كارثة تقع في تلك المحافظة مع جيوش الكفار الغازية . من حقارة دول الكفر ، أن الجماعات الإرهابية هي فقط مسلمة في نظرها بينما الجماعات الإرهابية من أتباع الدين الشيعي التي تتحفز للهجوم الإجرامي على إدلب فلا تنظر لها دول الكفر نفس النظرة بل بالعكس سهلوا لمليشيات إيران أن تقطع آلاف و مئات الكيلومترات للوصول إلى سوريا و تسامحوا معها فيما ارتكبته من جرائم ضد المسلمين في عدة بلدات في سوريا. لكن الله غالب.
ينب ثابت
الأربعاء، 05-09-2018 03:55 م
تركيا صنفت هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية ، مما يعني أنها تؤيد ضرب هذه القوة المسلحة وتصفيتها ، مما يعني أن تركيا توافق على ضرب أجاء من إدلب ، تلك الأجزاء التي شرع النظام السوري في قصفها ، مما يعني وجود اتفاق مسبق بين تركيا ، روسيا ، وإيران ، الثلاثة متفقون على قطع الطريق أمام أمريكا التي تبحث عن مزيد من الاقتتال بين السويين ، ولما لا استدراج المسلمين إلى مواجهة أوسع تنخرط فيها تركيا ، إيران ، والعراق . تركيا اليوم ترى أن أمنها يمر حتما بالحفاظ على وحدة سوريا وأمنها .
Muwafag Rashd Jordan
الأربعاء، 05-09-2018 01:34 ص
الجاسوس السابق الجبان والارنب امام الغرب واميركا الان يريد ان يصبح شجاعا على عرب ادلب. يجب الدفاع عنها واهانته.