ملفات وتقارير

هل أصبح سلاح حزب الله مهدّدا بالمحاصرة لبنانيا ودوليا؟

نواب حزب الله وحركة أمل رفضوا التصويت في البرلمان على معاهدة الاتجار بالأسلحة- جيتي
نواب حزب الله وحركة أمل رفضوا التصويت في البرلمان على معاهدة الاتجار بالأسلحة- جيتي

يعود سلاح حزب الله ليشكل مادة رئيسية في المشهد اللبناني، حيث رسم نوابه في البرلمان علامات استفهام حول جدوى تبني لبنان لمعاهدة الاتجار بالأسلحة بالتزامن مع محاولات تشديد الحصار المالي والعسكري عليه من قبل الإدارة الأميركية.


وأقرّ البرلمان اللبناني الموافقة على المعاهدة رغم معارضة نواب كتلة الوفاء للمقاومة التابعة لحزب الله ونواب آخرين متحالفين معه، فيما تحفظ نواب آخرون على التصويت الذي تبناه رئيس الحكومة سعد الحريري.


يأتي ذلك، في وقت صادق مجلس النواب الأميركي على في وقت سابق مشروع فقانون عقوبات إضافية ضد حزب الله.


ويرى ساسة لبنانيون أن الحزب مسؤول عن تداعيات ما قد يواجهه لبنان "بفعل الغضب المتعدد من قبل دول عربية وغربية لتدخلاته خارج حدود لبنان وإقحام نفسه في الملفات السورية واليمنية والبحرينية وغيرها"، لكن أوساط الحزب تعتبر أن المستهدف هو لبنان، وأن المعاهدات تتنصل إسرائيل منها في وقت يقر بها اللبنانيون.


لماذا المعاهدة؟


وعن مغزى هذه الاتفاقية، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري الدكتور أمين حطيط إن "المعاهدة تحدّ من صفقات السلاح والاتجار به وتفرض عليها قيودا من خلال القرارات الحكومية، ومنع الانتشار الفوضوي له".


وأشار حطيط في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "لبنان لم يوقع سابقا على هذه المعاهدة لأنه في موضع نزاع مع إسرائيل التي لم توقع لغاية اللحظة على التزامها بها"، مضيفا أن "حكومات الاحتلال حرصت على منع التوقيع على اتفاقيات تفرض رقابة على كيانها في مجال تصدير السلاح".


وتحدث حطيط عما سماها "ضغوطا دولية فرضت على لبنان دفعته إلى التوقيع على هذه المعاهدة، في الوقت الذي لم تنخرط بها الولايات المتحدة نفسها".


وفيما يتعلق بمخاوف حزب الله من التوقيع وإقرار هذه المعاهدة، قال حطيط: "تطبيق أي نصّ قانوني يعود بالدرجة الأولى إلى شخصية المنفذ"، موضحا بأن "من يتولى مسؤولية التطبيق وتنفيذه للمعاهدة بإمكانه توسيع أو تضييق بنودها بحسب ما يناسبه".


ولفت إلى أن رفض "كتلة الوفاء للمقاومة" التابعة لحزب الله لمبدأ التصويت على اتفاقية الاتجار بالأسلحة "يعود لأسباب محورية"، وقال: "هم غير مضطرين للدخول في إشكالية معاهدة تحمل ضبابية بالنسبة إليهم، طالما أن إسرائيل لم توقع عليها".


ضبط السلاح

 

بدوره أشار النائب السابق خالد ضاهر إلى أن "الاتفاقية لم توقعها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل"، لكنه استغرب ما وصفه "تحسسا من قبل حزب الله عند كل حديث عن السلاح ظنا منه أنه معني بذلك، علما أن كل الدول تولي اهتماما لضبط السلاح المتفلت وحصره في إطار الشرعية".

 

ودعا الضاهر في تصريحات لـ"عربي21" حزب الله إلى الاقتناع "بأن السلاح في الداخل يجب أن يضبط بما يتوافق مع الرؤية الأممية"، لافتا إلى أن ما جاء في كلام رئيس الحكومة سعد الحريري واضح لجهة أن "المعاهدة ليست موجهة ضد سلاح المقاومة باعتباره أمرا واقعا".


وتساءل الضاهر: "أليس في الضاحية الجنوبية وفي بعلبك الهرمل والجنوب وضمن بيئة حزب الله من يدعو إلى وقف تفلت السلاح لما سببه من مآس كبيرة "، وتابع: "أمر خطير لا بل هو عار ألا تستطيع الدولة اللبنانية تطبيق خطة أمنية في البقاع في وقت طرد المحافظ من مكتبه بفعل التفلت الحاصل".


وأكد أن "تأثير الولايات المتحدة يكون فاعلا ضد الدول الكبرى قبل الصغرى، ولبنان تعرض لتهديدات بسحب الدعم الأميركي المقدم لجيشه"، مردفا: "لن يقتصر مجال العقوبات على الحزب وحده بل سيطال كل اللبنانيين".


نسج الاتفاقيات


وعن مصدر القوة في نسج هذه الاتفاقيات المعنية بوقف انتشار الأسلحة، أوضح الخبير في القانون الدولي الدكتور خليل حمادة، أن "المعاهدة أبرمت تحت إشراف الأمم المتحدة، وفق المادة 26 التي تشجع السلام، وقد أخذت هذه المعاهدة حيز التنفيذ في عام 2014 حيث تقرر الحدّ من الاتجار بالأسلحة على كافة أنواعها، بهدف تنظيمها وحصرها ضمن الدول وفي إطار محدّد من دون أن تتسرب الصفقات إلى جهات متعددة".


وأشار حمادة في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "شرعة الأمم المتحدة حددت وجهة استخدام الأسلحة بأنها للدفاع عن النفس بحيث لا تستخدم في حروب متعددة أو نزاعات داخلية وإبادات جماعية".


وحول السجال القائم بشأن المعاهدة في لبنان، قال: "البعد الذي أخذته هذه المسألة على المستوى الداخلي اللبناني متعلق بملف سلاح المقاومة وعلى هذا الأساس تحفظ نواب حزب الله وحلفائه عليها".

 

وأشار إلى أن "الاتفاقية تنصّ على ضرورة أن يضبط ملف السلاح من قبل الدولة، ويتوجب عليها الإشراف على السلاح المتواجد على أراضيها، على أن تصدر في ذلك تقارير سنوية إلى المنظمة الأممية"، لكنه أوضح أن "الدولة اللبنانية ليست على اطلاع بأنشطة المقاومة على صعيد السلاح، ولم تكن في أي حال راعية لتوريد السلاح إلى أي جهة".


ورأى حمادة أن موقف كتلة حزب الله وحلفائه من الكتل النيابية الأخرى بعدم التصويت أو رفض تبني الاتفاقية مرده إلى أن "فريق المقاومة يعتبر نفسه غير معني بهكذا اتفاقيات، ولأن مصادر تسليحه لا تمر أصلا عبر الدولة اللبنانية أو من خلال قنوات تابعة لها".


التعليقات (0)