صحافة دولية

فورين بوليسي: هذه خطط ترامب لحرمان الأمم المتحدة من الدعم

فورين بوليسي: يسعى ترامب لوقف دعم برامج الأمم المتحدة- جيتي
فورين بوليسي: يسعى ترامب لوقف دعم برامج الأمم المتحدة- جيتي

نشر موقع مجلة "فورين بوليسي" تقريرا حصريا لكل من روبي غريمر وكولام لينتش، يكشفان فيه عن رسالة إلكترونية مسربة، تظهر المدى الذي ذهب إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخنق برامج تمويل الأمم المتحدة

ويقول الكاتبان إن موظفة معينة سياسيا في وزارة الخارجية بعثت رسالة إلكترونية في بداية تموز/ يوليو إلى مجلس الأمن القومي، فصلت فيها طرقا لعرقلة نية الكونغرس دعم مجموعة من برامج الأمم المتحدة الدولية التي يعارضها المحافظون في البيت الأبيض، بما فيها المبادرات التي تخدم اللاجئين الفلسطينيين، وتقدم خدمات الإنجاب للنساء الفقيرات. 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن كاتبة الرسالة الإلكترونية، وهي المستشارة البارزة في دائرة شؤون المنظمات الدولية ماري ستل، زعمت فيها أن إدارة دونالد ترامب لديها حرية وقف تمويل برامج تتصادم مع أولويات البيت الأبيض، وأشارت إلى أن الإدارة يمكنها استخدام سبل بيروقراطية، مثل أساليب محاسبة مرهقة، ومتطلبات لكتابة تقارير؛ وذلك من أجل قتل برنامج دعم يعارضه البيت الأبيض ويستمر الكونغرس في تمويله.

وتكشف الرسالة الإلكترونية، التي حصلت عليها مجلة "فورين بوليسي"، عن الطرق التي يتبعها المعينون من البيت الأبيض في وزارة الخارجية لخنق برامج المساعدة الأمريكية الدولية، عبر المناورات البيروقراطية رغم حصول البرامج على دعم الحزبين في الكابيتال هيل.

ويورد الكاتبان نقلا عن مسؤولين في وزارة الخارجية ومساعدين في الكونغرس، قولهم إن الأشخاص الذين عينهم البيت الأبيض يخوضون معركة من وراء الستار مع الكونغرس بشأن استخدام هذه الأساليب على برامج مهمة لدعم قضايا حقوق الإنسان والمرأة، تشرف عليها الأمم المتحدة، وقال مساعد ديمقراطي في مجلس الشيوخ: "استخدموا الحيل كلها لقطع التمويل للدبلوماسية والدعم الأجنبي، لكنهم فشلوا حتى الآن"، وأضاف أن الأمر "يتعلق في نهاية الأمر بطريقة إدارة التمويل بطريقة مصغرة".

ويلفت التقرير إلى أنهم رضخوا في نهاية السنة المالية في 30 أيلول/ سبتمبر، ووافقوا على الالتزام بتوجيهات الكونغرس لتمويل البرامج، لكنهم يخططون لحجب 25 مليون دولار لتمويل برامج حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، في خرق واضح لمعاهدة الولايات المتحدة والتزاماتها تجاه الأمم المتحدة.

وتورد المجلة نقلا عن مصادر في الخارجية ومساعدين في الكونغرس، قولها إن المعينين في الخارجية يحاولون التحكم بـ10 ملايين دولار مساعدة طوعية لبرامج حقوق الإنسان والمرأة في الأمم المتحدة، من خلال تقييد كيفية استخدام المتلقين لها، مشيرة إلى أن عمليات القطع تضم 7 ملايين دولار من مساهمة الولايات المتحدة المنتظمة للأمم المتحدة، التي تغطي كلفة مجلس حقوق الإنسان، وأكثر من 16 مليون دولار لبرامج تديرها المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، التي تشرف على تحقيقات تدعمها الولايات المتحدة في ميمانمار وسوريا وكوريا الشمالية.

ويفيد الكاتبان بأنه المعينين في وزارة الخارجية دفعوا في مرحلة معينة لقطع التمويل كله عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وتحويلها إلى منظمة الدول الأمريكية، وهي منبر إقليمي يضم حكومات شمال وجنوب أمريكا، إلا أن مكتب وزير الخارجية مايك بومبيو قام بإلغاء الخطة، بحسب مسؤولين على اطلاع على المناقشات الداخلية.

ويجد التقرير أن المعركة بين وزارة الخارجية والإدارة تعكس التحرك الدرامي الذي يقوم به ترامب ضد المؤسسات الدولية، مشيرا إلى أن ذلك كان واضحا في خطابه أمام الجمعية العامة، فقال في خطابه إن أمريكا تقوم بمراجعة واسعة لبرامج الدعم الأجنبي، وأضاف: "إن الولايات المتحدة هي أكبر مانح للدعم الأجنبي في العالم، لكن قلة تمنحنا أي شيء"، وتابع قائلا: "نتحرك للأمام وسنعطي الدعم الأجنبي لمن يحترمنا وبصراحة، وهم أصدقاؤنا، ونتوقع أن تدفع الدول الأخرى حصة من ميزانية دفاعها".

 

وينوه الكاتبان إلى أن الإدارة دفعت في الوقت ذاته باتجاه خفض تعسفي في الدعم الأمريكي كله، بما في ذلك مليارات الدولارات لمهام حفظ السلام وبرامج المساعدة الإنسانية، وفي كل مرة وبخ الكونغرس البيت الأبيض ومقترحاته لخفض الدعم.

وتذكر المجلة أن المساعدين في الكونغرس يعترفون بأن بعض الخطط لخفض الدعم منطقية، مثل المساهمة في مجلس حقوق الإنسان بعد خروج الإدارة منه في حزيران/ يونيو، حيث بررت سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة نيكي هيلي التحرك بقولها إن المجلس متحيز ضد إسرائيل ومنافق، وسمح لدول تنتهك حقوق الإنسان بعضويته، مثل روسيا والصين ومصر. 

ويستدرك التقرير بأنهم يقولون إن فشل الإدارة في دعم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وهي هيئة منفصلة عن مجلس حقوق الإنسان، قد يعد خرقا لمعاهدة التزامات أمريكا للأمم المتحدة، لافتا إلى أن المتحدثة باسم الخارجية نفت أن تكون الإدارة تمارس صلاحيات في إدارة التمويل، وقالت إن الوصف بأن هناك إدارة مصغرة للدعم "ليس دقيقا"، وأضافت أن الخارجية "شاورت" الكونغرس في أكثر من مرة ولم "تحد" عنه.

ويقول الكاتبان إن الولايات المتحدة تريد ممارسة السيطرة على الطريقة التي تنفق فيها المفوصية السامية لحقوق الإنسان الميزانية الطوعية التي تقدم لها، وهي 7 ملايين دولار، والتأكد أن لا شيء منها ينفق على برامج تقوم بالتدقيق في سجل إسرائيل في حقوق الإنسان، أو إعداد قائمة بأسماء الشركات التي تقوم بالتعامل مع المستوطنات في الضفة الغربية، مشيرين إلى أن إسرائيل وأمريكا ترفضان بشدة بناء قاعدة بيانات، وتقولان إنها تشكل أساسا للمقاطعة.
 
وتشير المجلة إلى أن الإدارة تريد تطبيق ما يطلق عليها بسياسة مكسيكو سيتي، على 8.5 مليون دولار لدعم وكالة المرأة في الأمم المتحدة، المكرسة للمساواة وتعزيز دور المرأة، حيث ينظر النقاد لهذه السياسة على أنها قاعدة دولية لتكميم الأفواه، لافتة إلى أنه يمنع إنفاق الأموال الأمريكية على منظمات تقدم الخدمات والنصح للراغبات بالإجهاض والنصح حول خياره، أو تدعو إلى لبرلة قوانين الإجهاض، فيما يسمح باستخدام الأموال في برامج لتعزيز وضع المرأة الاقتصادي، ومواجهة العنف ضدها، ودورها في حل النزاعات.

وينقل التقرير عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية، قولها إن "استخدام الدعم المقرر هذا العام، والمقدم للمفوضية السامية لحقوق الإنسان ووكالة المرأة، لا يشمل على نشاطات تتناقض مع مصالح الولايات المتحدة القومية، أو أولويات الإدارة".

ويبين الكاتبان أن السياسة بدت واضحة في الرسالة الإلكترونية التي حصلت عليها المجلة، وتعود إلى الثاني من تموز/ يوليو، وأرسلتها المستشارة في وزارة الخارجية ستل، التي تعترف فيها بأن على الإدارة "ملزمة بالمساهمة" في البرامج التي خصصها الكونغرس، رغم جهودها من أجل وقف المساهمة للأمم المتحدة، إلا أنها تقول إن الإدارة لديها حرية إنفاق الأموال بطريقة تدعم سياسات الرئيس وأولويات وزير الخارجية. 

وتورد المجلة نقلا عن ستل، قولها: "لدينا حرية طلب الحسابات والتقارير والشفافية والأهداف وما إلى ذلك.. يمكننا استبعاد أي تمويل يستخدم في مشاريع تتناقض مع سياسات الإدارة". 

ويلفت التقرير إلى أنها استهدفت تحديدا برنامج دعم "الصحة التناسلية" الفلسطيني، وعبرت عن دعم برامج "شبكة المجتمع المفتوح"، في إشارة لمشاريع الميلياردير جورج سوروس، مع أن مؤسسة سوروس لا تحصل على دعم من الخارجية، وهو ما أدهش المسؤولين. 

ويقول الكاتبان إن الرسالة الإلكترونية تكشف تأثير مجلس السياسة المحلية، وهو مجموعة من مسؤولي الكونغرس الذين يتعاملون رأسا مع مستشار ترامب المقرب ستيفن ميللر، وكيف زرع عددا من أعضائه في مراكز الإدارة في الخارجية، وممارستهم تأثيرا على سياسات الهجرة والمنظمات الدولية.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

التعليقات (0)