سياسة عربية

هل أصبحت "الفبركة" ديدن البرامج التلفزيونية في مصر؟

النيابة المصرية أخلت سبيل منى عراقي بعد ساعات من التحقيقات معها ومع طاقم برنامجها- يوتيوب
النيابة المصرية أخلت سبيل منى عراقي بعد ساعات من التحقيقات معها ومع طاقم برنامجها- يوتيوب

أثارت عملية إلقاء القبض على الإعلامية المصرية منى عراقي مقدمة برنامج "المهمة" بفضائية "النهار"، بدعوي اتهامها بخطف أطفال لتصوير العملية ببرنامجها، الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة البرامج التفاعلية التي يتم عرضها بالإعلام المصري.

 

وسبق أن تم اتهام الإعلامية المثيرة للجدل ريهام سعيد التى تقدم برنامجا مشابها بنفس الاتهام، وتم بالفعل حبسها للاحتيال على المشاهدين.


وأخلت النيابة المصرية سبيل منى عراقي بعد ساعات من التحقيقات معها ومع طاقم التصوير والإعداد الخاص ببرنامجها، إثر اتهامها بعرض مبلغ من المال على سيدة مقابل تصوير الأخيرة وهي تقوم بعملية خطف أحد الأطفال، من باب الإثارة والتشويق.


وفي تعليقها على اتهامها بخطف الأطفال قالت عراقي بعد إخلاء سبيلها عبر مقطع فيديو بثته على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إنها كانت خائفة من تعرضها للإدانة وحبسها مرة أخري، وعدم رؤية والدتها، زاعمة بأن السيدة التى اتهمتها هي التى عرضت عليها فكرة خطف الأطفال من أجل تصويرها ببرنامجها كحلقة شيقة.


وسبق لـ منى عراقي أن تعرضت لوقف برنامجيها "المستخبى" و"انتباه" بعد اكتشاف قيامها بفبركة بلاغات كاذبة عن شبكات تبادل زوجات وأخري للشذوذ، لتقوم بتصويرهم لحظة القبض عليهم، ثم تأكد بعد ذلك كذب البلاغات بعد أن أفرج القضاء عنهم، واتهم مقدمو البلاغات بالتشويه ونشر الفوضى والبلبلة وإلهاء المواطنين عن القضايا الحقيقية.

 

اقرأ أيضا: ما حقيقة وقف نظام السيسي برامج بسبب "تجاوزات أخلاقية"؟

وفي تعليقه على انتشار "فبركة البرامج"، أكد خبير التخطيط التلفزيوني وصناعة الرأي العام يوسف الحلواني أن الإعلام المصري بشكل عام أصبح عنوانا للفبركة، ليس في البرامج التفاعلية أو الجماهيرية فقط، وإنما في البرامج السياسية التى من المفترض أنها تشكل الرأي العام.


وأضاف الحلواني لـ "عربي 21" أن البحث عن الإثارة في ظل عدم المحاسبة وتوجيه جهود الدولة ضد الإعلام المعارض للنظام الحاكم، أدى إلى التوسع في سياسة برامج الفبركة، التى لها تأثيرات سلبية متعددة، أبرزها افتقاد مصداقية الإعلام وما يتم تقديمه، وترسيخ فكرة الاحتيال والنصب.

 

ودعا الحلواني الجهات المعنية إلى ضرورة اتخاذ مواقف حاسمة، لا أن تترك الأمور لتقديرات المسؤولين عن القنوات الفضائية في استمرار البرنامج من عدمه أو في استمرار المذيع أو الاستغناء عنه.


وأشار الحلواني إلى أن توسع الفبركة في الإعلام، ليس جديدا فقد سبق أن تمت بصورة فجة كادت أن تصل للقطيعة بين مصر والجزائر بعد أحداث مباراتهما الشهيرة بالسودان في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010.

 

وتابع: "استخدم نظام مبارك تعلق المصريين بالوصول لكأس العالم في خدمة أهدافه الخاصة بعملية التوريث وتعديل الدستور من خلال تسخين الأجواء ضد الجزائر وفبركة أحداث ومشاهد تلفزيونية أشرف عليها جمال مبارك بنفسه، وهو ما يتكرر الآن قبل مباراة الأهلي والترجي بنهائيات كأس أندية أفريقيا، والتي يلعب الإعلام فيها الآن دورا سيئا ما أدى لتوتر الأجواء بين الطرفين".

 

اقرأ أيضا: حبس مذيعة مصرية 4 أيام بتهمة التحريض على خطف أطفال

وأوضح الحلواني أن معظم المواد الإعلامية التي تم تقديمها لتشويه الرئيس المنتخب محمد مرسي كانت مفبركة، مثل بيع الأهرامات وقناة السويس لصالح قطر، ووجود ميلشيات مسلحة تابعة للإخوان المسلمين، وفبركة لقطات مصورة لأحداث غير حقيقية أو وقائع صغيرة يتم تضخيمها من خلال وسائل مختلفة دون التحقق من صحتها أو التأكد منها، ما كان له تأثير سلبي ضد مرسي والإخوان، قبل وبعد انقلاب 3 تموز / يوليو 2013.


وأضاف الباحث السياسي حسن قاسم لـ"عربي 21" أن النظام المصري يدعم هذه النوعية من البرامج، لأنها تشغل الرأي العام عن القضايا الحياتية، وتدفعه للاهتمام بأمور بعيدة عن الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية.

 

وقال: "لذلك فإن معظم القضايا التى ترتبط بهذه البرامج لا يتم اتخاذ إجراءات قانونية مؤثرة تجاهها".


وأكد قاسم أن "هناك أكثر من 50 صحفيا وسياسيا بارزا محبوسين منذ عدة أشهر، بتهمة نشر أخبار كاذبة، مثل المستشار هشام جنينة والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والسفير معصوم مرزوق وشادي الغزالي حرب ومحمد القصاص ومن الصحفيين هشام جعفر وعادل صبري ومعتز ودنان وأحمد عبد العزيز وأحمد أبو زيد وبدر محمد بدر وغيرهم، ولكن لأن هؤلاء تحدثوا في السياسة فمازالوا في السجون بحجج وتهم مفبركة، بينما نوعية منى عراقي وريهام سعيد يتم إخلاء سبيلهم بل وتقديم الاعتذار لهم، والاحتفاء بهم باعتبارهم سجناء رأي".


ويري الباحث السياسي أن مظاهرات 30 حزيران/ يونيه 2013 التي أنتجت الحالة الإعلامية التى تعيشها مصر الآن هي في الأساس "مفبركة" وبالتالي ليس غريبا أن يسير المحيط الإعلامي الذي تسيطر عليه أجهزة المخابرات الآن في نفس الاتجاه، بعد أن أصبحت الفبركة أسلوبا ومنهجا للنظام السياسي الحاكم وأدواته السياسية والإعلامية والأمنية.

التعليقات (1)
مصري جدا
الأربعاء، 07-11-2018 06:02 م
الفبركة ،،، الفهلوة ،،، نمط حياة ،، لدى غالبية المصريين ،، أفرادا وجماعات نخبة وسلطة ،،، لكن اخطرها على الاطلاق فبركة مذكرات التحريات التي تقدم للنيابة والقضاء ،، والتي على أساسها دون سواها يحكم القاضي بالمخالفة لكل الأعراف القضائية والإجراءات الجنائية ،،، يحك بالسجن وأحيانا بالإعدام ،،، وبعد فترة تظهر انها فبركة وأن الذي أعدم كان بريئا ،، الجبرتي نموذجا ،، شاب من شباب الثورة تم إعدامه