قضايا وآراء

من هاهنا تطعنون.. فافهموا

مسعود حامد
1300x600
1300x600
من المسكوت عنه - ربما لسريان مفعوله ظاهريا حتى اليوم - هو دور الأدباء والمثقفين الأفندية؛ الذين تخفوا في شكل جمعيات أدبية وتنظيمات فكرية في مصر ولبنان وفلسطين والشام لإسقاط الخلافة والتشنيع بالسلطان عبد الحميد الثاني. ورغم أن هؤلاء الأفندية انتصروا بمصاحبة الإفرنج على المشايخ جمال الدين الأفغاني ومن لف لفه، فإن الأجيال المتعاقبة من تلامذة هؤلاء العمائم حرمهم الله من نعمة التخيل بأن للأدباء دورا مختلفا عن مجرد التأييد لهتافاتهم السياسية، وصياغتها.

تماما كما انتصر أفندية السيسي المتنعمون في حظيرة وزارة الثقافة المصرية المحصنون بمصفحات العسس؛ على القوى الوطنية الثورية التي تشظت سريعا لكونها لم تكن بلا أية قوة ولا حتى القوة الناعمة.

في عز حكم الدكتور المهندس محمد مرسي، كانت قصور ثقافة الجيزة تصدر شهريا سلسلة أدب الثورة، وكانت كل الكتابات تستقصي الإسلاميين من أي فعل ثوري عن عمد، فضلا عن منحهم فعل التأليف للثورة سردا أو إبداعا، علاوة على وجود الأغاني والمسلسلات والبرامج التي تهاجم الحكم الإسلامي بصورة منهجية. 

الانقلاب كان ثقافيا وجاء العسس كتحصيل حاصل.. هذه العمائم لا تزال تغلب السياسي على الثقافي، والفكري على المعرفي، وهو بالضبط ثغرة غزوها ومكمن ضعفها.

انظروا لكمّ المهندسين والأطباء وخريجي الكليات غير الإنسانية وأكلة الثريد ممن يتصدرون المشهد، لتدركوا أنهم في غيهم سادرون ومصرون على السير في الاتجاه الخطأ.

لم يدرك المهندسون أنهم هزموا بقوة الدبابة ليس إلا، ولما يروا بعد، لكونهم من أكلة الثريد جميعا، اللوحة والقصة والقصيدة والمسلسل والأغنية التي هزمتهم قبل أي عسس.

وحينما يتفطنون قليلا - بعد سنوات من التيه - يقولون إن معركتهم معركة وعي، ويقصدون وعيا سياسيا بالأساس، فيشتبكون مع السياسي بغرض فتح الثغرات، وهيهات هيهات، طالما لا يتعاملون مع الثقافي والفكري والمعرفي إلا كسنيد لبطلهم السياسي المسيطر عليه أصلا.

إن تقليص الدور إلى وعي سياسي بدون مرجعية معرفية أفضى لغياب الرؤية الشاملة، كما أفضى إلى شيوع حالة التيه من جهة وخفض أفق الغايات.

ناهيك عجز الأكلة الثريديون عن الانتقال من الوعي إلى التوعية، وشتان بينهما، والغريب تباهيهم بتلك الحالة (محلك سر) لمجرد أن الخصم يتوعد من وجودها (وهو تكتيك معروف ليستمروا في لا حركتهم المزعومة فيكفي عقابا للظلام بأن يظل ظلاما) 

والأغرب من تباهيهم المضلل هو حالة السلام النفسي والرضى عن الذات تلك التي تتعاظم مع كل فشل بتبريرات غيبية كالابتلاءات وقصص المضحين، وكأنهم حاملو صخرة سيزيف.. وسارقو النار النبيلة من الآلهة.
التعليقات (0)