صحافة دولية

"ليبيراسيون": هل سيذوب الجليد بين ألمانيا وأردوغان؟

قالت الصحيفة إن أحد الملفات التي يراهن عليها أردوغان خلال زيارته لألمانيا، يتمثل في أبناء المواطنين الألمان من أصول تركية- أ ف ب
قالت الصحيفة إن أحد الملفات التي يراهن عليها أردوغان خلال زيارته لألمانيا، يتمثل في أبناء المواطنين الألمان من أصول تركية- أ ف ب

نشرت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية تقريرا، ذكرت فيه أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، سيقوم بزيارة يوم السبت إلى برلين على أمل تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين التي تشهد توترا، وبشكل خاص مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل.

 

وتكتسب هذه الزيارة أهمية كبرى لدى الرئيس التركي، خاصة وأن بلاده تمر بأزمة اقتصادية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه قد ولى العهد الذي كان فيه أردوغان يصف المستشارة الألمانية بالنازية ويشبه نظامها بنظام أدولف هتلر.

 

ويبدو أن الوقت قد حان لتهدئة الأجواء بين برلين وأنقرة في الوقت الذي تستعد فيه ميركل، بدورها، إلى بسط السجاد الأحمر لاستقبال ضيفها التركي.

وأكدت الصحيفة أنه في الوقت الذي تمر به بلاده بأزمة اقتصادية خطيرة، قرر رجب طيب أردوغان أن يغير الاستراتيجية المتبعة ليتقرب من أوروبا.

 

اقرا أيضا : أردوغان يبدأ زيارة تاريخية لألمانيا وسط إجراءات أمنية مشددة

 

وفي مقال رأي نشر له في صحيفة فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ، أعرب أردوغان عن نيته "فتح صفحة جديدة" من العلاقات بين تركيا وألمانيا.

ويعمل الرئيس التركي على العودة إلى نقطة الصفر، وتحسين علاقته بالأوروبيين الذين ينتابهم الخوف من غزو وشيك للمهاجرين لقارتهم، وذلك حسب ما تروج له عدة حكومات شعبوية في كل من إيطاليا وأوروبا الوسطى. ولكن يبدو أن محاولات أردوغان لا تلقى قبولا من جميع أطياف الطبقة السياسية في ألمانيا.

وأوردت الصحيفة أن زعيم حزب الخضر الألماني، جيم أوزديمير، وهو سياسي ألماني من أصل تركي، ذكر أنه سيحضر مأدبة العشاء التي سيقيمها رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية، فرانك فالتر شتاينماير، هذا المساء، وفي جعبته سيل من الانتقادات بشأن الرئيس التركي، قبيل زيارته. ومن جهتها، أعربت المستشارة الألمانية عن رفضها المشاركة في هذا العشاء الشرفي. 

 

اقرا أيضا :  أردوغان وميركل يتفقان على عقد قمة رباعية حول إدلب


ونوهت الصحيفة إلى أن هناك دليلا آخر يثبت أن تحسن العلاقات بين ألمانيا وتركيا لا زال مجرد فرضية، يتمثل في إعلان رئيسة بلدية مدينة كولونيا، هنرييت ريكر، أنها لن تستقبل أردوغان يوم السبت في مدينتها خلال افتتاح أكبر مسجد في ألمانيا.

 

بالإضافة إلى ذلك، تستعد شوارع برلين لاحتضان العديد من المظاهرات الرافضة لهذه الزيارة، التي نظمتها عدة جمعيات غير حكومية مختصة في الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الصحافة والأقليات التركية خصوصا منها الكردية والعلويين الأتراك.

وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من كل هذه المؤشرات، تعد زيارة أردوغان إلى ألمانيا ضرورية جدا بالنسبة لتركيا. فعلى الصعيد الاقتصادي، تعتبر تركيا في حاجة ملحة إلى تعزيز التعاون أكثر مع أول شريك تجاري لها داخل الاتحاد الأوروبي.

ونقلت الصحيفة على لسان الباحث في المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية، مالته ريث، أن "العلاقات بين البلدين تعد متباينة، كما أنها تصب أكثر في صالح ألمانيا. ويواجه الرئيس التركي موقفا صعبا نظرا لأن بلاده تعاني من أزمة اقتصادية.

 

في الأثناء، يبدو أن هذا الوضع المتردي يزداد حدة أكثر فأكثر، في الوقت الذي يمر به الاقتصاد الألماني بمرحلة جيدة. ولا يمكن إنكار حقيقة أن تركيا تعتبر بمثابة شريك مهم للغاية بالنسبة لألمانيا، إلا أنها تأتي بعد عدة دول أوروبية".

والجدير بالذكر أنه في سنة 2017، لم تتجاوز الصادرات الألمانية نحو تركيا عتبة 2 بالمائة من إجمالي صادرات ألمانيا لشركائها التجاريين، مع العلم أن برلين تعتبر من بين أهم الشركاء التجاريين لأنقرة.

 

ولتجاوز الحرب التجارية التي أعلنها الرئيس الأمريكي ترامب على تركيا، من مصلحة أنقرة أن تعمل على تحسين علاقتها بشركائها الأوروبيين.

وأضافت الصحيفة أنه على المستوى الدبلوماسي، لا زال الرئيس التركي يأمل في انضمام بلاده يوما ما إلى الاتحاد الأوروبي.

 

وبالنسبة للباحثة في المعهد الألماني للدراسات والسياسات الخارجية، لورا كيشريد، تكتسي هذه الزيارة، قبل كل شيء، بعدا رمزيا، حيث يؤمن أردوغان بأن حلمه الأوروبي لن يتحقق إلا على المدى الطويل. كما يعتقد أنه لم يهيئ جل الظروف الملائمة لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.

وأردفت كيشريد أن "الملف التركي لا زال يفتقر للعديد من العناصر، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وتحديدا الألمان القابعين في السجون التركية.

 

ينبغي لأردوغان أن ينظر في ملفهم إذا أراد أن يبعث برسالة إيجابية لبرلين". وخلال شهر شباط/ فبراير، أخلت السلطات التركية سبيل الصحفي التركي- الألماني، دينيز يوسيل، في حين لا زال إلى حد الآن 5 مواطنين ألمان يقبعون خلف قضبان السجون التركية لأسباب سياسية.

وفي الختام، قالت الصحيفة إن أحد الملفات التي يراهن عليها أردوغان خلال زيارته لألمانيا، يتمثل في أبناء المواطنين الألمان من أصول تركية، الذين يبلغ عددهم قرابة 3 ملايين نسمة.

 

ويعتبر أردوغان أن هذه الفئة من الشعب الألماني بمثابة مصدر هام للأصوات المؤيدة له. وخلال السنة الماضية، اتهم أردوغان برلين بالتجسس والتدخل في شؤون بلاده بعد أن رفضت ألمانيا أن تسمح له بإجراء اجتماع انتخابي على أرضها، كما اتهمها بحماية "حزب العمال الكردستاني"، الذي يصنفه ضمن الجماعات الإرهابية.

التعليقات (0)