قضايا وآراء

اللهم ثورة.. وأتموا الثورة لله..

حمزة زوبع
1300x600
1300x600
قالها الأخ العزيز والحبيب د. أحمد عارف من محبسه، عشية انتظار الحكم في قضية مذبحة رابعة، والتي تحول فيها المجني عليه إلى جانٍ، والمتهم إلى قاضٍ، قالها وهو على ما يبدو ملمٌ بالأحداث التي جرت وتجري خارج محبسه الانفرادي.

أتموا الثورة لله..

وكأنه - فرج الله كربه وإخوانه - يعلم ما جرى للثورة من انتكاسات، ومن محاولة إجهاض شرارة الثورة التي قد اشتعلت من جديد في أعقاب الانقلاب الدموي الغاشم في 2013.

أتموا الثورة لله..

نداء أطلقناه وعارضنا البعض؛ بحجة أنه من المصلحة العليا للأمة أن تتوقف الثورة خشية تحولها إلى تمرد وعنفوان وفوضى، ولا أعرف ما معنى الثورة بدون عنفوان وبدون تمرد وبدون عصيان، وبدون ردع جماهيري يحمي الثورة من أن يغتالها أحمق أو عميل كما فعل السيسي، وكأن الثورة ستفضي إلى الفوضى، أما حكم العسكر - وكما لن ترى - قد أفضى بنا إلى النعيم المقيم.

أتموا الثورة لله..

فقد بدأت ولم تكتمل حلقاتها بعد، والبعض لا يزال وبعد كل هذه المجازر ما زال البعض يأمل أن يعطيه الجنرال القاتل فما، ويأبى الجنرال ألا يعطيه إلا دما خالصا لا شوائب فيه.

راهن البعض على أن الثورة وهي في عنفوانها قد تتحول إلى عنف، فأوقفها لينال منه عنف السلطة وجبروتها، والمسكين لا يعلم أن الثورة هي القوة والجبروت في وجه الجبروت، والتمرد على الاستعباد والخروج على طاعة المستبد، وأنه بدون ثورة حقيقية فليس هناك رادع للقاتل، فلا يفل المستبد إلا عنفوان الثورة وقدرتها على ردعه، وهذا ما حدث في العام الذي تلا الانقلاب، حيث كانت الثورة تعبر عن نفسها والسلطة لا تدري كيف تحمي نفسها، ثم ظهرت فكرة شيطنة الثورة ووصمها بالإرهاب؛ لتكون كلمة السر في التحول من الحالة الثورية إلى الحالة الراهنة أو الراكدة، أو المجمدة إن شئت.

أتموا الثورة لله..

ثم للأمة الثكلى والمجروحة والمصابة في عقلها وقلبها وسائر جوارحها، بسبب الانحراف عن مسارها؛ رغبة في البقاء والحفاظ على التنظيمات والأفراد والجماعات وابتعادا بكل هؤلاء عن اتهامهم بالإرهاب... كان الخيار بين الثورة أو الاتهام بالإرهاب، ففضل البعض الابتعاد عن الثورة والنأي بالنفس عنها والتخلي عن الثوار، وتبني نهج آخر لا يعرف له مثيل في الثورات، لا قديما ولا حديثا... اختار البعض طريق الرسائل المشفرة بعيدا عن أعين الإعلام وبعيدا عن طريق الثورة، فحصل على تزكية بسلامة نهجه السياسي، ولكنه خسر نفسه قبل أن يخسر الثورة والثوار إلى الأبد.

فالانقلاب الذي نال ما يريد لم ولن يعطيك ما تريد، حتى وإن كان ما تريده يشكل النذر اليسير من مطالب الثورة، لكنه أبدا لن يرضى عن القضاء المبرم عليك وعلينا وعلى الثورة بديلا، وهذه هي رسالة أحكام الإعدام الأخيرة، والتي تقول (وأنا أحاول فك شفرتها): "ليس عندي لكم سوى القتل؛ ثوارا كنتم أم مسالمين. ستصل آلة قتلي إلى مضاجعكم".. ومع ذلك يخرج صوت من هنا وآخر من هناك مناديا في فلاة العسكر الجرداء؛ أن تعالوا لنتفق على كلمة سواء، فيأتيه رجع الصدى على شكل أحكام بالإعدام واغتيالات وقتل وإخفاء قسري.

أتموا الثورة لله..

معناها حسب د. أحمد عارف، وهو واحد من خيرة شباب الدعوة الإسلامية والإخوان، ولا نزكي على الله أحدا، أن هؤلاء الأسرى لا يرون طريقا لتحريرهم غير الثورة. هي صرخة مليئة بالأمل معناها أن العدو وإن تجبر يمكن أن نهزمه بالثورة، وليس بالنداءات والبيانات والمبادرات... فقد انتهى وقتها وزمانها.

أتموا الثورة لله..

ولكن كيف؟ هل يمكننا إتمام الثورة بنفس العقول ونفس الأفكار ونفس الاختراقات التي طالت الجميع؛ وحولت بعضهم إلى دمى أو شبه دمى يحركها الانقلاب كيف يشاء ثم ينقلب عليها حين يرد؟

إتمام الثورة يحتاج من وجهة نظري المتواضعة إلى التالي، والنقاش مفتوح، ويجب أن يكون مفتوحا وليس مغلقا بين عدة نفر يجتمعون وينفضون ثم يصدرون البيانات تلو الأخرى:

1- مؤتمر عام حاشد للثورة المصرية تمثل فيه كافة الأطراف المصرية من أهل الثورة ورجالاتها الحقيقيين، يناقش عبر سلسلة من ورش العمل؛ وضع الثورة المصرية الراهن وسبل تفعيلها بعد خمس سنوات من التجميد، على أن يلتزم الجميع بما يصدر من قرارات عن هذا المؤتمر.

2- لن يتم ذلك قبل أن تقوم كافة التيارات والحركات الثورية بعقد مؤتمرات لها لانتخاب قيادات جديدة تؤمن بالثورة قولا وفعلا، وتكون لها جمعيات عمومية حقيقية تحاسب المسؤولين فيها وتساعدهم وتدعم خطتهم لدعم الثورة، أو يكون لها الحق في عزل تلك القيادات إذا ما انحرفت عن مسارها المرسوم لها من قبل الجمعيات العمومية.

3- لن يتم ذلك أيضا إذا لم يتم استدعاء الشباب إلى الواجهة، ودعوتهم لتحمل مسؤوليتهم التاريخية وتقديم الدعم والمشورة لهم، وليس تسفيه أحلامهم والنيل منهم، كما جرى ولا يزال يجري الحال حتى تاريخه.

4- الحضور مقصور على جميع الأفراد والتيارات الثورية التي خرجت في يناير 2011، وتلك التي رفضت الانقلاب صراحة، سواء عند حدوثه أو بعد وقوعه بفترة قصيرة أو طويلة، ليس مهما، فالمهم أن الجميع مشارك على أرضية رفض الانقلاب وما قام به من مجازر تستوجب عقد محاكمة ثورية لمرتكبيها؛ من الجيش والشرطة والأجهزة والبلطجية والإعلاميين المحرضين على القتل والعنصرية.

5- تمثل في المؤتمر وبصفة مراقب رموز من الحركات الثورية في شتى بقاع العالم؛ لعرض تجربتها في مقاومة الانقلابات وحكم العسكر، وخصوصا في أمريكا اللاتينية.

6- لن أستبق ما سيخرج من قرارات للمؤتمرين، ولكنني عبرت عنها فيما سبق من مقالات، وأعتقد أن تأخر تشكيل مجلس يتحدث باسم الثورة المصرية وتشكيل حكومة ظل، أو وفد يمثل الثورة سيكون أمرا مهما ومفيدا.

بعد أن أثبتت المحاولات السابقة فشلها في بناء خيمة للثورة مصنوعة من قماش السياسة، علينا اليوم العودة إلى قماش الثورة وموادها الخام؛ حتى تتم الثورة أركانها وبنيانها.

الثورة هي الثورة، وهي ملك للثوار وللشعب الذي أيدها، وليست ملكا للساسة ولا للمغامرين ولا الطامحين، وليست للكسالى وليست للمداهنين أو الباحثين عن مكاسب لن تلبث طويلا لو جاءتهم، وليست أيضا للهائمين على وجوهم في انتظار أن يمنَ عليهم أحدهم بثورة..

الثورة ليست معروضة في دكاكين الساسة ولا على أرفف أكشاك بيع المنتجات التابعة للعسكر.

فاللهم ثورة.
التعليقات (4)
ميرفت
الجمعة، 14-09-2018 08:04 م
اللهم ثوره تقتلع هذا الإجرام وتحقق الكرامة والحياة السويه للجميع
ادم
الثلاثاء، 11-09-2018 10:30 م
مقاطعة وعصيان وشباب ولتعد المومياوات الى توابيتها، هذا هو السبيل.
سعد اسماعيل
الثلاثاء، 11-09-2018 01:31 م
الثورة تحتاج لممهدات او مساعد لاتمام عملية التفاعل لان امامنا جيش مالذي يدفعه للتنازل لا بد من وجود سبب او عامل قوي و السبب الامن للجميع هو المقاطعة الاقتصادية لكل مؤيد للانقلاب و نستطيع ان نبدا بالسينما ثم قنوات السيسي ثم منتجات الجيش و رجال الاعمال السيساويه حتى يكفر كل السيساويه بالسيسي و معظمهم يتبعون مصلحتهم المقاطعة الاقتصادية نجحت في الهند و غيرها المقاطعة الاقتصادية ثورة امنة لنا مدمرة لهم ارجو من فضلكم توصيل الرسالة للدكتور زوبع
مصري جدا
الثلاثاء، 11-09-2018 01:29 م
طرحك جيد ومعقول ومقبول ،، لكنه يحمل استحالة تنفيذة ،، لماذا ،،، لان الجماعات والاحزاب والكيانات والتيارات والائتلافات ،،، لن تعقد مؤتمرات عامة لانتخاب قيادات جديدة ،،، لقد وضعت يدك على مربط الفرس كما يقولون ،،، يا دكتور دعك من السيسي والعسكر والخليج واسرائيل فهؤلاء يعرفون ما يريدون ،، المشكلة الحقيقية في جمود العمل الثوري وفاعليات التغيير وفي مقدمتها وحدة الصف الوطني ،، المشكلة هي منصات القيادات جميعا دون استثناء ،،،، منصات القيادة الحالية هي حزء اساسي في الازمة والفشل فكيف تكون هي هي جزء في الحل ،،، يا دكتور ،، اي كلام عن وحدة الصف وتوحيد الرؤى ونشر الوعي واسقاط الانقلاب ،، لن يكون له نصيب من الواقع بهذه القيادات جميعا ،، الكيانات جميعا بها شباب قادر لاظارة دولة وليس ادارة معارضة ، لكن الشيوخ والعجائز لن يتخلوا عن اماكنهم طبعا وبنية طيبة جدا بغضها خرصا على التنظيم وبعضها حرصا على التاريخ وبغضها الحرص على بقايا الدولة وبقايا الدعوة وبقايا الاحزاب ،،، اتصور ان نظام السيسي ومؤسساته احرص ما يكون على بقاء هؤلاء القادة التاريخيين في مناصبهم لانهم يقدمون له خدمة عمره وهو ابعاد الشباب عن مقدمة المشهد ،،،