حقوق وحريات

رئاسة مصر للشبكة العربية لحقوق الإنسان تلقى انتقادات واسعة

 أكدت منظمات حقوق الإنسان الدولية أن عدد المعتقلين في مصر يتجاوز 60 ألف معتقل- جيتي
أكدت منظمات حقوق الإنسان الدولية أن عدد المعتقلين في مصر يتجاوز 60 ألف معتقل- جيتي

انتقد قانونيون وحقوقيون تسلم مصر رئاسة الدورة الجديدة للشبكة العربية لحقوق الإنسان، بعد انتهاء رئاسة الجزائر لها، مؤكدين أن الشبكة العربية رغم أنها تمثل الصوت الرسمي والحكومي للأنظمة والحكومات العربية، إلا أن رئاسة مصر لها يمثل انتكاسة خطيرة لملف حقوق الإنسان، ليس بمصر فقط وإنما بالوطن العربي كله.

وطبقا لحقوقيين تحدثوا لـ"عربي21"، فإن هذا القرار يأتي بعد أيام من تجديد حالة الطوارئ المستمرة بمصر منذ نيسان/ أبريل 2017، كما أنها تأتي مع تزايد التصفيات الجسدية لمعارضي السيسي، وتجاوز أعداد المعتقلين بالسجون والمعتقلات لـ60 ألف معارض، بالإضافة للتوسع في إصدار أحكام الإعدام وتنفيذها، وتقييد الحريات الإعلامية بشكل كامل.

وكانت الشبكة العربية لحقوق الإنسان، التي تضم في عضويتها المجالس الحقوقية الرسمية بالدول العربية، أعلنت السبت عن تسليم رئاسة دورتها الحالية لمصر، وهو ما وصفه مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان السفير أحمد إيهاب جمال الدين بالإنجاز الكبير لمصر، التي تعمل على تحقيق حلم شعبها في تحقيق قيام دولة العدل والقانون، وفقا لكلمته التي ألقاها بمؤتمر الشبكة صباح السبت بالقاهرة.

من جانبه، أكد المدير التنفيذي لمنظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان ومقرها جنيف، علاء عبد المنصف أن الشبكة العربية هي الحاضنة الأم لكافة المؤسسات الرسمية العربية، مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر وباقي المجالس المماثلة له في الدول العربية، وبالتالي فهي تمثل رغبات الحكومات أكثر من تطلعات الشعوب.

ويضيف عبد المنصف لـ"عربي21" أن وضع حقوق الإنسان بالوطن العربي، يشهد تدهورا مستمرا، مستدلا بحادثة اغتيال النظام السعودي للصحفي المعارض جمال خاشقجي باسطنبول مطلع الشهر الجاري، وبالتالي فإن الأنظمة العربية تحاول الاستعاضة عن المؤسسات الدولية الفاضحة لممارساتها البشعة في ملف حقوق الإنسان، بمثل هذه المؤسسات التي تخضع لسيطرتها، وتكون صوتها في المحافل الدولية مثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية وغيرهما من المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان.

وحول تسلم مصر لرئاسة الشبكة، يشير عبد المنصف إلى أن الشبكة في الأساس غير مستقلة، والمشاركون فيها يمثلون حكوماتهم، وبالتالي فاختيار مصر هو تعبير عن موقف هذه الحكومات من النظام المصري الذي يحظى بدعم وتأييد الأنظمة العربية التي لم تعد تختلف عنه في انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان.

وفيما يتعلق بالاستفادة المصرية من هذه الرئاسة في تحسين صورتها الحقوقية السيئة، يؤكد الخبير الحقوقي أن الدول العربية تحاول تضخيم دور الشبكة، ووضعها في غير مكانتها بوصفها مدافعة عن حقوق الإنسان، بينما في الواقع فإن المنظمات الحقوقية المشاركة فيها تدافع عن حقوق الأنظمة العربية في انتهاك حقوق الإنسان، ما جعلها بعيدة كل البعد عن مُمارسة الدور الحقيقي لها، من رفع واقع حقوق الإنسان بشكلٍ صحيح للسلطات المسؤولة، والعمل على تحسينها، والإسهاب في الاقتراحات المُتعلقة بالواقع التشريعي غير السليم.

ويوضح عبد المنصف أن المجتمع الدولي لا يعبأ لمثل هذه التنظيمات الإقليمية التي لا تحقق الأهداف المفروضة عليها، خاصة أنها أصبحت متنفسا صناعيا للأنظمة الديكتاتورية، في محاولة تحسين وتبييض وجهها أمام العالم، وبالتالي فهي حيلة لا تنطلي على المجتمع الدولي، حتى لو كان بينهما تعاون في بعض الملفات، لأن المجتمع الدولي في النهاية يعرف كيف يُقيم الوضع الحقوقي الحقيقي في بلدان الوطن العربي جيدا.

ويضيف المحامي والحقوقي المهتم بالدفاع عن المعتقلين السياسيين بمصر، أسامة العاصي، لـ"عربي21"، أن رئاسة مصر للشبكة العربية يعكس إلى أي مدى وصلت حالة حقوق الإنسان بالوطن العربي، وإلى أي مدى وصل الاستخفاف بعقول الشعوب التي ترى وتتابع كل ما يجري حولها من انتهاكات حقوقية.

ويؤكد العاصي أن ملف مصر الحقوقي يحتل مكانة متقدمة بين أكثر الدول سوءا وانتهاكا، ويكفي أن مصر شهدت أبشع مجازر التاريخ الحديث على يد نظام الانقلاب في فض اعتصامي رابعة والنهضة عام 2013، وما تبع ذلك من عمليات إخفاء قسري وقتل خارج نطاق القانون وتعذيب المعتقلين بصرف النظر عن كونهم رجالا أو نساء أو شيوخا أو أطفالا، وكذلك التوسع في أحكام الإعدام بشكل لم يعرفه العالم إلا في ظل أشد النظم القمعية، وهي أمور تدفع لمحاكمة مصر وليس لمكافأتها بهذه الخطوة.

ويضيف العاصي أن ملف مصر مكتظ بالانتهاكات المستمرة واليومية، ليس في حق المعارضين السياسيين أو الصحفيين والإعلاميين فقط، وإنما كذلك لعموم الشعب المصري الذي يعيش في ظل قبضة أمنية وعسكرية حتى يظل خانعا وخاضعا لأوامر نظام الانقلاب، ولذلك فليس غريبا أن تصل أعداد المعتقلين لأرقام رهيبة أكدت منظمات حقوق الإنسان الدولية بأنها تتجاوز 60 ألف معتقل.

وقد تنوعت سخرية نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على خبر تسلم مصر لرئاسة الشبكة العربية لحقوق الإنسان، حيث قالت الناشطة مروة حكيم عبر حسابها أن السعودية هي الأحق الآن من مصر بهذه الرئاسة.

وأبدى الحسيني محمد تخوفه على حقوق الإنسان وعلى الشبكة من هذه الخطوة.


واكتفي الصحفي المصري أكرم الجزار بكتابة الخبر على خلفية سوداء وترك التعليقات لأصدقائه بالصفحة.

في حين دعا أبو جابر المصري نفسه للهروب بعد هذا القرار.

التعليقات (0)