ملفات وتقارير

ما دوافع دول الخليج للتطبيع مع إسرائيل وما الذي ستجنيه؟

كانت زيارة نتنياهو إلى سلطنة عمان مفاجئة - (وكالة الأنباء العمانية)
كانت زيارة نتنياهو إلى سلطنة عمان مفاجئة - (وكالة الأنباء العمانية)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد زيارته المفاجئة لسلطنة عمان الجمعة الماضية، أنه سيقوم بزيارات قادمة لدول عربية أخرى.


ووصف نتنياهو زيارته لسلطنة عُمان عبر صفحته على تويتر بـأنها "زيارة دبلوماسية تاريخية"، ووصف السلطان قابوس بـأنه "زعيم صاحب خبرة طويلة ومبهر جدا"، مضيفا: "هذه هي الزيارة الأولى لإسرائيل في عُمان منذ 22 عاما، وهي تأتي على خلفية جهود دبلوماسية بذلتها خلال السنوات الأخيرة إزاء الدول العربية". 


وكان لافتا ظهور وزيرة الثقافة الإسرائيلية، ميري ريغيف، الأحد الماضي، وهي تتجول برفقة مسؤولين إماراتيين مرتدية الحجاب في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، وقد بدت الوزيرة متأثرة جدا وهي تستمع إلى النشيد الوطني الإسرائيلي الذي عُزف للمرة الأولى في أبو ظبي بعد فوز لاعب الجودو الإسرائيلي ساغي موكي بالميدالية الذهبية في بطولة عالمية للجودو انعقدت مؤخرا في أبو ظبي. 


وقبلها بأيام "وصل وفقد رياضي إسرائيلي إلى قطر للمشاركة في بطولة العالم للجمباز، التي بدأت الخميس الماضي، ورفع علم إسرائيل في حفل افتتاح البطولة، كما عُزف النشيد الإسرائيلي لأول مرة في مناسبة رياضية تنظمها دولة عربية". 


ووفقا لمراقبين فإن توالي تلك الزيارات والأحداث ينبئ عن مرحلة جديدة في طبيعة العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج العربي، ينظر فيها إلى دولة الاحتلال الصهيوني باعتبارها دولة من دول الشرق الأوسط على حد قول وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، في إشارة واضحة إلى إقامة علاقات دبلوماسية وسياسية علنية معها.


من جهته أوضح الباحث السياسي المصري، طارق ذياب أن التمهيد لمرحلة التطبيع العلني، وإقامة علاقات رسمية مع الكيان الصهيوني لم يحدث هكذا فجأة، بل جاء بعد علاقات سرية كانت تتم بصفة مباشرة أو عبر وسيط في السنوات الماضية. 


وأضاف لـ"عربي21": "لا يمكن بحال فصل خطوات التطبيع الحالية عن السياسة الخارجية الأمريكية التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية تحت ستار ما يسمى بـ"صفقة القرن"".


وتابع الباحث المصري حديثه بالقول: "وهي تأتي كذلك متناغمة مع سياسة ترامب لتطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية قبل الحل النهائي، خلافا لما كانت تصر عليه غالب الدول العربية من مطالبتها التاريخية بالحل قبل التطبيع". 


ورأى ذياب أنه "لا يمكن فصل مرحلة التطبيع العلني، وإقامة علاقات رسمية بين الدول العربية وإسرائيل عن قضية تيران وصنافير، بعد ملكية السعودية لهما، ما أدى إلى إدماجها في اتفاقية كامب ديفيد، لأنها تقع ضمن اتفاقية ج في الاتفاقية، وهو ما سيوفر للسعودية أداة تبريرية للتطبيع، متعللة بأنها مجبرة على فعل ذلك بحكم الجغرافيا بعد امتلاكها لهذه الجزر".


وتوقع ذياب أن تذهب السعودية باتجاه التطبيع مع إسرائيل طلبا لدعمها ومساندتها كي تقوم الأخيرة بالضغط على أمريكا لإبقاء ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان في الحكم، بعد أزمة مقتل خاشقجي التي وضعت مستقبله السياسي على المحك. 


بدوره استغرب الباحث الكويتي المتخصص في تاريخ المنطقة، مهنا حمد المهنا "هرولة دول الخليج للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وإقامة علاقات دائمة معه" واصفا إياها بـ"الخطوة الحمقاء التي لا يقوم بها سوى من يعادي أمته ودينه ومستقبله"، على حد قوله.


وتساءل المهنا في حديثه لـ"عربي21": "ما هي الضرورة الملحة للتطبيع مع الصهاينة المحتلين الغاصبين لأرض عربية إسلامية، والذين قاموا بإجلاء مئات الألوف من الشعب الفلسطيني من أرض آبائهم وأجدادهم؟". 


وأردف قائلا: "ليس عند الكيان الصهيوني تلك الثروات الطائلة كي تطمع دول الخليج بمعونتهم المالية والاقتصادية، فإسرائيل تعيش على المساعدات والتعويضات الخارجية، ودول الخليج أغنى منهم بكثير، فلم يبق للأنظمة الخليجية أي عذر يذكر في تطبيعهم مع العدو الصهيوني سوى عدائهم لأمتهم ودينهم، وكسب ولاء اليهود في المنتديات الدولية والاستفادة من نفوذ الصهيونية في العالم".


من جهتها وبرؤية مغايرة أشادت الكاتبة السعودية أمل عبد العزيز الهزاني بزيارة نتنياهو لسلطنة عمان، وقللت في مقالها المنشور في صحيفة الشرق الأوسط أمس الثلاثاء من شأن "إقامة علاقة مع إسرائيل" فهو "ليس لب المشكلة"، لأنه "أمر واقع، وجزء من منطقة الشرق الأوسط، وللعرب معها خلاف يفترض أن تحاول كل الدول العربية والقوى الدولية حسمه أو الخوض فيه".


وطالبت الهزاني في نهاية مقالها بعدم المزايدة على عمان أو غيرها في القضايا القومية أو الوطنية "طالما لم تمس مصالح الغير ولم تتضرر" مؤكدة أن لـ"سلطنة عمان أن تختار من الأصدقاء من تشاء، وأن تكون شريكا في أي عمل سياسي، لكن يبقى الخط الفاصل هو مراعاة الأمن القومي لأي دولة أخرى". 


وبحسب الأكاديمي السعودي، الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي فإن ما يدفع دول الخليج للهرولة باتجاه التطبيع مع إسرائيل هو بحث تلك الدول (الوظيفية) عما يساند بقاءها الذي يعرفون أنه مؤقت ومحدود، لذا فإنهم يتخلون عن شعوبهم، بل يضطهدونها ويتهادنون مع العدو ليثبتهم في كراسيهم".


وردا على سؤال "عربي21" حول إقدام دول الخليج على التطبيع مع إسرائيل وإقامة علاقات رسميه معها علانية خلافا لما كانت عليه في السابق قال الغامدي: "إن العقيدة السياسية التي تربى عليها هؤلاء هي البراغماتية أي الانتهازية السياسية، التي لا تقيم اعتبارا للثوابت، لاعتمادها على النسبية المطلقة أو شبه المطلقة، وعليه فإن القيم لا تعدو في قاموسهم أن تكون أدوات يوظفونها لتكريس سلطتهم". 


وأرجع الغامدي في ختام حديثه أسباب جرأة دول الخليج على التطبيع مع إسرائيل إلى "الاستخفاف بشعوبهم التي ترفض التطبيع، وعجز النخب عن قول ما يجب قوله، وإنكار ما يجب إنكاره، إما لخوف استوطن قلوبهم، أو لوهن تجذر في نفوسهم، بعد أن مارست السلطات المستبدة عملية ترويضهم وتدجينهم لسنوات عديدة". 

التعليقات (0)