مقالات مختارة

سوريا والاستراتيجية الدولية لحرف البوصلة

أحمد موفق زيدان
1300x600
1300x600

استطاعت العصابة الطائفية في دمشق تعميم استراتيجيتها التي أتقنتها طوال اغتصابها السلطة في سوريا منذ نصف قرن، استطاعت صرف الأنظار وحرفها عن المشكلة الحقيقية والجوهرية التي يئن تحتها الشعب السوري، فالوحدة والحرية والاشتراكية، معززة بشعارات الكذب في الصمود والتصدي، فالمقاومة والممانعة، وما أن اندلعت الثورة السورية حتى بدأ العالم كله يستنسخ استراتيجية حرف الأنظار هذه بعيداً عن المشكلة الحقيقية، وهي مشكلة وجود العصابة الطائفية المتحكمة ليس برقاب الشعب السوري وإنما بالمنطقة كلها، فكان الحديث عن الدستور، وعن انتقال وهمي للسلطة، وعن التدخل الإيراني والروسي ومقاومتهما، وكأن الشعب السوري انتفض من أجل أوهام وأكاذيب، وليس من أجل قلع سرطان فتك بجسده على مدى عقود، وهو يؤكد ما نقله معارضون التقوا الروس منذ بداية الثورة السورية من أن نظام الأسد كنز استراتيجي، وأن كل الأموال العربية لا تفي قيمة هذا النظام.


جاءت تصريحات المبعوث الأميركي إلى سوريا وحديثه أن الأسد تحول إلى جثة ولا يمكن النفخ فيه، ليؤكد أن استراتيجية حرف الأنظار والأكاذيب متواصلة، وربما تفيد هذه الاستراتيجية على المدى القصير، ولكن التاريخ لن يرحم كل الذين وقفوا مع العصابة الطائفية سراً وعلناً، وانتظروا طوال هذه الفترة الطويلة من تدمير سوريا وشعبها، فالجثة التي يتحدث عنها المسؤول الأميركي غدت جثة سوريا نفسها، وحديثهم عن طرد الاحتلالين الإيراني والروسي من سوريا كان بالإمكان منعهما من الدخول منذ اليوم الأول، أما أن يتم السماح لهما بتدمير الشام وحضارتها وشعبها، ثم بعد كل هذا يتحدث البعض عن مقاومتهم لهذه الاحتلالات، غير آبهين بكل تلك المجازر والمآسي والمجازر، فتلك مهزلة المهازل.


كأن الشعب السوري الذي انتفض لثماني سنوات، انتفض من أجل دستور وليس من أجل من يطبق هذا الدستور ويقف عليه، وكأن الشعب السوري الذي قدم الملايين من الشهداء والجرحى والمعتقلين والمشردين كان يقدمهم من أجل دستور لا يغني ولا يسمن من جوع، وتتعدد أساليب حرف بوصلة الثورة السورية، بحسب مصالح الدول والجهات المعادية للثورة، فالبعض يرى في داعش المشكلة، والآخر يرى في جماعات متشددة بشكل عام المشكلة، وثالث يرى في كل من رفع السلاح ضد العصابة الطائفية، وآخر يرى المشكلة في الاحتلال الروسي والإيراني، وهكذا يبقى الشعب السوري هو الضحية وهو الذي يدفع الثمن الباهظ والخطير من دمه وتاريخه وحاضره ومستقبله، ولا يعرف هؤلاء أن المشكلة في عصابة مجرمة أهلكت الحرث والنسل، وهي المرض، وغيرها العرض.


جذر المشكلة وأساسها في الشام هو وجود عصابة طائفية مجرمة، وليس في إقامة مناطق عازلة من أرض دفع الشعب السوري خيرة أبنائه من أجل تحريرها، فبعد أن عجزت العصابة الطائفية، ومعها سدنتها المحتلون، عن السيطرة عليها يقومون بقضمها رويداً رويداً، ولكن لكل أجل كتاب، وكتاب الثورة السورية سيأتي أجله، وأجل الثورات على مدى الزمان والمكان هو الانتصار والفوز الكبير، طال الزمن أو قصر، فذاك سفر الثورات الذي سجله لنا التاريخ القريب والبعيد، وإن غداً لناظره قريب.

 

عن صحيفة العرب القطرية

7
التعليقات (7)
زينب
السبت، 06-10-2018 12:36 ص
السيد أحمد موفق زيدان لم ينطلق من فراغ ، فهو صاحب تجربة من خلال مقاربته الصحفية المهنية والفكرية لكثير من محطات الصراعات المصطنعة في حدود عالمنا العربي والإسلامي ، من افغانستان إلى باكستان إلى فلسطين إلى لبنان إلى العراق فسوريا الثورة اليوم ، كلها محطات شاهدة على خطورة المؤامرة، لقد أصاب كثيرا الكاتب في الاختيار : " حرف البوصلة " ، " الاستراتيجية الدولية " ، عالمنا الإسلامي كله مستهدف من طنجة إلى جاكرتا ، ولا ينبغي أن نهمل تورط كثير من المطبعين في ذلك ، فإذا كانت الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها ، فمن الحكمة أن نستثمر في حدود المسار التركي الجديد الواعد على طريق التاريخ والنهضة والتحول الحضاري ، ومن دون ذلك فإن سنن الكون لن تكون في جهتنا ولن تحابينا لأننا مسلمين ، فما بالنا إذا رفعنا شعارا آخر .
مُواكب
الخميس، 04-10-2018 08:29 م
طاعة الله هي الدين. الله يأمرنا: اعقل وتوكل " منذ مئات السنين، اليهود والكنيسة يعملون معا لِإفساد ثقافتنا الإسلامية. لم يستطيعوا النيل من القرآن الكريم الذي هو قُرآن واحد يشهد بذاته على أصالته. لكنهم استطاعوا اختراق الأحاديث النبوية، ولِمُواجهة هذا الإفساد للدين أمامنا فهم جيِّد وموضوعي للقرآن الكريم ثم تحكيم ُعقولنا. الرسول محمد عليه الصلات والسلام لا ينطق عن الهوى، وأيُّ هوى نستشعره ندوِّي صفارات الإنذار. الخلاف مع الشيعة ليس بين طائفيين إسلاميتين. فبقتلهم المسلمين السنة الأبرياء خرجوا عن الإسلام خُروج الشيطان الرجيم من الجنة. أهل السنة، نحن بمحنة، نحن الضحية، والشيعة هم الجلاد. المساواة بين الضحية والجلد عن طريق الحديث عن نبذ الطائفية هو سعي المخابرات منذ إعلانهم واحتفالاتهم بالنصر على الشعب السوري. أنا يا سيدة زينب لا أتهمك بشيء، وإن كنت أخطأت بشيء فمعزرة وآمل أن تكوني أكرم مني وتُسامحيني.
ينب
الخميس، 04-10-2018 02:24 م
أخي مواكب : أرفض السب والشتم لأن قدوتنا صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام كانوا أبعد الناس عن ذلك حتى مع ألد أعداء أمة الشهادة ، وإلا كيف يكون المؤمن الموحد متميزا ومحسنا ؟ الحديث الذي رفضته واعتبرته أداة يستخدمها الشيعة لتعويم المشهد ، يمكن أن لا نستشهد به ، ولك ذلك ، بالرغم من استشهاد كثير من السنة به ، عن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:"افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة ، فواحدة في الجنة و سبعين في النار ، و افترقت النصارى على اثنين و سبعين فرقة فواحدة في الجنة و إحدى و سبعين في النار ، و الذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث و سبعين فرقة ، فواحدة في الجنة و ثنتين و سبعين في النار ، قيل يا رسول الله من هم ؟ قال : هم الجماعة" قال فيه السخاوي رحمه الله: رجاله موثقون. قال أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح. قال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة: إسناده جيد رجاله ثقات . وأكثر من ذلك ، هل يمكن أن نتفق في دائرة أهل السنة على جميع المسائل ، الاختلاف في الرؤى والوسائل تقديما وتأخيرا وارد للغاية في زمن الحرب والسلم ، في الشأن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، هل ذلك قاطع للود والتآخي والتآزر في وجه المخاطر ؟ كم هو عدد الفصائل المسلحة في سوريا التي ترفع راية الثورة ضد الظلم والفساد ؟ إذا كان عيم حب الله قد وقف إلى جانب الظالم وأهمل جانب الشعب فذلك من شأنه أن يزلزل كيانه آجلا أم عاجلا ( الظلم مؤذن بخراب العمران ) فما بالك بالأحزاب ؟ إذا كان من حق السوريين أن يجابهوا الظلم والفساد بكل ما أوتوا فإن ذلك لا يخول لهم أن يعادوا كل الذين يخالفونهم في المعتقد أو الرأي ، هل مهمتنا في هذه الحياة هي مقاتلة الناس ؟ من حقنا أن نجابه المعتدي على حقوقنا وحياتنا مهما كان ، لكن علينا أن نن دوما أفعالنا بميزان ، الميزان هو قوله سبحانه : " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ". الآية 59 من سورة النساء . اعلم أنك لا تقبل إدخال الشيعة في دائرة المؤمنين ، لك ذلك ، فهل تتكرم علينا فتدلنا على سبيل التعامل معهم في وقت السلم والحرب ؟ وأكثر من ذلك هل أسلوبنا في الحياة وواقعنا الشاهد على فرقتنا وضعفنا في دائرة أهل السنة سيسمح لنا بالرجوع إلى حلبة التاريخ من الباب الواسع ؟ إذا كان يسرك عدم التعاطي مع ما يكتبه الصحفي اللبناني الشيعي عبر منبر عربي 21 فيمكنني السير معك إلى أبعد الحدود ، أما أنك تتهمني باطلا بالعمالة لزيد أو عمر فتلك مصيبتنا في دائرة أهل السنة ، أعطيك مثالا : الإخواني والسلفي كلاهما يتحدث باسم أهل السنة ، هل شفع لهم ذلك أمام خبث الأنظمة الفاسدة كنظام بشار والسيسي وسلمان وابن زايد ؟ لا أخالك يغيب عنك ضيق الأفق الذي نعيشه اليوم ، استسمحك إن كنت أخذت من وقتك القليل .
مُواكب
الخميس، 04-10-2018 07:59 ص
بعض الناس، وأنت يا سيدة زينب احداهم، لا يرون أنفسهم إلاّ عبر مرآة. ترمين الآخرين بالحجارة وتُخفين يدك، فلا أحد استعمل السب والشتائم إلاّ أنت، ثم تتهميني أنِّي أنا من يفعل ذلك . نعم أنا أشتم وأسب ليلاً ونهاراً كلاًّ من أزعر الضاحية الجنوبية سيِّء نصر الشيطان الرجيم، وعلي خامنئي آية الشيطان الرجيم وكذلك مختار القرداحة بشار أسد. فلماذا يُزعجك هذا الأمر إذا لم تكوني مندسة في صفحات عربي 21 ؟ وهناك أسئلة آمل أن تُجيبي عليها بنجاح لِتُبعدي عن نفسك شُبهة الإنتماء إلى المخابرات السورية. لماذا تستعملين الحديث الكاذب " تشتت الأمة" والذي تستعمله الطوائف غير السنية، كالنصيرية الشيعة، لتثبيت أنفسهم كمسلمين؟ الخلاصة في هذه الآية الكريمة: ولا تزر وازرةٌ وزر أُخرى وإلى الله مرجعكم فيُبئكم بما كنتم تعملون"
زينب
الأربعاء، 03-10-2018 10:26 م
جوابا على أخي مواكب : أنت متواطئ مع نفسك التي بين جنبيك على أقل تقدير ، ولا يمكن بأي حال أن أخونك ، لأنني لا أعرفك ، فكيف لي أن أحكم على شخص لا أعرفه ، أما أنت فقد خونتني من دون أن تعرفني ، كان يمكن أن تكفرني وتخرجني من ملة المصطفى صلى الله عليه وسلم أو تحكم علي بالموت ، كل ذلك لأنك تفتقد إلى وجهة نظر وإلى الحجة في تناول الخطاب ، ومثل الذي يفتقد إلى رؤية وحجة وبرهان يمكن أن يضر أكثر ما ينفع ، يهدم بدل أن يبني ويسيء بدل أن يحسن ، حتى وإن رفع راية مكتوب عليها : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " والفاهم يفهم ، المطلوب من صاحب قضية أن يحسن لقضيته بدل أن يجعل من نفسه قضية ، الإنسان الحر هو ذلك الذي يقف حدا فاصلا بين نافية ( الأنا ) ونافية ( الآخر ) ، نحن في خندق واحد في مواجهة الظلم والفساد ، لا يليق بنا أن كاذبين ( المؤمن لا يكذب ) ولا غشاشين ( من غشنا فليس منا ) ولا سفاحين ( أدنى ما يصدر عن السفاح كلام السوء ) ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ، طبت وطاب ممشاك وسدد الله خطاك على طريق الحق .