مقالات مختارة

اتفاق إدلب.. مخاوف وآمال

أحمد موفق زيدان
1300x600
1300x600

أحسنت الفصائل الثورية في الشمال السوري المحرر بحذرها وتأنيها في التعليق على اتفاق إدلب، أو ما عُرف باتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا، لا سيما أن أعداء الثورة السورية كانوا يعلقون آمالاً عريضة على إحداث شرخ وصدع بين الثورة والثوار من جهة، وبين الحليف التركي من جهة أخرى، الذي ظل وحده في ميدان دعم الثورة السورية، يسعى ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وسط ظروف دولية وإقليمية تذكرنا بتآمر الغرب والشرق، وخذلان القريب بما حل للسلطان عبدالحميد لثلاثة وثلاثين عاماً من حكمه، إذ يسعى هذا الحليف لتخفيف الضغوط على الشعب السوري، مع تخلي الكل تقريباً عنه وعن ثورته، ولهاثه نحو سراب العصابة الطائفية وسدنتها المحتلين.


جاء تعليق الجبهة الوطنية للتحرير معبراً عن مزاج الشارع الثوري، وهو الشارع الذي يثق بتركيا وبالتزامها بالثورة، ولكنه لا يثق بالمقابل بتعهدات الروس والإيرانيين، في ظل التجارب المريرة والعديدة من نقضهم للعهود والمواثيق، واتفاقيات خفض التوتر في كل المناطق، التي تم انتزاعها قهراً وجبراً وكيماوياً من الثورة والثوار، عزز ذلك قناعة الثورة والثوار بأن انتزاع المناطق بالسياسة والمفاوضات كان أسهل وأقل جهداً وكلفة بشرية ومادية ، من انتزاعها بالقوة المسلحة، وهو ما يُحتم على الثورة وحلفائها الانتباه والحذر من اتفاقيات قد تكون ملغومة.


على الأرض تسعى تركيا جاهدة إلى فرض الأمر الواقع على المحتل الروسي والإيراني بالمحافظة على ما تبقى من جغرافية الثورة، وذلك بخلق منطقة عازلة، ولكن التحدي الحقيقي هو أن المعتدي لن يقبل بسحب أسلحته الثقيلة، ولا بفرض منطقة عازلة كما تم الاتفاق عليه، فمثل هذه المنطقة العازلة ستنزع معه نسغ حياته، وهو القتل والدمار والخراب، وهو النسغ الذي عاش واقتات عليه لعقود حكمه، وأي تخل عنه يعني سقوطه وانهياره، فعصابة تغذت على الدم والقتل أنّى لها أن تعيش بدونهما!


أنقرة تحركت بسرعة لكسب الاتفاق الأخير شرعية دولية، ولذا فقد دفعت بباريس من أجل تبني المشروع في مجلس الأمن الدولي، وهو الذي جُوبه بفتور من قبل دوائر عدة، وتحديداً من قبل روسيا وإيران، وهو ما يشكك بنية الروسي في التعامل الإيجابي مع مخرجات الاتفاق، خصوصاً مع التصريحات والإشارات التي ترد من مسؤولين روس، ومنهم المندوب الروسي في الأمم المتحدة، عن نيتهم انتزع إدلب، وإعادتها لسلطة العصابة في دمشق، بالإضافة إلى ما يتم تسريبه في الإعلام الروسي عن موعد للهجوم عليها بعد شهر من توقيع الاتفاق، كما ذكرت أكثر من وسيلة إعلام روسية.


المنطقة العازلة التي تتضمن سحب السلاح الثقيل منها، وتجريد المقاتل من التحصينات والتدشيم الذي تعب عليه طوال سنوات سيكون خطيراً على الثورة ومستقبلها، إن لم يعزز بحضور تركي واقعي وشرعي من منظور القانون الدولي على الأرض، لا سيما أن نقاط المراقبة التركية خلال الأشهر الماضية لم تكن كافية بنظر الحاضنة الاجتماعية في وقف الانفلات العسكري والتدميري للعصابة في دمشق، وهو ما يدفع الجميع إلى التفكير بآليات جديدة وفعّالة، من أجل الحفاظ على ما تبقى من جغرافية الثورة.


المهم باعتقادي اليوم للثورة وحلفائها هو تعزيز العلاقة بينهما، فقدر الثورة والذين يقيمون على أرضها في الشمال السوري المحرر كقدر تركيا، مرتبط بعضهما ببعض، هكذا كان التاريخ على مدى قرون، ولا يمكن فصل اللحم عن الظفر، بينما تسعى القوى المعادية ليلاً ونهاراً إلى خلق صدع وشرخ بين الطرفين، وهو ما سيكون مكلفاً للطرفين على المديات القريبة والمتوسطة والبعيدة.

 

عن صحيفة العرب القطرية

6
التعليقات (6)
مُواكب
الأربعاء، 03-10-2018 01:28 ص
أهم خصائص هذا النقاش كونه مسجل ومُدوَّن وعلني ولا يستطيع أحد الإفلات من أيَّة مسئولية. هو كلام يُكتب أحيانا تحت أسماء مُستعارة، بينما تُصر زينوبة وأمينة أنهما تكتبان تحت أسمائهما الخاصة. عبر ما هو مُسجل ومُعلن في هذه الصفحات، فإن الأدلة واضحة وكافية لِأجزم أن الإسمان هما لشخص مُشترك. قبل ذلك كان يكتب تحت اسم " أينشتاين " وانكشف ولاذ بالفرار من خلال تعليق الوداع. لذلك أنا أُسميهم بنات وشباب علي مملوك وجميل حسن.
ينب حتحوت
الثلاثاء، 02-10-2018 07:07 م
لا بأس إذا كانت أمينة تشاطرني الفكرة والرؤية ، خصوصا أننا نتواصل فيسبوكيا بالرغم من تباعد المسافة بين إقامتينا في بلدينا ، من خلال الارتباك وغياب الحجة في طرحك يا مواكب ، يا من تختار لنفسك لقب جميل ومملوك ، يبدو أنك صرت أداة هدم لسبب بسيط أنك بتت تشك في كل السوريين وتعتبرهم عملاء ، لن يفيدك ذلك أبدا لأنك صرت مهزوما أساسا من دون مواجهة ، هل تواجه الحجة بالادعاء الفارغ واتهام الآخرين من دون أبسط دليل سوى الدوران داخل النفق المظلم الذي نجح علي مملوك وحسن جميل إلى جر أمثالك داخله ، حاول لمرة واحدة أن تكون صاحب حجة : " قل الحق ولو كان مرا " ، أم أن الفراغ الذي صرت تعيشه اد من يأسك ، لا تيأس أيها الإنسان الطيب ، الثورة السورية لن يقف في طريقها ، لا علي مملوك ولا حسن جميل ، ولا السيسي ولا نتنياهو ولا كل المطبعين للعدو الصهيوني ، فإذا عدت للسب والشتم والادعاء الباطل ، أعلم أنك مجرد بوق يخدم أعداء أمة التوحيد .
أمينة وزينوبة
الإثنين، 01-10-2018 08:03 م
هما مُعلقتان تكتبان بشكل مُتزامن مع فارق بسيط في التوقيت . كلاهما يكتب ضد الطائفية بطريقة تُجرم من ينتقد الشيعة أو النصيرية، ومن يُبرز جرائمهم في سورية. ثم يأتي استعمال كلاهما لحديث منسوب للنبي محمد عليه الصلات والسلام عن تشتت الأمة، وهو استعمال دأبت عليه الطوائف غير السنية لتثبيت فكرة أنَّهم مسلمين . هذا ما يدعوني أن أفكر أن كلا المعلقين هم شخص واحد، أو أنهما بنات علي مملوك وجميل حسن.
أمينة
الإثنين، 01-10-2018 02:06 م
هذا الزمن هو زمن الأحرار بامتياز ، فلا علي مملوك ولا جميل حسن ، ولا حتى كل المهووسين بظل الاستخبارات الوحشية ، يمكن أن يعطلوا حركة الأحرار في تجاوز الرؤى الطائفية التي كرسها الاستبداد منذ أن تحول الحكم إلى ملك عضود ، مسار الأحرار ليس كمسار العبيد الذين لا يعرفون إلا الانبطاح والتمرغ في ساحات الاستعباد والاستبداد خدمة للتيار الصهيو صليبي ، نحن على موعد مع صناعة التاريخ ولا حول ولا قوة إلا بالله .
علي مملوك
الأحد، 30-09-2018 06:31 ص
تركت ورائي جميل حسن لِأنَّه قد قلَّت أشغالنا كثيرا لِصالح الروس والإيرانيين، وغدونا نأتمر بأوامرهم. إذ حتى المعلم، رئيس جمهورية العالم سابقاً ومُختار القرداحة حاليا، أصبح عاطلاً عن العمل ويقوم بمهامه الروس من الجو والإيرانيين فوق الأرض. لم يعد لهذه الحياة لذة ! والذين جبناهن حتى يريحونا صار بدهم يزيحونا. والمُصيبة ما عادت مشكلتنا مع أهل السنة الطائفيين الإرهابيين التكفيريين، المشكلة هي أنَّه لم يعد لنا محل بالإعراب . على الأقل المعلم بشار حصل على وعد مكتوب ومُوقَّع من بوتين بتعيينه مختار القرداحة، لكن نحن راح نصير مثل فُقراء اليهود: لا دين ولا دنيا " شر البلية ما يُضحك، فلنضحك، وكان جدي يُغني : حاصود ماني حاصود ولي بس الدهر وازاني.

خبر عاجل